نائب هاريس بتسوية تحت ضغط "يسار" الحزب الديمقراطي

06 اغسطس 2024
والز يتحدث في فعالية خلال ترشّحه لمنصب حاكم مينيسوتا، 8 أغسطس 2018 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **اختيار تيم والز نائباً لهاريس**: كامالا هاريس اختارت حاكم مينيسوتا تيم والز نائباً لها بعد استبعاد مرشحين آخرين مثل جوش شابيرو بسبب خلافات داخلية واعتراضات على هويته اليهودية.

- **التأثير الانتخابي والاجتماعي**: وسائل التواصل الاجتماعي شهدت تحذيرات من الطلاب والأصوات العربية والمسلمة، مما دفع هاريس لأخذ هذا الثقل الانتخابي في الاعتبار لتجنب خسارة دعمهم.

- **مزايا وعيوب تيم والز**: تيم والز يُعتبر خياراً آمناً لجمع الحزب وضمان حفز قواعده، لكنه يفتقر للخبرة في التعامل مع التحديات الكبيرة مثل الركود الاقتصادي والأوضاع في الشرق الأوسط.

اختارت كامالا هاريس، نائبة الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم الثلاثاء، حاكمَ ولاية مينيسوتا تيم والز نائباً لها في انتخابات الرئاسة الأميركية القادمة، وذلك خلافاً للتوقعات وفي تسوية بعد استبعاد مرشحين آخرين، وضعت على بعضهم "فيتو" من جانب كتل انتخابية وازنة. فقد كان المتوقع والمفترض أن يرسو اختيارها على حاكم ولاية بنسلفانيا جوش شابيرو، الذي يتمتع بشعبية كبيرة تفوق 60% في ولاية يستبعد خبراء الانتخابات أن يقوى أي مرشح على الفوز بالرئاسة من دون كسبها. لكن بالرغم من امتلاكه المواصفات والكاريزما والتاييد، أثار ترشيحه خلافات داخلية وأصرّت القوى المحسوبة على "يسار الحزب" على استبعاده، لوقوفه مع إسرائيل في الحرب على غزة، ولموقفه السلبي من الانتفاضة الطلابية ضد هذه الحرب، وتصنيفه لها في خانة "معاداة السامية".

وسائل التواصل الاجتماعي ازدحمت بتحذيرات الطلاب والأصوات العربية والمسلمة في ولايات مهمة، من عواقب اختياره. وهاريس لا تقوى كما لم يقو بايدن قبلها على تجاهل هذا الثقل الانتخابي في معركة مرهونة نتائجها بفوارق بسيطة بين المرشحَين. والمعروف أن هذه القوى امتنعت عن تأييد بايدن في الانتخابات الأولية، وهددت بعدم التصويت له في 5 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بسبب سكوته على انتهاكات إسرائيل وبما ساعد في هبوط رصيده قبل انسحابه. على هذه الخلفية اضطرت هاريس لأخذ هذا الموقف في الاعتبار وبما فرض إدخال الرقم الفلسطيني على هذا المستوى في حسابات معركة الرئاسة.

ولا يقل أهمية في استبعاد شابيرو، أن هويته، كونه يهودياً، حرّكت اعتراضات ضمنية وتحذيرات في صفوف الحزب ومهندسي الانتخابات فيه لناحية ما قد يثيره ذلك من حساسيات لطغيان الطابع اليهودي على الفريق الرئاسي لهاريس (زوجها ونائبها)، في تجربة غير مسبوقة. مرة واحدة فقط في انتخابات عام 2000، اختار المرشح الديمقراطي آنذاك آل غور، السيناتور جو ليبرمان، اليهودي، نائباً له وخسر المعركة.

في حينه، أعرب البعض عن تخوفه من ردة فعل فئات معينة من اختيار يهودي نائباً للرئيس. على الأقل لأنها كانت حالة غير مسبوقة. وعلى الأرجح أن تلك التجربة قد أخذت في الحسبان عند الحسم في قرار استبعاد شابيرو الذي كان يتقدم على الآخرين من حيث توفر الشروط، لشغل هذا المنصب، لكن حسابات الربح والخسارة فرضت تيم والز الذي يفي بشروط المرشح المقبول والمطلوب، ولو أنه لا يقدم الكثير للمعركة لكنه لا يشكل عبئاً عليها. فهو أبيض ليبرالي معتدل ومن أصول وتجرية متواضعتين (كان أستاذ مدرسة) باستطاعته مخاطبة الناخب الأبيض غير الجامعي في الولايات الصناعية في شمال الوسط والتي تقرر إلى حد بعيد نتائج هذه الانتخابات.

هاريس كانت بحاجة إلى نائب يشكل نوعاً من الرافعة وعلى قدر من الحضور البارز والجاذب برصيده ورؤيته المعروفة. بهذا المعنى فإن تيم والز غير معروف على الساحة الوطنية. اسمه برز في الآونة الأخيرة مرشحاً للمنصب الذي حظي به. وثمة همس أو ربما تخمين يبدو غير بعيد عن الواقع، أن بايدن وضع ثقله إلى جانب والز، من باب أنه الخيار "الأسلم" لجمع الحزب المنقسم خصوصاً حول حرب غزة، ولضمان حفز شرائح واسعة من قواعد الحزب على الإقبال على التصويت لمرشحة الرئاسة هاريس بعد أن كانت عازمة على المقاطعة. وهذا مكسب كبير في ضوء التقدم السريع الذي أحرزته هاريس في غضون أسبوعين والذي يؤشر إلى مدى استعداد الساحة لترجيح كفة المنافس لترامب.

في استطلاع موثوق لشبكة "سي بي أس" قبل يومين، تتقدم هاريس على دونالد ترامب بنقطة واحدة حتى الآن. على ضآلته، هذا الرقم لم يقو بايدن على تسجيله منذ افتتاح المعركة ولغاية انسحابه منها مؤخراً. ومن هنا شعور الديمقراطي بأن الميزان بدأ يميل لصالحه وسمح بالتالي باختيار وسطي لا يثير علامات استفهام كالتي أثارها نائب ترامب، جيمس فانس، الذي رسمت تصريحاته في الأيام الأخيرة أكثر من علامة استفهام حول مؤهلاته، فضلاً عن تقلبات مواقفه ومقارباته.

تيم والز من صنف آخر، لكنه يفتقر إلى ما يعوّض عن قلة خبرة هاريس في التعامل مع التحديات الكبيرة، مثل دخول الاقتصاد في حالة ركود (هبوط حاد أمس الاثنين لأسواق الأسهم لكنها عادت اليوم إلى تصحيح أوضاعها)، أو انفجار الأوضاع في الشرق الأوسط. وفي السياسة الخارجية يتساوى تقريباً مع هاريس. وفي كل حال يعطي الناخب صوته عادة للمرشح الرئاسي وليس لنائبه. لكن هذا الأخير سيؤخذ في الحسبان هذه المرة في ضوء غياب المرشح "باب أول" للمنصب الأول.