تصر أحزب معارضة في الجزائر على وصف الناشطين المعتقلين في السجون "بسجناء الرأي السياسي"، ردا على إنكار الرئيس عبد المجيد تبون، في تصريحاته الأخيرة، وجود "معتقلي رأي" في الجزائر، وتجدد هذه الأحزاب مطالبتها السلطة السياسية بفتح حوار سياسي جاد يتيح تحقيق توافق وطني، ووقف التضييق على الحريات وإنهاء الاعتقالات في صفوف الناشطين المعارضين والملاحقات القضائية بحقهم، والإفراج عن الموقوفين منهم في السجون.
ردت أحزاب تقدمية معارضة في الجزائر سريعا على تصريحات أدلى بها الرئيس عبد المجيد تبون أمس، بشأن قضايا سياسية محلية، بينها رفضه وجود قضية معتقلي الرأي في الجزائر. ونشر رئيس الحركة الديمقراطية الاجتماعية فتحي غراس بيانا اعتبر فيه أن "الاعتقالات المتواصلة، التي تطاول كل المتمسكين بمطلب التغيير الديمقراطي في الجزائر، رد يعكس وبشكل فاقع مستوى الإفلاس السياسي الذي وصلت إليه السلطة، والتي تعي بدورها أنها لا تملك القدرة على إقناع الجزائريين بخياراتها"، مشيرا إلى أنه "في غياب الخطاب السياسي المزود بالحجج العقلانية، والملتزم بالأطر القانونية والمؤسساتية وبالأعراف والتقاليد التي تميز الممارسة السياسية الحديثة من موقع السلطة، فان السلطة تجنح إلى خطاب التهديد والوعيد المنفلت من أي ضابط، والمنعكس في الانتهاكات المستمرة للحقوق والحريات".
وكان الرئيس تبون قد رفض، في حوار تلفزيوني سجل السبت الماضي وبث الليلة الماضية، الحديث عن وجود معتقلي رأي في الجزائر، ووصف ذلك بأنه "أكذوبة القرن، لا يوجد شخص مسجون بسبب أفكاره"، معتبرا أن المعنيين متهمون "بالسب والشتم الذي يعاقب عليه القانون"، مضيفا أنه لا يوجد أي صحافي في السجن بسبب ممارسة المهنة في الجزائر أيضا". وشدد على أنه مصمم على "متابعة هؤلاء الذين يسيئون للجزائر ولن أتركهم لحالهم"، على الرغم من أن عددا من هؤلاء معنيون بقانون عفو خاص ضمن مبادرة "لم الشمل"، يعتزم الرئيس إحالته إلى البرلمان قريبا.
وبخلاف موقف الرئيس تبون، يتمسك حزب العمال (يساري) بوسم النشطاء الموقوفين في السجدون بأنهم "سجناء سياسيون ومعتقلو رأي"، وأفاد بيان أعقب اجتماع قيادة الحزب بأن "الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي لم يخص في نهاية المطاف سوى عدد قليل من السجناء، بينما تم الإقدام على النطق بإدانات ضد آخرين واعتقالات جديدة"، داعيا السلطات إلى "إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي ورفع جميع القيود المفروضة على ممارسة كل الحريات الديمقراطية".
وقبل ذلك، كان السكرتير الأول لجبهة القوة الاشتراكية، يوسف أوشيش، قد جدد التعبير، في مؤتمر لكوادر الحزب، عن القلق من استمرار سياسيات الإغلاق السياسي، وقال إنه "لا يمكن الحديث عن جبهة داخلية وعن تماسكها والإغلاق المحكم المباشر وغير المباشر للمجال السياسي والإعلامي لا يزال مستمرا، وبالمقابل، يتم ترجيح الرؤى الأحادية ويتم تفضيل سياسات المرور بالقوة، ومنع كل أشكال التأطير الحقيقي والانتظام الحر للمجتمع، وأكثر من ذلك، يتم سن أرمادة من القوانين المثبطة لكل الحريات الأساسية".
وأكد أوشيش ضرورة إجراء حوار وطني شامل، وأوضح أن "التحديات التي تواجهها البلاد على جسامتها، على المستوى الداخلي أو الخارجي، تستوجب التوافق بين كل القوى الحية للأمة، وعبر حوار شامل وجامع، على خريطة طريق واضحة المعالم للخروج من الأزمة متعددة الأبعاد التي تتخبط فيها بلادنا، وتؤسس لمشروع وطني يلتف حوله كل الجزائريات والجزائريين".