كشفت مصادر دبلوماسية أميركية في القاهرة لـ"العربي الجديد"، عن بدء الإجراءات الرسمية الخاصة بمغادرة قوات حفظ السلام الأميركية المتمركزة في جزيرتي تيران وصنافير، اللتين انتقلت السيادة عليهما من مصر إلى السعودية ضمن اتفاق تمّ التوقيع عليه بين الدولتين في عام 2016.
ومنتصف يوليو/تموز الماضي، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، خلال مؤتمر صحافي على هامش زيارته للمملكة العربية السعودية حينها، أن قوات حفظ السلام الأميركية التي تتمركز في تيران وصنافير ستغادر الجزيرتين، بعدما استقرت هناك أكثر من 40 سنة بحسب اتفاقية كامب ديفيد.
كوريلا يجول في مضيق تيران
وبحسب المصادر الأميركية، فإن الزيارة التي قام بها قائد القيادة المركزية الأميركية مايكل أريك كوريلا إلى مصر أخيراً، ولقاءه بكبار القادة العسكريين في مصر وعلى رأسهم وزير الدفاع محمد زكي ورئيس الأركان أسامة عسكر، تناولت مجموعة من الملفات، أبرزها "البدء في إجراءات مغادرة قوات حفظ السلام التي تقودها الولايات المتحدة من تيران وصنافير". وأشارت المصادر إلى أن كوريلا قام بجولة في قناة السويس ومضيق تيران، وتفقد المنطقة للوقوف على تفاصيل الوضع هناك.
استقرت قوات حفظ السلام الأميركية في الجزيرتين أكثر من 40 سنة بحسب اتفاقية كامب ديفيد
كجزءٍ من اتفاق السلام الموقع بين مصر وإسرائيل، في عام 1979، وافقت مصر على نزع سلاح المراقبين متعددي الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة، والسماح بوجود قوة من المراقبين متعددي الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة للقيام بدوريات في الجزر. وبالتالي، فإن نقلها إلى المملكة العربية السعودية يتطلب درجة من القبول الإسرائيلي من أجل المضي قدماً.
الأمن البحري يشغل الولايات المتحدة وإسرائيل
ووفقاً لبيان رسمي عن "القيادة المركزية"، فإن كوريلا الذي زار مصر الإثنين الماضي، بحث مع القادة العسكريين، مجموعة من الشواغل الأمنية المتبادلة، بما في ذلك أساليب أمن الحدود وفرص تعزيز التدريب المشترك لعمليات مكافحة الإرهاب، وفرص تعزيز الشراكة العسكرية بين الولايات المتحدة ومصر.
كما كشف البيان ذاته عن طبيعة المباحثات التي جرت بين كوريلا والفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، واللواء أركان حرب محمد ربيع، قائد الجيش الثاني الميداني. وأشار البيان إلى أن هذه المباحثات تناولت "الأمن البحري على طول القناة" التي يمر منها 12 في المائة من حجم التجارة العالمية، حيث قال كوريلا، إن "قناة السويس والشرق الأوسط أمران حاسمان للتجارة العالمية والطاقة، لذلك يجب علينا ضمان أمنهما".
ولفت بيان آخر للقيادة المركزية إلى زيارة قام بها كوريلا خلال تواجده في مصر للقوة متعددة الجنسيات في سيناء "التي تقوم بالإشراف ومراقبة شروط اتفاق السلام لعام 1979 بين مصر وإسرائيل، والتي تم إنشاؤها لتوفير حرية مرور السفن الإسرائيلية عبر قناة السويس، فضلاً عن الاعتراف بمضيق تيران وخليج العقبة كممرات مائية دولية"، بحسب البيان.
كشفت تقارير أميركية عن أن كاميرات يتم التحكم فيها عن بعد، ستحل محل قوات حفظ السلام
وكشفت المصادر الأميركية لـ"العربي الجديد"، أن كوريلا "زار مواقع الفرقة التي تقودها الولايات المتحدة للوقوف على استعدادات فنية وتقنية مرتبطة بقرار مغادرة الجزيرة".
وفي 21 يوليو الماضي، كشفت تقارير أميركية عن أن كاميرات يتم التحكم فيها عن بعد، ستحل محل قوات حفظ السلام التي تقودها الولايات المتحدة لضمان استمرار حرية حركة الملاحة الدولية عبر خليج العقبة الذي تطل عليه إسرائيل وثلاث دول عربية.
وكانت السعودية قد تسلمت جزيرة تيران، التي تقع في مدخل مضيق تيران، من مصر، إلى جانب جزيرة صنافير المجاورة في عام 2017، بعد قرار صوت عليه مجلس النواب المصري، وأثار جدلاً واسعاً في الشارع المصري في حينه.
وفي يونيو/حزيران الماضي، كشف موقع "أكسيوس" الأميركي عن وساطة قامت بها الإدارة الأميركية قبيل زيارة بايدن للمنطقة في يوليو الماضي، بين السعودية وإسرائيل ومصر، بشأن استكمال نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير الاستراتيجيتين في البحر الأحمر من السيادة المصرية إلى السيادة السعودية.
ووفقاً لما ذكره الموقع الأميركي، عرضت إسرائيل موافقتها المبدئية على نقل الجزيرة، بينما اشترطتها بحل متفق عليه بشأن قوة المراقبة متعددة الجنسيات.
وأظهر المفاوضون الإسرائيليون استعدادهم للتخلي عن القوة متعددة الجنسيات لكنهم طلبوا ترتيبات أمنية بديلة.
ووافقت الرياض على إبقاء الجزر منزوعة السلاح، كما عرضت التزاماً بالحفاظ على حرية الملاحة الكاملة للسفن عبر مضيق تيران.
ويعد مضيق تيران الممر المائي الوحيد للاحتلال الإسرائيلي من إيلات إلى البحر المفتوح، ما يسمح بالشحن من وإلى أفريقيا وآسيا دون الحاجة إلى المرور عبر قناة السويس، وكذلك المرور من قناة السويس وإليها.
وتستخدم سفن البحرية الإسرائيلية الممر المائي للوصول إلى البحار المفتوحة، الذي كان الحصار المصري له أمام الشحن الإسرائيلي في عام 1967 سبباً لاندلاع الحرب.