استنكرت جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس القرار الصادر، مساء أمس الثلاثاء، عن قطب مكافحة الإرهاب، والقاضي بإصدار بطاقة إيداع جديدة بالسجن في حق وزير العدل الأسبق، ونائب رئيس حركة النّهضة، نور الدين البحيري، في قضيّة ما يعرف بالتّجنيس (منح الجنسية التونسيّة لأجانب).
وقالت جبهة الخلاص الوطني في بيان لها، اليوم الأربعاء، إنّ "البطاقة صدرت أمس دون استنطاق البحيري، وفي غياب هيئة الدفاع التي قاطعت الجلسة لرفض طلباتها الأوليّة من قبل قاضية التحقيق".
وذكرت الجبهة أنّ قاضي التحقيق سبق له أن استمع مرّتين للبحيري في هذا الملفّ، وقرر الإبقاء عليه بحالة سراح قبل أن يقع تعويضه بالقاضية الجديدة بموجب مذكّرة عمل، وليس بقرار من المجلس الأعلى للقضاء.
ولفتت إلى أن "الهدف هو التنكيل بالبحيري الذي يقبع في السّجن لأكثر من سنة، بعد اتّهامه بنشر تدوينة لم يثبت البحث وجودها أصلاً، فضلاً عن كونها تهمة تتعلق بمصادرة حرية الرأي بموجب المرسوم الـ 54".
وطالبت الجبهة بـ"إطلاق سراح البحيري فوراً وكفّ كلّ التتبعات الجارية ضده من أجل تهم واهية"، مشيرة إلى أن "التّنكيل والملاحقة السجنيّة لا تقتصر على قيادات جبهة الخلاص الوطني وقيادات حركة النهضة، وإنما تطاول مختلف فئات المجتمع من سياسيين وإعلاميين ومدونين ونقابيين ورجال أعمال للجم أصواتهم إزاء عجز السلطة عن إدارة شؤون البلاد ومعالجة الأزمة المالية والاجتماعية الحادة".
جبهة الخلاص: السلطة التنفيذية تحاكم البحيري
وقال مستشار رئيس حركة النّهضة، والقيادي بجبهة الخلاص الوطني، رياض الشعيبي، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "قرار سجن البحيري على خلفية قضية منح جوازات سفر والجنسية لأجانب عندما كان على رأس وزارة العدل، لا يستقيم، لأنه لم يكن المسؤول المباشر عن هذا الأمر، وتبين لهيئة الدفاع وجود إخلالات إجرائية كبيرة، فضلاً عن أن قاضي التحقيق لا يحمل الصفة القانونية التي تمكنه من التحقيق في القضية، لأنه عُيّن في قطب الإرهاب من السلطة التنفيذية دون المرور عبر المجلس الأعلى للقضاء، بحسب ما ينص عليه القانون، وفي ذلك إخلال خطير".
ولفت المتحدث إلى أن محامي البحيري "طلبوا التأجيل من أجل تقديم طعن لدى المحكمة الإدارية، ولكن يبدو أن هناك قراراً ملزماً من أعلى السلطة بإيقاف البحيري، وإصدار بطاقة إيداع جديدة في حقه"، مبيناً أن "الواضح أن القرار كان بصفة استعجالية لإيجاد مبرر للاحتفاظ بالبحيري، خاصة أن القضية الأولى حول التدوينة قاربت على الانتهاء، ورغم كل التعسف الذي استعمل فلا مناص من الحكم بالبراءة، مضيفاً أن السلطة التنفيذية مصرة على التنكيل بالبحيري، لذلك سارعت بهذا الإجراء مخترقة بذلك كل الضمانات وطلبات الدفاع التي يضمها القانون والدستور".
وقال الشعيبي إن "القرار سياسي وهم يستنكرون صدور مثل هذا القرار وهو ما يبين أن السلطة القضائية غير مستقلة، وتوظف من السلطة السياسية في قضايا ليس لها أي علاقة بأفعال مجرمة".
وقالت عضو هيئة الدفاع عن البحيري، المحامية منية بوعلي في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "الملف لا يخلو من خروقات إجرائية وشكلية وحتى أصلية، وإن القضية تتعلق بشبهة تدليس جوازات سفر ومنح الجنسية لفلسطينيَّين اثنين بطرق مخالفة للتراتيب، والمشمولين بالبحث عدة شخصيات سياسية من بينهم رئيس الحكومة الأسبق حمادي الجبالي وعدة موظفين في العدل والداخلية".
وأوضحت بوعلي أن البحيري "ترأس وزارة العدل في 2013، وأن القضية مرتبطة بقضية أخرى قديمة تعود إلى الثمانينيات، وقد تمت إثارتها مجدداً".