جلسة استئناف بمحكمة بئر السبع بقضية تهجير أهالي قرية رأس جرابة

29 مايو 2024
الطريق نحو ديمونا، التي تقع رأس ضمن منطقة نفوذها، 22 إبريل 2021 (أحمد غرابلي/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في جلسة بالمحكمة المركزية في بئر السبع، نوقش استئناف مركز عدالة ضد قرار إخلاء أهالي قرية رأس جرابة لتوسيع ديمونا، معتبرًا السكان مقيمين غير قانونيين رغم إقامتهم لأكثر من 45 عامًا.
- المحامية ميسانة موراني من مركز عدالة تنتقد قرار المحكمة وتشير إلى تجاهل الخدمات المقدمة للسكان وضغوط فاشلة للتوصل إلى اتفاق يحفظ حقوقهم، مع رفض سلطة أراضي إسرائيل للمحادثات.
- الاستئناف يتطرق للأسس الدستورية وانتهاكات حقوق السكان في الكرامة والسكن، معتبرًا القرار تطبيقًا للفصل العنصري ومساسًا بحقوق السكان الأصليين، ويدعو لإعادة النظر في سياسات الاستيطان العنصرية.

عقدت المحكمة المركزية في مدينة بئر السبع، اليوم الأربعاء، جلسة للنظر في الاستئناف على قرار محكمة الصلح، الذي قضى بإخلاء وتهجير أهالي قرية رأس جرابة من بيوتهم، من أجل توسيع مدينة ديمونا، وبناء حيّ جديد على أنقاض قريتهم. وكان مركز عدالة الحقوقي قد قدّم في التاسع من يناير/كانون الثاني الماضي، استئنافاً إلى محكمة بئر السبع المركزية، من أجل الطعن على قرار محكمة الصلح الذي صادق على عشر دعاوى إخلاء رفعتها سلطة أراضي إسرائيل ضد كلّ أهالي القرية البالغ عددهم أكثر من 500 نسمة.

وقضى قرار محكمة الصلح الصادر في 24 يوليو/تموز، بإخلاء القرية من السكان، وهدم منازلهم بحلول الأول من مارس/آذار 2024. بالإضافة إلى ذلك، أمر السكان بدفع مبلغ 117,000 شيكل لتغطية أتعاب محامي الدولة.

وفي حديث مع المحامية ميسانة موراني، من مركز عدالة، قالت لـ"العربي الجديد": "قدمنا استئنافاً على قرار محكمة الصلح بشهر يناير/كانون الثاني، وعُقدت الجلسة اليوم، حيث قدمنا إدعاءنا أمام القضاة ليصدروا قراراً"، مضيفة أن "المحكمة ضغطت على الدولة لمحاولة الوصول إلى اتفاق معنا لإبقاء أهالي رأس جرابة جزءاً من ديمونا، لكن دائرة أراضي إسرائيل ترفض أي محادثات في الموضوع، وتشدد على وجوب نقلهم إلى قرية قصر السر".

وجاء في الاستئناف، الذي قدمته المحامية موراني، أن محكمة الصلح ارتكبت خطأً فادحاً، باعتبارها أن أهالي القرية موجودون فيها بطريقة غير قانونية، وذلك على الرغم من اعترافها بأن السكان يقطنون في موقع القرية ذاته المحدّد منذ 45 عاماً، مبررة ذلك بأن سلطة أراضي إسرائيل لم تعلم بوجودهم في المنطقة ولم توافق على ذلك، رافضة بذلك شهادة السكان حول زيارات الحاكم العسكري لهم في بدايات الخمسينيات، ووعدهم بالبقاء على أرضهم، وتقديم السلطات الخدمات لهم على مدار عقود طويلة.

وجاء في بيان مركز عدالة، أن الاستئناف أوضح أن قرار المحكمة يشكل تطبيقاً للفصل العنصري في السكن بشكل عمليّ، حيث إن المحكمة شرعنت تهجير سكان أصليين يسكنون على أراضيهم منذ عقود طويلة، على الرغم من أن هذه الأراضي مخصصة للسكن، وذلك بهدف تخصيصها لمجموعة سكانية أخرى وبهدف التهويد، ما يعني أن المحكمة صادقت عملياً على سياسة الفصل العنصري في السكن، وسمحت للدولة بتطبيق سياسة "منفصلين وغير متساوين"، والتي وفقاً لها يسكن البدو فقط مع البدو وفقط في بلدات بدوية.

وناقش الاستئناف أيضاً فشل محكمة الصلح في فحص قرار الإخلاء والتهجير، وفق المعايير الدستورية التي تم انتهاكها بشكل صريح، إذ أكد الاستئناف أن قرار التهجير ينتهك حق السكان في الكرامة والسكن، فالإخلاء لن يحرمهم من منازلهم فحسب، بل سيقوض كذلك الروابط الأسرية والعلاقات المجتمعية فيما بينهم. وتابع المركز أنه في قرارها بالتهجير، تتعامل الدولة مع السكان وكأنهم "أغراض" يمكن تحريكها ونقلها بسهولة من مكانٍ لآخر، متجاهلة بذلك تاريخهم على الأرض، ومهملة تداعيات هذا القرار على حياتهم الاجتماعية، والعائلية، والمجتمعية، والاقتصادية، مما يشكل مساً صارخاً بحقهم في الكرامة.

وأوضح مركز عدالة سابقاً أنه اعتبر قرار الحكم بتهجير رأس جرابة تجسيداً لنظام الأراضي في إسرائيل الذي يخلق نظاماً ممنهجاً للفصل العنصري، يرقى إلى جريمة الأبرتهايد، وفقاً للقانون الدولي، حيث يبرز مرةً تلو الأخرى ترجيح كفة الميزان لسياسات الاستيطان العنصرية على حساب الحقوق الدستورية المنصوص عليها في القوانين الأساسية، إذ ترى الدولة أنّه لا حرج من تهجير أهالي القرية من أراضيهم إلى قرية قصر السرّ (قرية بدوية أخرى معترف بها)، ورفض إدراجها في مخططات مستقبلية لديمونا، من أجل توطين اليهود مكانهم.

وتقع قرية رأس جرابة شرقي مدينة ديمونا، وضمن منطقة نفوذها، ويُقدّر عدد سكان القرية بـ500 نسمة ينتمون لعائلات الهواشلة وأبو صلب والنصاصرة. وتاريخياً، تتبع هذه الأرض قبيلة الهواشلة، وتُعرف باسم "الشعيرية" أو "مركبة الهواشلة"، وتمتد من منطقة كرنب (بقرب محطة الشرطة الإنجليزية الانتدابية) إلى منطقة أم دِمنى، وهي منطقة فيها بئر ماء معروفة، وعليها أقيمت البيوت الأولى في ديمونا، وسُميت باسمها. ويشكّل العرب في النقب 37% من السكان، لكنهم يحوزون 4% فقط من الأراضي.