جلسة البرلمان التونسي: ضغط إضافي لدفع سعيّد إلى الحوار

30 مارس 2022
شرطي تونسي أمام مدخل البرلمان، أكتوبر الماضي (ياسين قائدي/ الأناضول)
+ الخط -

يستعد مجلس النواب التونسي، بدعوة من رئيسه راشد الغنوشي، لعقد جلسة عامة اليوم الأربعاء لإنهاء التدابير الاستثنائية التي أقرها الرئيس التونسي قيس سعيّد منذ 25 يوليو/ تموز الماضي. 

هذه الدعوة أحدثت ارتباكاً كبيراً في الساحة السياسية التونسية بين داعم ومعارض، ودفعت بسعيّد إلى عقد جلسة، ليلة أمس الأول الإثنين، لمجلس الأمن القومي. وتناول الاجتماع، بحسب بيان للرئاسة، "الوضع العام في البلاد"، كما "تم التركيز خاصة على ضرورة احترام القانون من قبل الجميع". وأكد سعيّد، بحسب البيان، على "وحدة الدولة، وعلى أن المساس بوحدتها مسّ بأمنها وبأمن الشعب التونسي".

تتضمن جلسة البرلمان اليوم إلغاء المراسيم الرئاسية

وفي فيديو على صفحة الرئاسة، قال سعيّد إنّ "الدولة التونسية ليست لعبة وليست دمية تحرّكها الخيوط من الداخل والخارج، كما أنّ مؤسسات الدولة التونسية لا تقوم على الإرساليات القصيرة". وتابع: "تونس لها سيادة الدولة في الخارج، وسيادة الشعب في الداخل، ومن يريد أن يعبث بها، أو أن يصل إلى الاقتتال الدّاخلي، فهناك قوات ومؤسسات ستصدّهم عن مآربهم".

اجتماع البرلمان غير قانوني

وأضاف سعيّد أن اجتماع مكتب البرلمان، صباح الإثنين الماضي، "غير قانوني لأنّ المكتب هو أيضاً مجمّد كما هو حال المجلس". واعتبر ذلك بمثابة "سوء النية، ونيّة الانقلاب على الدستور". وأكد أنّ "القرارات التي تمّ اتخاذها بتاريخ 25 يوليو جمّدت المجلس، ليستفيق بعض أعضائه اليوم ويقوموا بتنظيم اجتماع افتراضي". 

وقال إنه كان عليهم انتظار المواعيد الانتخابية والاحتكام إلى الصندوق، مؤكداً أنه سينظم حواراً وطنياً حقيقياً لا مزيفاً كما حصل في السابق، بعد استخلاص نتائج الاستشارة الإلكترونية التي نظمها.

وبدا سعيّد، بين مسؤولي الجيوش والأمن، وكأنه يذكّر معارضيه بأنه لا يزال يحتكم إلى القوة الشرعية، على الرغم من أنه كان يلوح في الوقت نفسه بحوار وطني ممكن بعد استخلاص نتائج الاستشارة الإلكترونية، ولكن ليس تحت الضغط.

البرلمان يبحث إلغاء الأوامر الرئاسية

وكان الغنوشي قد وجّه رسالة رسمية إلى النواب التونسيين، لعقد جلسة عامة عند الساعة الواحدة ظهر اليوم. وتضّمن جدول الأعمال "قانون عدد 01 لسنة 2022 متعلق بإلغاء الأوامر الرئاسية والمراسيم الصادرة من تاريخ 25 يوليو 2021". كما تضمن "لائحة صادرة عن مجموعة من النواب، وجلسة عامة ثانية عن بُعد يوم السبت 2 إبريل/ نيسان (المقبل)، لإجراء حوار حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي بالبلاد".

وكان مكتب المجلس قد عقد صباح الإثنين الماضي بغالبية أعضائه، وقرر عقد جلسة عامة رسمية اليوم الأربعاء، ينتظر أن يشارك فيها نحو 120 نائباً من 217، من بينهم نواب "النهضة" و"قلب تونس" و"ائتلاف الكرامة" ومستقلون، بينما ينتظر نواب آخرون حسم مواقفهم داخل أحزابهم من هذه الخطوة، التي يبدو أنها قد تعيد توزيع بعض الأوراق في المشهد التونسي.

القيادي في حراك "مواطنون ضد الانقلاب"، مدير ديوان الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، رضا بلحاج اعتبر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الجلسة سياسية بالأساس، ورمزيتها تتمثل في إعادة طرح مسألة المؤسسات من جديد بعد 8 أشهر، وهذه هي الرسالة الأساسية، لأنه حتى بالنسبة للخارج، ولمختلف الأطراف، لا وجود لمسلك إلا بالعودة للمسار الدستوري وعودة البرلمان، ولو لفترة قصيرة".

ولفت بلحاج إلى أن "الجلسة ستدعم هذه الحجج داخلياً وخارجياً، وهو ما يفسر ارتباك سعيّد، لأن مؤسسة البرلمان موجودة ومعترف بها داخلياً وخارجياً، وهذا يمثل إشكالاً كبيراً وحقيقياً لسعيّد". وأضاف أن "هذا المسار سيسهل الخروج من المأزق، لأن سعيّد متعنّت ويواصل سياسة الهروب إلى الأمام، وهذا المسار سيخلق حججاً أكثر للداخل والخارج".

ورجح بلحاج عدم تجاوب الأطراف الحاضرة في اجتماع الإثنين (مجلس الأمن) مع ما يريد سعيّد القيام به، وهو ما يفسر الاختلاف الكبير بين بيان مجلس الأمن الذي يعده الكاتب العام للمجلس بتوافق جميع الأطراف الحاضرين، والخطاب الذي قاله سعيّد في الفيديو. 

وسيلة ضغط لفرض الحوار

ولفت إلى أن "هذه الجلسة تمثل وسيلة ضغط بغية فرض الحوار"، معتبراً أن سعيّد "بدا من خلال خطابه وكأنه محاصر، فلم يكن يتصور هذا المأزق، وكان يظن أنه نجح في فرض الأمر الواقع وتجاوز كل الإشكاليات"، مشيراً إلى "تزامن ذلك مع موقف صندوق النقد الدولي وموقف الولايات المتحدة وكلها عوامل ضغط كبيرة على سعيّد".

وكانت وكيلة وزير الخارجية الأميركي المكلفة بشؤون الأمن المدني والديمقراطية وحقوق الإنسان أوزرا زيا قد قالت، في بيان أمس الأول بعد زيارتها تونس، إن واشنطن تشعر بالقلق حيال المسار الديمقراطي في تونس، مؤكدة أهمية الشروع في عملية إصلاح سياسي واقتصادي شاملة بالتنسيق مع الأحزاب السياسية والنقابات والمجتمع المدني.


رضا بلحاج: رمزية الجلسة تتمثل بعودة المؤسسات مجدداً

وأشار بلحاج إلى أن "الموقف الأميركي رافض لتوجه سعيّد، ولكن بأسلوب دبلوماسي عبر الدعوة للحوار وإشراك الأحزاب وعودة المؤسسات وإجراء الانتخابات وإشراك المجتمع المدني"، مبيناً أن "الموقف الأميركي واضح منذ أغسطس/ آب 2021، فلا يمكن الخروج من المأزق إلا بعودة المسار الدستوري، وأن كل المسارات، الاقتصادية والمالية، مرتبطة بالسياسي".

الطبوبي يدعو لحل البرلمان

وأعلن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، في تصريح لإذاعة "موزاييك" أمس الثلاثاء، رفضه عقد البرلمان جلسة اليوم، معتبراً أن "الحل يكمن في حل البرلمان وليس تجميده، والذهاب إلى انتخابات مبكرة سريعاً، والحوار بين كل الأطراف لبحث حلول للأزمة في البلاد". 

ودعا الأمين العام للحزب الجمهوري، عصام الشابي، في تصريح لإذاعة "شمس" أمس الثلاثاء، إلى عدم اعتبار دعوة مكتب البرلمان لتنظيم جلسة عامة اليوم خطوة مغالبة، مؤكداً أنها يمكن أن تكون جزءاً من الحل، ومطالباً سعيّد "بالتقاط هذه الفرصة وتحويلها إلى حل للأزمة التي تعيشها البلاد".

في المقابل، اتهم الأمين العام لحركة الشعب، زهير المغزاوي، أحد أبرز الداعمين لسعيّد، الغنوشي باللجوء "إلى أساليب خطيرة، من خلال محاولة خلق شرعيتين في تونس"، في إشارة إلى اجتماع مكتب البرلمان. وانتقد، في تصريح إذاعي، سعيّد، محمّلاً إياه مسؤولية الأوضاع التي آلت إليها البلاد، بما في ذلك محاولات عودة البرلمان لنشاطه.