أعلن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، اليوم الاثنين، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين، عن الوصول إلى صفقة تطوي صفحة الخلافات المستمرة منذ ثلاث سنوات بين لندن وبروكسل حول بروتوكول أيرلندا الشمالية.
وكان سوناك قد خاض مباحثات صعبة ومعقدة، خلال الأسبوع الماضي، مع معظم الأطراف المعنية بالبروتوكول المتنازع عليه منذ أكثر من سنة، حيث التقى برئيسة المفوضية الأوروبية، كما توجّه في زيارة إلى أيرلندا الشمالية للقاء مسؤولي "الحزب الاتحادي الديمقراطي"، المضرب عن تقاسم السلطة احتجاجاً على البروتوكول الذي ينظم حركة التجارة بين المملكة المتحدة وأوروبا عبر أيرلندا الشمالية، وفقاً لقوانين الاتحاد الأوروبي ومحكمة العدل الأوروبية.
وتحقق الصفقة التي تم التوصل إليها اليوم مع بروكسل ثلاثة إنجازات أساسية، حسب ما صرح سوناك خلال المؤتمر الصحافي:
- إلغاء أي حدود في البحر الأيرلندي بما يضمن تدفقاً سلساً وأقل بيروقراطية للبضائع القادمة إلى أيرلندا الشمالية من باقي أجزاء المملكة.
- إقرار نظام الممرات الخضراء والحمراء بما يساهم في زيادة توفّر المنتجات البريطانية، بما فيها الأدوية، في أيرلندا الشمالية.
- منح أيرلندا الشمالية صلاحية إيقاف تطبيق قوانين السلع الأوروبية على أراضيها بما يحمي سيادتها، شريطة أن يعود "الحزب الاتحادي الديمقراطي" إلى تقاسم السلطة التنفيذية.
إلا أن فون ديرلاين اعتبرت أن صلاحية "فرملة" تطبيق قوانين السلع الأوروبية ليست سوى آلية عمل مقتصرة على الطوارئ، بينما ستظلّ الكلمة الأخيرة في قضايا السوق الموحدة لدى محكمة العدل الأوروبية.
واعتبر سوناك أن هذه الصفقة تمثل "فصلاً جديداً" من العلاقة بين المملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، مشيداً بالدور الإيجابي الذي لعبته رئيسة المفوضية الأوروبية عبر ترحيبها ببعض التعديلات.
كما أشار سوناك إلى أن الأحزاب السياسية سترغب بالاطلاع على بنود الصفقة بالتفصيل، معلناً منح البرلمان الحق في التصويت على الاتفاق في "الوقت المناسب".
وبخلاف ما يعلن عنه "الحزب الاتحادي الديمقراطي" من أن البروتوكول يمثل "استعماراً" لأيرلندا الشمالية، اعتبر سوناك أن اتفاقية اليوم تحافظ على التوازن الدقيق وترسم طريقاً جديداً للمضي قدماً بالنسبة لشعب أيرلندا الشمالية، كما أنها تعتبر استمراراً لاتفاقية "الجمعة العظيمة" القائمة على احترام تطلعات الأيرلنديين على اختلاف هوياتهم وتوجّهاتهم. وتم توقيع اتفاقية "الجمعة العظيمة" في العام 1998 بين بريطانيا وجمهورية أيرلندا وأحزاب أيرلندا الشمالية، ونصت على تقاسم السلطة كمخرج لإنهاء نزاع مسلح دام ثلاثة عقود.
ولم يعلن "الحزب الاتحادي الديمقراطي" بعد عن موقفه من الصفقة، علماً أنه جزء أساسي من عرقلتها منذ سنتين عبر إصراره على تعليق مشاركته في السلطة. من جهتها، رحّبت زعيمة حزب "شين فين" ميشيل أونيل بالتوصل إلى اتفاق مع الجانب الأوروبي، قائلة إن الصفقة "توفّر الحماية التي تحتاجها أيرلندا الشمالية"، كما جدّدت دعوتها لكافة الأطراف "للجلوس على طاولة السلطة التنفيذية واتخاذ القرارات التي تؤثر على حياة الناس".
والتقت فون ديرلاين بالعاهل البريطاني الملك تشارلز الثالث في وقت سابق من اليوم، وأكدت أوساط في قصر باكنغهام أن اللقاء، الذي جرى بين الملك ورئيسة المفوضية الأوروبية، تمّ "بناء على نصيحة الحكومة". وكان هذا اللقاء قد أثار "تحفّظ" مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذين اتهموا سوناك "بمحاولة جرجرة الملك إلى الساحة السياسية"، على الرغم من أن المفوضية الأوروبية أعلنت أن الاجتماع غير متعلق بالبروتوكول، وأن مواضيع أخرى تماماً سيجرى تداولها، مثل أوكرانيا والتغير المناخي.