جريمة اغتصاب متظاهرات سودانيات من القوات الأمنية: القصة الكاملة لم تكشف بعد

الخرطوم

عبد الحميد عوض

avata
عبد الحميد عوض
22 ديسمبر 2021
الاغتصاب كوسيلة قمع أمنية ضحيتها 13 متظاهرة سودانية
+ الخط -

دعت منظمات حقوقية دولية ومحلية، للتحقيق بسرعة في مزاعم حول تعرض فتيات سودانيات للاغتصاب من قبل القوات النظامية الأحد الماضي أثناء فض مليونية 19 ديسمبر/ كانون الأول.

وكانت مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة (حكومية) سليمى إسحق، من كشف عن الحادثة أولًا، مؤكدة تعرض فتاتين للاغتصاب، قرب محيط القصر الرئاسي بالخرطوم، مع تجمع آلاف السودانين والسودانيات في موكب رافض لاستمرار الانقلاب العسكري، قبل أن تفض القوات الأمنية الموكب لاحقًا.

وأشارت المسؤولة الحكومية في تصريح صحافي، إلى أن حالات تحرش أخرى وقعت من قبل القوات النظامية في ذات الموكب، مبينة أن الضحيتين يتلقين الرعاية الطبية والدعم النفسي، فيما دعت إلى محاسبة المتورطين وتقديمهم للمحاكمة.

وأثارت الحادثة استياء بالغاً في الشارع السوداني، خصوصاً لدى منظمات الدفاع عن المرأة والمنظمات الحقوقية عامة، كما أعادت الحادثة إلى الأذهان، حوادث الاغتصاب الذي مارسته مليشيات حكومية في إقليم دارفورخلال فترة الحرب الأهلية منذ العام 2003، كذلك أعادت للأذهان حوادث مماثلة رافقت فض اعتصام محيط قيادة الجيش السوداني في الثالث من يونيو/حزيران 2019، بحسب مؤسسات حقوقية.

وأوضحت إسحق في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، اليوم الاربعاء، أن العدد الكلي لحالات الاغتصاب الموثقة ارتفع إلى 8 حالات، مشيرة إلى أنها تتوقع "حضور أخريات في الأيام المقبلة بعد كسر حاجز الخوف والكشف عن ما تعرضن له للحصول على الدعم الطبي والنفسي المطلوب في مثل هذه الحالات".

وأكدت أن وحدتها تسعى مع مختلف الجهات لفتح تحقيق شفاف حول ما جرى، على أن ينتهي بتقديم المجرمين للمحاكمة، فيما دعت لمشاركة منظمات المجتمع المدني والمجموعات الحقوقية الوطنية والمستقلة والموثوقة بعمليات التحقيق، لا سيما وأن هناك عددًا من الجهات أعلنت مسبقاً استعدادها للمشاركة.

واستبعدت مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة، فرضية ارتكاب الجريمة كجزء من تفلتات فردية داخل القوات الأمنية النظامية، مرجحة أن تكون العملية منظمة كلياً. ونوهت إلى أن عددًا من "المغتصبات وبشجاعة نادرة تقدمن ببلاغات جنائية أمام النيابة، وأن من الواجب التعامل مع الجريمة بعيداً عن الوصمة الاجتماعية، والتعاطي معها كجريمة تمس الدولة والمجتمع ومحاصرتها كجريمة تستخدم كسلاح في النزاعات".

أكثر من 50 جسماً ومنظمة وحركة ومبادرة نسوية سودانية ستسير مواكب يوم غد الخميس تنديدًا بالاغتصاب وتضامنًا مع الضحايا.

 

ولم يصدر أي تعليق حتى اللحظة من القوات النظامية حول هذه الاتهامات.

من جهتها، أكدت السكرتير العام لمبادرة "لا لقهر النساء" تهاني عباس، أن الرجوع لسلاح العنف المبني على النوع الاجتماعي بواسطة القوات النظامية هو أمر ممنهج ومرتب له، إذ تريد به السلطات الانقلابية الضغط على المرأة السودانية لمنعها من المشاركات في الحراك الثوري ضد الانقلاب، إضافة للضغط على الأسر لمنع بناتها من الذهاب إلى المواكب حماية لهن من مثل تلك الممارسات، بحسب قولها.

وبينت عباس في حديث لـ"العربي الجديد"، أن للنساء دور كبير في الاحتجاجات الحالية، مشيرة إلى أن تلك المشاركة النسوية تأتي رغبة من المرأة السودانية في المشاركة بإسقاط الانقلاب من أجل ضمان كرامة الإنسان السوداني عامة، والنساء بشكل خاص، مشددة على ضرورة إجراء تحقيق عاجل في تلك الانتهاكات وتقديم المتورطين للمحاكمة "حتى لا يفلتوا من العقاب كما أفلت أمثالهم في اغتصابات دارفور وغيرها".  

وأعلنت عباس أن أكثر من 50 جسماً ومنظمة وحركة ومبادرة نسوية سودانية ستسير مواكب يوم غد الخميس في جميع مدن العاصمة الخرطوم، رفضًا للاغتصاب والتعدي الجنسي في كل السودان، وللتضامن مع الثائرات اللواتي تم اغتصابهن من قبل القوات الأمنية في موكب 19 ديسمبر/ كانون الأول.

من جانب آخر، ذكر بيان صادر عن منبر "نساء الحرية والتغيير"، أن الواقعة تؤكد أن مليشات النظام ما زالت تمارس جرائمها البشعة من قتل وسحل واغتصاب تحت حماية الانقلابيين، فيما حمل المنبر ما حدث للسلطة الانقلابية ورئيسها عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو"حميدتي" قائد مليشيات الدعم السريع.

هيئة محامي دارفور: جرائم الاغتصاب لم تكن فردية؛ بل كانت جماعية وممنهجة

 

ودعا المنبر كل المنظمات المحلية والدولية العاملة فى حقوق الإنسان إلى تكوين لجنة حقوقية دولية للتحقيق فى ذلك، كما أكد البيان أن تلك الجرائم لن تكسرعزيمة النساء بالخروج في كل مليونيات رفض الانقلاب حتى سقوط نظام العسكر ومختطفي الثورة.

اغتصاب المتظاهرات وتهديدهن بفتح بلاغات ضدهن بتهمة ممارسة الدعارة

بدوها، أصدرت هيئة محامي دارفور بياناً، أوضحت فيه أنه ومن خلال تحرياتها ثبت لها أن الضحايا من الفتيات تعرضن للتهديد بفتح بلاغات ضدهن بممارسة الدعارة لإجبارهن على الصمت، ودعت الهيئة كل المغتصبات واللائي تم التحرش بهن للحديث والانضمام للآخريات في ملاحقة الجناة، وأعلنت الهيئة عن تعاونها مع غرفة طوارئ المحامين للمشاركة في التحقيق، كما ناشدت كل منسوبي مهنة المحاماة لتكوين هيئة كبرى لملاحقة الجناة.

وقال نائب رئيس مجلس أمناء هيئة محامي دارفور الصادق علي حسن لـ"العربي الجديد"، إن بروز ظاهرة الاغتصاب يمثل تطور جديداً ضد مناهضي الانقلاب العسكري، مشيرًا إلى أن أول حالة اغتصاب قد سجلت خلال موكب 6 ديسمبر/كانون الأول الماضي، مبينًا أن أسرة الفتاة المغتصبة ظلت تتكتم خشية من وصمة العار المجتمعية.

وأكد ارتفاع العدد في موكب 19 ديسمبر/ كانون الأول، كما أكد أن الممارسة لم تكن فردية؛ بل كانت جماعية وممنهجة، "جرى اغتصاب العديد من النساء حول محيط إستاد الخرطوم، وهنالك فتاتان اغتصبتا بالقرب من ساحة (اتني) وسط الخرطوم، بخلاف الحالات المرصودة وهي 13 حالة"، كما يقول.

وتوقع حسن في حديث مع "العربي الجديد"، وجود حالات أكثر من ذلك، مشيراً إلى أن إصرار بعض الفتيات على ملاحقة الجناة يدلل على تنامي الوعي وسط المجتمع السوداني والمرأة بالذات، وهو الأمر الذي سيساعد في مكافحة الظاهرة.

وكانت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان قد حثت الحكومة السودانية على القيام بتحقيق مستقل وشامل بشأن تلك المزاعم التي طالت 13 إمراة وفتاة بالتعرض للاغتصاب من طرف قوات الأمن خلال مليونية الأحد 19 ديسمبر/كانون الأول.

وشدد المتحدث باسم المفوض السامي لحقوق الإنسان ليز ثروسيل في بيان، على ضرورة الإعلان عن نتائج التحقيق للرأي العام مع حماية حقوق المتظاهرين خلال التجمعات المخطط لها الإسبوع المقبل وما بعده.

ذات صلة

الصورة
مخيم نزوح في مدينة القضارف - شرق السودان - 14 يوليو 2024 (فرانس برس)

مجتمع

في تحذير جديد، أفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بأنّ الجوع والنزوح وتفشي الأمراض، وسط حرب السودان المتواصلة، تشكّل "مزيجاً قاتلاً".
الصورة
عناصر من "الدعم السريع" في الخرطوم، 2019 (فرانس برس)

سياسة

أدى هجوم شنته قوات الدعم السريع على قرية في ولاية الجزيرة وسط السودان إلى مقتل "ما قد يصل إلى 100" شخص، وفق ما أعلنت لجنة ناشطين مؤيدة للديمقراطية الخميس.
الصورة
توزيع مساعدات غذائية لنازحات من الفاشر إلى القضارف (فرانس برس)

مجتمع

ترسم الأمم المتحدة صورة قاتمة للأوضاع في مدينة الفاشر السودانية، وتؤكد أن الخناق يضيق على السكان الذين يتعرّضون لهجوم من كل الجهات.
الصورة
متطوعون في مبادرة لإعداد وجبات طعام بود مدني (فرانس برس)

مجتمع

زادت الحرب في السودان عدد المحتاجين الذين وقعوا ضحايا للظروف السيئة وواقع خسارتهم ممتلكاتهم وأعمالهم واضطرارهم إلى النزوح.