جماعة عراقية مسلّحة تتبنّى الهجوم على أبوظبي... والصدر يحذّر

03 فبراير 2022
طالب الصدر الحكومة بمنع أي هجمات تستهدف الخليج من داخل العراق (قرار عيسى/الأناضول)
+ الخط -

بعد ساعات من بيان لفصيل عراقي مسلّح أطلق على نفسه اسم "ألوية الوعد الصادق. أبناء الجزيرة العربية"، تبنى فيه الهجوم الأخير الذي استهدف العاصمة الإماراتية أبوظبي بواسطة طائرات مسيّرة، أصدر زعيم "التيار الصدري" في العراق مقتدى الصدر، بياناً شديد اللهجة، حذّر فيه من زجّ العراق في ما أسماها حرباً إقليمية خطرة، مطالباً الحكومة بمنع انطلاق أي هجمات تستهدف دول الخليج من داخل الأراضي العراقية.

وفجر اليوم الخميس، تبنّت جماعة تطلق على نفسها اسم "ألوية الوعد الصادق.. أبناء الجزيرة العربية" عبر بيان لها نشرته منصات على تطبيق "تلغرام" مرتبطة بمليشيات عراقية مسلحة، الهجوم، قالت فيه إنه وُجِّهَت ضربة بواسطة 4 طائرات مسيَّرة استهدفت منشآت حيوية في أبوظبي.

وتوعدت الجماعة غير المعروفة، بتوجيه ضربات أخرى بالقول: "ستستمر ألوية الوعد الحق بتوجيه الضربات الموجعة إلى أن ترفع (...) الإمارات يدها عن التدخل في شؤون دول المنطقة، وفي مقدمتها اليمن والعراق".

وقال الصدر في بيان له، نُشر على حسابه الرسمي في موقع "تويتر"، أيضاً، إنه "بعد العنف المتصاعد في العراق من قبل جهات مسلحة إرهابية ضد مصالح الشعب والكتل السياسية، سارع بعض الإرهابيين الخارجين عن القانون إلى زجّ العراق بحرب إقليمية خطرة، من خلال استهداف دولة خليجية بحجة (التطبيع) أو بحجة حرب اليمن أو ما شاكل ذلك".

وأضاف: "عموماً فإني أرفض رفضاً قاطعاً زجّ العراق بمثل هذه الصراعات، وأضمّ صوتي للمطالبين بوقف الحرب ضد اليمن، وأضم صوتي إلى وقف التطبيع مع العدو الصهيوني"، مستدركاً القول: "إلا أن ذلك لا يكون بالعنف والاقتتال، بل بالحوار والتفاهم مع الدول الإقليمية، ولا يكون بتعريض المقدسات في العراق وشعبه للخطر، فالعراق بحاجة للسلام والهيبة وعدم التبعية لأوامر الخارج".

وشدد على أنّ "من المهم ألّا يكون العراق منطلقاً للاعتداء على دول الجوار والدول الإقليمية"، داعياً الحكومة الاتحادية إلى "التعامل مع الفاعلين بجد وحزم، وإلا فإنها ستكون مقصرة، بل قد يسبب سكوتها ما لا تُحمَد عقباه".

"رسائل للإمارات والسعودية"

وتواصل "العربي الجديد"، مع الناطق باسم قيادة العمليات المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، للتعليق على صحة بيان الجماعة المسلحة، وحقيقة انطلاق الهجمات من العراق، لكنه لم يدلِ بأي تعليق، فيما تحدث جنرال عسكري عراقي آخر في بغداد لـ"العربي الجديد"، عن أن الهجوم المزعوم من داخل العراق "غير صحيح". وأضاف أن القيادة العسكرية العراقية تعتبر البيان جزءاً من حملة ضغط إعلامية للحوثيين، بتخادم مع بعض الفصائل العراقية المعروفة، بهدف إيصال رسائل معينة للإمارات والسعودية".

وتحدث عن أن القوات العراقية والتحالف الدولي لم يسجلا أي نشاط معادٍ على الحدود العراقية السعودية خلال الفترة الماضية". وحول هوية الجماعة المسلحة، قال إنها "أسماء وهمية مبتكرة لجماعات معروفة تمتلك أذرعاً إعلامية واسعة الانتشار مثل كتائب "حزب الله" و"النجباء" و"العصائب".

ويؤكد مراقبون أن الفصائل العراقية المقربة من إيران، بينها كتائب "حزب الله" و"عصائب أهل الحق" تتخفى وراء عدة أسماء، ضمن أسلوب انتهجته منذ عامين، عقب اغتيال زعيم "فيلق القدس" قاسم سليماني ومساعد قائد "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس.

وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الدفاع الإمارتية في بيان، أنها "اعترضت ودمرت 3 طائرات من دون طيار معادية، اخترقت المجال الجوي للدولة فجر اليوم بعيداً عن المناطق المأهولة بالسكان".

هل تمتلك الفصائل العراقية مسيّرات قادرة على مهاجمة أبوظبي؟

وتعليقاً على التطور، قال الخبير العسكري العقيد المتقاعد بالجيش العراقي محمد الطائي لـ"العربي الجديد"، إن "أقرب نقطة بين العراق وأبوظبي، تقع في منطقة نقرة السلمان ضمن المثلث السعودي الكويتي العراقي بمحافظة البصرة، وبمسافة تصل إلى 900 كيلومتر تقريباً".

ويضيف الطائي: "تمتلك مليشيا كتائب "حزب الله" و"عصائب أهل الحق" و"النجباء" أنواع طائرات مسيّرة ثابتة الجناح بمحرك وقود ذي أسطوانة وأسطوانتين، لقطع مسافات بعيدة، لكن هناك الكثير من الجوانب الفنية التي تجعل من الضروري مراجعتها قبل التسليم بصحة إعلان الجماعة هذه تبنيها الهجوم".

ويتابع: "مسار تحليق الطائرات يمرّ بمناطق حيوية وحساسة في الأراضي السعودية، منها عسكرية ونفطية، من الصعب جداً عدم رصد أو ملاحظة 4 طائرات مسيّرة مفخخة تقطع كل هذه المسافة في مسار تقع به مواقع مهمة مثل قاعدة الملك خالد، وقاعدة كبيرة في حفر الباطن، وهي من أضخم القواعد العسكرية السعودية في المناطق الشمالية، وكذلك منشآت الجبيل النفطية التابعة لأرامكو، وقاعدة الظهران الجوية وأخرى في الهفوف، تحتوي على منظومات رصد جوية عالية الدقة، فضلاً عن أنه يجب مراعاة حقيقة الرصد المكثف من الجانب السعودي للحدود مع العراق، منذ هجمات منشأتي بقيع وخريص عام 2019، كذلك فإن قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لم تؤكد لغاية الآن أي نشاط غير طبيعي من داخل العراق".

وأشار إلى أنه "مع ذلك، فإن التعامل مع فرضية الهجوم من داخل الأراضي العراقية، وأنه وقع فعلاً، فهذا يعني أن المليشيات في العراق حصلت على طائرات هجومية مسيّرة، التي فعلياً لا تحتاج إليها داخل العراق، حيث تفرض سيطرتها على جميع المناطق، كذلك فإن مطار أربيل الذي يبعد نحو 40 كيلومتراً عن آخر مناطق انتشار "الحشد الشعبي"، استُهدِف سابقاً بطائرات بدائية من الجيلين الأول، ما يعني أن هناك قراراً بإدخال تلك المليشيات في الملف اليمني، تحديداً عبر تهديد دول الخليج العربي، كورقة ضغط إيرانية أخرى".

ومنتصف سبتمبر/أيلول 2019، شهد العراق جدلاً مماثلاً، بعد الهجوم العنيف الذي تعرضت له منشآت نفطية سعودية في بقيع وخريص شرقي الرياض، وأعلنت حكومة رئيس الوزراء آنذاك عادل عبد المهدي، نفيها بشكل قاطع أن يكون الهجوم من داخل الأراضي العراقية.

وقالت الحكومة في بيانها: "ينفي العراق استخدام أراضيه لمهاجمة منشآت نفطيّة سعوديّة بالطائرات المسيّرة، ويؤكد التزامه الدستوري بمنع استخدام أراضيه للعدوان على جواره وأشقائه وأصدقائه". وأضاف البيان أن "الحكومة العراقية ستتعامل بحزم ضد كل من يحاول انتهاك الدستور، وقد شكلت لجنة من الأطراف العراقية ذات العلاقة لمتابعة المعلومات والمستجدات"، لكن تلك اللجنة لم تعلن أي نتائج في حينها.

وأعقب البيان الحكومي العراقي، اتصال هاتفي بين رئيس الحكومة آنذاك عادل عبد المهدي، ووزير الخارجية الأميركي السابق مايك بومبيو، بحث الضربات الأخيرة التي تعرضت لها المملكة العربية السعودية.

ونقل البيان عن عبد المهدي تأكيده "منع استخدام أراضيه (العراق) ضد أية دولة مجاورة أو شقيقة أو صديقة". وختم البيان نقلاً عن وزير الخارجية الأميركي قوله إن "المعلومات التي لديهم تؤكد بيان الحكومة العراقية في عدم استخدام أراضيها في تنفيذ هذا الهجوم".

المساهمون