جدل في ألمانيا بعد الانسحاب من أفغانستان واتهامات لميركل بالتبعية لواشنطن

29 اغسطس 2021
انتقادات لميركل بعد الانسحاب من أفغانستان (Getty)
+ الخط -

مع انتهاء مهمة القوات المسلحة الألمانية "البوندسفير" في أفغانستان، على وقع الكارثة وعمليات التفجير والقتل وسيطرة حركة "طالبان" على البلاد في 15 من أغسطس/آب الحالي، والانهيار الدراماتيكي للقوات الأفغانية، ينصبّ النقاش حالياً في برلين على السياسة الخارجية والأمنية، وسط انتقاد المسار الحكومي في التعامل مع الوضع الكارثي في كابول، مع تحميل المستشارة أنجيلا ميركل مسؤولية ذلك، مع اتهمامها بالتبعية لواشنطن، وهو الذي أنتج هذا الواقع المرير والفشل في المواجهة والصمود أمام الحركة، بعد 20 عاماً من التدريب والدعم اللوجستي والتسليح وغيره، للقوات الأفغانية، بحسب المعارضة.

وفي هذا الإطار، أشارت شبكة "ايه ار دي" الإخبارية، إلى أن ميركل لم يكن بإمكانها أن تلخّص عجزها بشكل أفضل، ومن الواضح أن الحكومة فقدت السيطرة مع انسحاب قوات البوندسفير، وباتت غير قادرة على التصرف ووضع خطط الطوارئ موضع التنفيذ.

وتابعت: "حتى أن الأطراف الدولية تركت أفغانستان لمصيرها وتخلّت عن الأفغان المتعطشين للحرية والأمن، ورمتهم في جحيم الإسلاميين، وباتوا محاصرين بسبب صراع القوة بين طالبان وداعش، فيما بقي الآلاف من الأشخاص المحتاجين للحماية والذين وعدتهم الحكومة بالإجلاء والمساعدة". 

وإزاء التطورات المتسارعة في أفغانستان، لا سيما بعد تفجيري مطار كابول، اللذين تبناهما تنظيم "داعش" الإرهابي، أبرزت التعليقات فشل ميركل في التعامل مع الوضع في أفغانستان، بعد أن كانت لعبت دوراً حاسماً في جعل ألمانيا وأوروبا والغرب جهة جيوسياسية فاعلة ذات مصداقية، كما خاضت دور الوساطة في الصراعات، إن كان في ليبيا أو بين أوكرانيا وروسيا.

وأردفت التعليقات أن التحاق ميركل بالرئيس الأميركي جو بايدن وقراره الانسحاب غير المشروط لسلفه دونالد ترامب، بناء على تواريخ رمزية مثل 11 سبتمبر/أيلول، وبالتالي دفع الحلفاء إلى حالة العجز التي فرضوها على أنفسهم، برهن عن "ضعف وسذاجة"، بحسب المنتقدين الذين قالوا إن ميركل لم تمتلك في الانسحاب مجالا للمناورة على غرار باقي حلفاء واشنطن. 

في ألمانيا، يدور الحديث عن فشل أجهزة الاستخبارات الخارجية الألمانية في تقدير قدرات "طالبان"، وغياب معطيات أساسية عن الحكومة الاتحادية التي لها الدور في تقييم التقارير والتحليلات الأمنية، ما وضع برلين في موقف محرج جعلها عاجزة عن تقديم تفسيرات بشأن ما حصل.

كما لا تستبعد، أوساط إعلامية، أن يصار لاحقاً إلى قرار بإنشاء لجنة تحقيق برلمانية واستدعاء ميركل كشاهدة، وتحميلها المسؤولية السياسية عن فشل أجهزة الاستخبارات الاتحادية في أفغانستان، إذ أن الأخيرة تقع تحت مسؤولية مكتب المستشارية.

وفي السياق ذاته، برزت علامات استفهام عما يمكن أن تحققه ألمانيا حقاً في السياسة الأمنية والخارجية بعد واقع أفغانستان. وتناول هذا الموضوع رئيس كتلة حزب ميركل، المسيحي الديمقراطي في البوندستاغ، رالف برينكهاوس، الذي تحدث لـ"شبيغل"، عن الشكل الذي يجب أن تبدو عليه هذه السياسة في المستقبل.

في حين توصل الخبير في السياسة الخارجية يوهان فادفول إلى استنتاج مفاده وجوب الخروج من التبعية الأميركية وإنهاء هذا العجز الأوروبي.

واعتبر أن الموقف في أفغانستان حدث برمته، لأن اثنين من الرؤساء الأميركيين أمرا بإنهاء المهمة في أفغانستان على وجه السرعة.

ووفقاً لفادفول، كان يجب أن تكون هناك استعدادات في الإطار الأوروبي لبذل المزيد من الجهد، بينما كان يجب على الجيش الألماني أن يكون مجهزاً بالشكل المناسب. 

أما السياسية عن الحزب الليبرالي الحر، ماري اغنس شتراك تسيمرمان، فأبدت خشيتها من موجة جديدة من الإرهاب، بعد أن بات الوضع على الأرض في كابول مأساوياً.

وقالت تسيمرمان، لـ"ايه ار دي" الإخبارية، إن "القلق كبير. إن ما حاولنا بناءه سوف يتم تدميره، وأفغانستان ستصبح مرة جديدة مرتعاً للإرهاب".

من جهته، وجّه السياسي عن حزب الخضر، يورغن تريتن، اتهامات للحكومة الاتحادية، قائلاً إنه بات بإمكان "طالبان" ابتزازنا واحتجاز من تعاون معنا. يجب اتخاذ خطوات سياسية تجاه تلك الحركة.

وبحسب وزارة الدفاع الألمانية، لا يزال هناك حوالي 300 ألماني في أفغانستان.

وساهمت ألمانيا، حتى الآن، في إجلاء 5347 شخصاً من أفغانستان، بينما ينتظر 10 آلاف آخرون إجلاءهم من قبل برلين.

وقد اعتبر المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفن زايبرت، وفق ايه ار دي، أن هناك شعورا بالمسؤولية والقلق تجاههم لا ينتهي مع انتهاء الجسر الجوي، وبدلاً من ذلك سنحاول القيام بخيارات مختلفة، بما في ذلك المساعدة في مغادرتهم البلاد.  

المساهمون