تطرح أحزاب وشخصيات وطنية تونسية فرضية حل البرلمان بطريقة دستورية وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، لإنهاء الوضع الاستثنائي وعودة المؤسسات الدستورية. غير أن الرئيس التونسي قيس سعيد يرفض ذلك، كما يبدو.
وعُرضت على سعيد العديد من المقترحات والمبادرات والحلول لإنهاء حالة الاستثناء المستمرة منذ ما يقارب الشهرين، ومن بين أبرز المقترحات الاتفاق على تعديلات للقانون الانتخابي وتمريرها برلمانياً، والذهاب نحو انتخابات سابقة لأوانها بقانون جديد.
وكان سعيد قد ألمح، في خطابه في سيدي بوزيد، إلى قانون انتخابي جديد يستجيب لتطلعات الشعب، وسط هتافات أنصاره لحل البرلمان، ما يطرح فكرة إجراء انتخابات مبكرة. ولكن أغلب ردود الفعل جاءت رافضة لصياغة قانون بطريقة أحادية ومن دون إشراكها.
وقال نائب رئيس هيئة الانتخابات، القاضي فاروق بوعسكر، في تصريح لـ"العربي الجديد"، "إلى حدود اللحظة لا نعرف مآلات الأزمة السياسية الحالية، وما يُطرح هو سيناريوهات استفتاء أو انتخابات تشريعية سابقة لأوانها، ولكن رسمياً لا وجود لأي أفق واضح، ما جعل هيئة الانتخابات باعتبارها مؤسسة من مؤسسات الدولة الرسمية تنتظر موقفاً رسميا صادراً عن رئاسة الجمهورية".
وتابع "هذا يعني أن هيئة الانتخابات، باعتبارها مؤسسة دستورية دائمة، تتابع وتهتم بالوضع السياسي في البلاد، ومهمتها تنظيم الانتخابات بجميع محطاتها، والاستفتاء، كلما دعيت إلى ذلك، في إطار القانون والأطر الدستورية".
وبين بوعسكر "أن هيئة الانتخابات جاهزة لإجراء انتخابات مبكرة أو استفتاء، باعتبارها قد راكمت تجربة انتخابية رئاسية وتشريعية وبلدية وانتخابات المجلس الأعلى للقضاء، وتملك جهازا إداريا مركزيا وجهويا، وتستطيع الشروع في إجراء أي استحقاق انتخابي في آجال قصيرة".
وبين أن "الهيئة نجحت في رهان إجراء انتخابات مبكرة في 2019، بوفاة الرئيس الباجي قايد السبسي، حيث يفرض الدستور انتخابات في أجل 90 يوما".
وبين أن "السجل الانتخابي المعتمد في 2019 يتضمن نحو 7 ملايين ناخب، وهو عدد كبير ومحترم يستجيب للمعايير الدولية الذي يفرض ثلثي الناخبين، بينما لدينا في تونس 80% من الناخبين المسجلين"، مبيناً أن "التسجيل مستمر، وبإمكان أي ناخب تونسي بلغ 18 عاما اليوم أن يتوجه للتحيين والتسجيل في أي مقر من مقرات الهيئة".
وأكد بوعسكر "ضرورة توفر الإطار القانوني والدستوري لإجراء انتخابات أو استفتاء، كحل من حلول الأزمة". ولفت إلى أن "تنظيم الاستفتاء أسهل من التشريعية، لأنه يقوم على ورقة انتخابية واحدة بتصويت وحيد بدون الكم الهائل من المترشحين والقائمات والمنافسات".
وأكد نائب رئيس هيئة الانتخابات أن "الآجال مضبوطة في القانون الانتخابي، فإذا كان التوجه نحو انتخابات سابقة لأوانها، فإنه يجب أن تتم في أجل 90 يوماً من تاريخ انحلال المجلس التشريعي، وتقريبا نفس الآجال بالنسبة للاستفتاء، على خلاف الانتخابات الدورية العادية تضبط الهيئة خطة عمل على امتداد أشهر".
وبيّن أن "قصر الآجال لإجراء الانتخابات المبكرة يمكن أن ينعكس سلبيا، لعدم وجود متسع من الوقت لتسجيل أكبر قدر من الناخبين، ولا تتجاوز في أقصى الحالات شهرا وما يجعلها لا تتم بنجاح".
وأضاف أن "كلفة الانتخابات المبكرة أو إجراء الاستفتاء قد تصل إلى ما يقارب 50 مليون دينار (17.5 مليون دولار)، بحسب التجارب السابقة"، مشيراً إلى أن "الاعتمادات المالية الدورية للهيئة لا تكفي، وبالتالي يجب رصد اعتمادات خاصة بالانتخابات المبكرة أو الاستفتاء، وإذا تم الاتجاه لذلك فستطلب الهيئة موازنة تكميلية من وزارة المالية، وبحسب التجربة لم تعرف الهيئة مشاكل سابقا في تمويل الانتخابات".
ويرى مراقبون أن من بين أسباب عدم ذهاب سعيد إلى إجراءات حل البرلمان، ضيق الآجال وضغط الوقت المحدد في القانون الحالي بـ3 أشهر، وهو ما يحول دون إعداد لقاعدته الانتخابية وحشد الناخبين لصالحه، بالإضافة إلى خشيته من أن تنتج الانتخابات نفس المشهد الحزبي لما قبل 25 يوليو/تموز، كنتيجة لنفس النظام الانتخابي والحضور الشعبي.
ويبحث سعيد عن حشد مزيد من المناصرين في الشارع وفي المحافظات الداخلية قبل الذهاب نحو انتخابات مبكرة. ويؤكد مراقبون أنه يبحث عن كسب مزيد من الوقت بتمديد الوضع الاستثنائي حتى يستعد جيدا للانتخابات.