أكد المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية محمد التليلي المنصري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، أنّ الأحزاب السياسية لا يحق لها القيام بحملات انتخابية أثناء فترة الحملة المخصصة للانتخابات التشريعية المقررة في 17 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وبيّن أنّ الهيئة تتعامل مع الأفراد المترشحين، وليس مع الأحزاب السياسية، بحيث يمكن للأفراد القيام بحملة مع ذكر أحزابهم، مؤكداً أنّ الهيئة تراقب خطابات وممارسات المترشحين وليس الأحزاب.
وبحسب المنصري، فإنّ تنظيم الأحزاب السياسية لأنشطة خارج إطار الحملة المصرّح بها لا يخص هيئة الانتخابات ولا يخضع لرقابتها، كما أكد أنّ الهيئة لا تستطيع منع الأحزاب من تنظيم أنشطة خلال الفترة الانتخابية باعتبارها خارج رقابة هيئة الانتخابات، وأضاف أنّ "الأمر نفسه يسري على الأحزاب المقاطعة، إذ إن أنشطتها لا تخضع لرقابة الهيئة".
وأوضح أن "مراقبي الهيئة يتولون مراقبة الأنشطة المصرّح بها من قبل الأفراد المترشحين، حيث تتم مراقبة أنشطتهم وخطاباتهم بما يخص التمويل واحترام القانون".
وشدد على أنّ "الأحزاب لا يحق لها التغطية الإعلامية التي ستنظم بقرار مشترك مع (الهيئة العليا للسمعي والبصري)، وأنّ هذه التدخلات والتغطية مضبوطة بتوقيت زمني وتوزيع محدد"، مبيّناً أنّ "المترشحين الأفراد فقط لهم الحق في الولوج إلى وسائل الإعلام وفق مواقيت معينة وبرامج محددة".
وأضاف المنصري أنّ الأحزاب التي ستنظم تظاهرات لا يحق لها التغطية الإعلامية، و"لكنهم أحرار في تنظيم أنشطتهم"، بحسب توصيفه.
وأفاد المنصري بأنّ القرار الترتيبي المتعلّق بالحملة الانتخابية سيصدر من قبل الهيئة قبل 25 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، وهو تاريخ انطلاق الحملة، مضيفاً أنه سيصدر قرار ترتيبي مشترك مع الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، يتعلق بتعاطي وسال الإعلام مع الانتخابات التشريعية.
في جانب آخر، أشار إلى وجود ثلاثة موانع مع انطلاق الفترة الانتخابية، وهي منع نشر نتائج سبر الآراء في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، ومنع الإشهار السياسي (مثل المعلقات الإشهارية)، إضافة إلى منع استعمال الموزع الصوتي والهاتف في القيام بالدعاية.
"تتماشى مع موقف سعيّد"
واعتبر القيادي في حراك "مواطنون ضد الانقلاب" أحمد الغيلوفي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ تصريحات هيئة الانتخابات "تتنزل في المسار المخاتل لقيس سعيّد، وهو منهج حكم ارتكز عليه سعيد منذ 2019".
وبيّن أنّ "سعيد يتقدم دائماً مقنّعاً ويقول أشياء ثم سرعان ما يتبين أنه يخادع الجميع، فيقول إنه لم يتم إقصاء الأحزاب ولتعمل بحرية ثم تكتشف اليوم منع الأحزاب خلال الحملة الانتخابية".
وشدد الغيلوفي على أنّ "هذه الأفكار نجدها عند منظري اليسار الفوضوي القدامى وهي أفكار فشلت في القرن العشرين ولكن سعيد يريد أن يفرضها اليوم من خلال إلغاء الأحزاب والسير نحو إلغاء الاتحادات والنقابات والجمعيات وكل الوسائط بين الشعب والسلطة".
وأضاف الغيلوفي أنه "لا غرابة من تصريحات المنصري اليوم وهي جزء من مسار ضرب وإلغاء الأحزاب وفي النهاية أن مشروع إلغاء الأحزاب هو إلغاء الدولة".
"حركة الشعب" المناصرة لسعيّد: القرار سيضيق على الأحزاب
من جانبه، أكد المتحدث الرسمي باسم حركة الشعب (داعمة لسعيد) أسامة عويدات، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "بناء على النص القانوني في المرسوم الانتخابي الذي يجعل من الترشح فردياً والتمويل ذاتياً، يصبح القرار في قراءتنا من الجانب القانوني سليماً".
وحول مدى نجاعة القرار، بيّن عويدات أنّ مسألة إن كان القرار عملياً أو لا، فإنّ التجربة ستبين ذلك، وأضاف "بالنسبة لي، فإن الحياة السياسية يجب أن تكون مبنية على الأحزاب ولا يمكن أن ننفيها منها".
وأقرّ بأنّ هذا القرار "سيضيق على الأحزاب لأنّ الترشح الذاتي أضعف من الترشح المتنظم في إطار حزبي أوسع، وبالتالي فإنّ أرقى ما وصلت له الإنسانية في التنظيم هو العمل السياسي في أحزاب سياسية، ولا يمكن بناء ديمقراطية إلا بأحزاب سياسية"، بحسب عويدات.
ودعا عويدات إلى مراجعة هذا الخيار وإعادة قراءته وإعادة تعديل القانون الانتخابي من قبل رئيس الجمهورية، لأنّ هذا النظام يمكن أن يسهّل عملية صعود أصحاب الجاه والقبلية والعروشية إلى مجلس نواب الشعب، وخصوصاً أصحاب المال، بحسب قوله.
وبين عويدات أنّ "هذا المدخل يمكن أن يشوه العملية السياسية في المستقبل، فكلما دخل المال السياسي تعكرت، وأصبحت ديمقراطية فاسدة".
ويقرّ القانون الانتخابي الجديد التصويت في الانتخابات التشريعية على الأفراد في دورة واحدة أو دورتين عند الاقتضاء، وذلك في دوائر انتخابية ذات مقعد واحد، علاوة على تقليص عدد المقاعد في مجلس نواب الشعب من 217 إلى 161 مقعداً وتحديد العدد الجملي للدوائر الانتخابية بمائة وواحد وستّين (161 دائرة).
وكانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التونسية قد أعلنت، الأحد الماضي، انطلاق الفترة الانتخابية التشريعية، تطبيقاً للفصل الثاني من قرار الهيئة عدد 23 المؤرخ في 20 سبتمبر/ أيلول 2022، المتعلق برزنامة الانتخابات التشريعية لسنة 2022.
ويذكر أنّ هيئة الانتخابات أصدرت يوم 20 سبتمبر/ أيلول الجاري رزنامة الانتخابات التشريعية المقررة يوم 17 ديسمبر/ كانون الأول 2022، بعدما صادق عليها مجلس الهيئة بالإجماع.
وأعلنت بدء عملية التسجيل الآلي لكل الناخبين غير المسجلين منذ 20 سبتمبر/ أيلول، بإدراج من سيبلغ سنّهم 18 سنة كاملة يوم 16 ديسمبر/ كانون الأول المقبل بالقوائم الانتخابية.
وتنطلق الحملة الانتخابية يوم 25 نوفمبر/ تشرين الثاني القادم لتتواصل إلى 15 ديسمبر/ كانون الأول 2022، على أن يتم أيام 15 و16 و17 ديسمبر القادم الاقتراع بالخارج، في حين سيكون يوم 16 ديسمبر هو يوم الصمت الانتخابي في تونس، واليوم الذي يليه هو يوم الاقتراع.
وسيجري الإعلان عن النتائج الأوّلية ما بين 18 و20 من الشهر ذاته، أما الإعلان عن النتائجّ النهائية فسيكون يوم 19 يناير/ كانون الثاني 2023، أي إثر الانتهاء من النظر في الطعون والبتّ فيها.