جدل استباقي بخصوص تعيين الغرياني مستشاراً للغنوشي

26 أكتوبر 2020
حسم التعيين بين يدي الغنوشي (ياسين قايدي/ الأناضول)
+ الخط -

أثارت الأنباء بخصوص تعيين آخر أمين عام لحزب "التجمع الدستوري الديمقراطي" المنحل، محمد الغرياني، مستشارا بديوان رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي، مكلفا بملف المصالحة، ردود أفعال متباينة. 
وأكد مصدر برلماني لـ"العربي الجديد"، اشترط عدم ذكر اسمه، وجود نوايا حقيقية لدى الغنوشي لتعيين الغرياني في ديوانه، وهو ما لم ينفه الغرياني في حديثه لـ"العربي الجديد".
وفيما قال إنه "لم يصدر أي شيء بشكل رسمي"، استدرك بالقول "شرف كبير لي أن أقوم بهذه المهمة"، مؤكداً نبأ لقائه بالغنوشي منذ أيام وحديثه معه حول ملف المصالحة الوطنية.
بدوره أكد عضو مجلس شورى حركة "النهضة" منذر الونيسي، في تصريح صحافي، عرض الغنوشي على الغرياني تعيينه مستشارا في ديوان رئيس مجلس الشعب، معتبراً أن "تكليف الغرياني بملف المصالحة وتعيينه في ديوان رئيس البرلمان دليل على أن البرلمان هو برلمان كل التونسيين". 
وتابع الونيسي قائلا إن "الغرياني كفاءة وقام بمراجعاته وكل من يريد خدمة هذا الوطن فمرحبا به". 
وفي مقابل ذلك، علّق النائب المعارض عن حزب "الوطنيين الديمقراطيين الموحد" منجي الرحوي، في تدوينة على صفحته بموقع "فيسبوك"، على ذلك بالقول "إلى رهوط الفساد والإفساد: أنت شخص (الغرياني) غير مرحب به في مجلس نواب الشعب".


واعتبر أمين عام "حركة الشعب" زهير المغزواي، في تصريح صحافي، أن "الغنوشي تجاوز صلاحياته لأن موضوع المصالحة ليس من مشمولات (اختصاصات) رئيس البرلمان، إنما هو من مشمولات مجلس نواب الشعب". 
وأشار المغزاوي إلى أن رئيس مجلس نواب الشعب أعطى لنفسه أدوارا ومهام أكبر من صلاحياته، قائلا "راشد الغنوشي يريد لعب أدوار وطنية في حين أنه غير قادر على لعب أدوار داخل حزبه". وأضاف أن "راشد الغنوشي أرهق نفسه وأرهق تونس".


وعمل الغرياني في عدة مناصب قبل الثورة، آخرها سفيرا لتونس بلندن، قبل أن يشغل منصب آخر أمين عام في حزب "التجمع الدستوري الديمقراطي" المنحل سنة 2011.
وبعد الثورة التونسية عام 2011، التحق الغرياني بعدة أحزاب ذات مرجعية دستورية وبورقيبية على غرار حركة "نداء تونس" وحزب "المبادرة" وآخرها حركة "تحيا تونس". 
ويعد الغرياني أول مسؤول في نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي يعلن اعتذاره للشعب بعد الثورة، كما عرفت عنه دعواته للمصالحة مع الإسلاميين واعترافه بأخطاء النظام السابق، إلى جانب توطد علاقته بعدد من قيادات حزب "النهضة" وفي مقدمتهم زعيمها راشد الغنوشي. 
ويختلف الغرياني مع رئيسة "الحزب الدستوري الحر"، عبير موسي اختلافا عميقا في الرؤية والتصورات حد القطيعة، حتى أنهما هاجما بعضهما بعضا في تصريحات إعلامية سابقة، حيث اتهمها بالتطرف والسطو على الإرث الدستوري والتجمعي، فيما اعتبرته موسي خائنا للفكر البورقيبي وسببا في سقوط حزب التجمع بسبب ما وصفته بصفقات مع الغنوشي. 
ويرى مراقبون أن تعيين الغنوشي للغرياني يعد بمثابة المناورة السياسية في إطار صراعه مع موسي، يبحث من خلاله عن محاصرتها والتضييق عليها من خلال مهاجمتها من داخل عائلتها السياسية باستمالة "التجمعيين" و"الدستوريين" من جهة، ولامتصاص المشاحنات والخلافات بين الطرفين التي غذتها موسي بخطابها العنيف الذي يستهدف الإسلاميين. 

وذهب إلى التأويل نفسه، النائب عن الكتلة الديمقراطية والقيادي بحزب "التيار" هشام العجبوني، الذي اعتبر أن الغنوشي يريد تعيين الغرياني مستشارا له في البرلمان في إطار صراعه مع حزب آخر أمينة عامة مساعدة للتجمّع (موسي)، حسب ما جاء في نص تدوينة على صفحته بموقع "فيسبوك"
وبين العجبوني أن رئيس البرلمان يريد أن يحمل دافع الضريبة التونسي كلفة هذا التعيين في إطار الصراع بين حركة "النهضة" و"الحزب الدستوري الحرّ".
وقال العجبوني إنه "من حق راشد الغنوشي الاستعانة بمحمد الغرياني مستشارا خاصا له، ولكن ليس على حساب دافعي الضريبة"، فيما لا يعرف إن كان الغنوشي سيتشبث بهذا التعيين أم أنه سيتراجع عنه في ظل هذه الردود.