أعلنت وزارتا خارجية تونس والنظام السوري، في بيان مشترك، اليوم الأربعاء، تبادل فتح السفارات وتعيين السفراء بين الطرفين.
يأتي الإعلان في ظل توجه عديد من الدول العربية لإعادة تطبيع العلاقات مع النظام السوري، ومشاورات حول إعادة النظام إلى جامعة الدول العربية، بعد أكثر من عقد على عزله، على خلفية حملة القمع والترويع والجرائم التي نفذها في مواجهة الثورة السورية 2011.
وجاء في البيان الذي نشرته وزارة الخارجية التونسية على صفحتها في "فيسبوك"، ونقلته وكالة النظام السوري "سانا": "تجاوباً مع مبادرة رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيّد بتعيين سفير لدى الجمهورية العربية السورية، أعلنت الحكومة السورية موافقتها الفورية على هذا التعيين، وقررت إعادة فتح السفارة السورية بتونس، وتعيين سفير على رأسها في الفترة القليلة القادمة".
وأضاف البيان أنّ التشاور والتنسيق بين وزيري الخارجية في البلدين يتواصل "حرصاً من الجانبين على إعادة العلاقات السورية التونسية إلى مسارها الطبيعي".
وكان سعيّد وجّه بالشروع في إجراءات تعيين سفير تونس في دمشق، في 3 إبريل/ نيسان الجاري، وجاء ذلك خلال استقباله في قصر قرطاج وزير الخارجية نبيل عمار، مشدداً خلال اللقاء على "ضرورة التمسك بمبادئ السياسة الخارجية للدبلوماسية التونسية، ومن أهمها عدم الانخراط في أي محور واستقلال القرار الوطني"، بحسب بيان للرئاسة التونسية.
وشدد سعيّد على أنّ "مواقف تونس في الخارج تنبع من إرادة شعبها في الداخل"، مضيفاً "ليس هناك ما يبرر ألا يكون هناك سفير لتونس لدى دمشق وسفير للجمهورية العربية السورية لدى تونس"، بحسب مقطع فيديو نشره الموقع الرسمي للرئاسة التونسية.
وكانت الرئاسة التونسية قد أعلنت، في فبراير/ شباط الماضي، أنّ الرئيس قيس سعيّد قرر رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي التونسي في دمشق، وأنه يرى أنّ "قضية النظام السوري شأن داخلي يهمّ السوريين بمفردهم، والسفير يعتمد لدى الدولة وليس لدى النظام".
وفي يوليو/ تموز 2022، وجه الرئيس التونسي رسالة إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد مع وزير خارجية النظام فيصل المقداد إثر لقاء بينهما على هامش زيارتهما الجزائر للمشاركة في احتفالات الذكرى الستين لعيد الاستقلال.
وقالت وزارة خارجية النظام السوري، في بيان، حينها، إنّ سعيّد طلب من المقداد نقل تحياته إلى الأسد، قائلاً إنّ "الإنجازات" التي حققها النظام السوري وكذلك الخطوات التي حققها الشعب التونسي ضد ما وصفها بـ"قوى الظلام والتخلف"، تتكامل مع بعضها لتحقيق الأهداف المشتركة للشعبين في سورية وتونس.
وكان الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي قد أعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري، في فبراير/ شباط 2012، على خلفية مضي النظام في حملة قمع الثورة الشعبية السورية.
وبعد وصول الباجي قائد السبسي إلى رئاسة البلاد في عام 2015، عيّنت وزارة الخارجية التونسية قنصلاً عاماً لتونس في دمشق، مع بقاء العلاقة بين الطرفين في المستوى القنصلي.
وتسارعت أخيراً خطوات التطبيع بين النظام السوري وبعض الدول العربية. وبدأت دول الإمارات والأردن والبحرين وعمّان والجزائر خطوات التطبيع مع النظام على شكل اتفاقات وتفاهمات اقتصادية، تلتها اتصالات على مستويات وزيارات كان آخرها زيارة رئيس النظام بشار الأسد للإمارات.
وكانت الإمارات أول دولة عربية تعيد تطبيع علاقاتها الدبلوماسية مع النظام السوري حيث فتحت سفارتها في دمشق عام 2018، بعد إغلاق استمر سبع سنوات على خلفية اندلاع الثورة في سورية.
وفي مارس/ آذار 2022، أعلن النظام زيارة أجراها الأسد لدولة الإمارات، والتقى فيها ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان، ورئيس مجلس الوزراء، محمد بن راشد آل مكتوم، في زيارة هي الأولى للأسد يقوم بها لدولة عربية منذ عام 2011.
ومنذ وقوع الزلزال المدمر في شمال غرب سورية، في فبراير/ شباط الماضي، ازداد الحديث عن التطبيع مع النظام، وذلك في ظل توجه تركي أيضاً للتقارب والتطبيع معه، وجرى الحديث أخيراً عن تغيّر في الموقف السعودي واحتمال عودة النظام إلى جامعة الدول العربية.