أعلنت المحكمة العسكرية التونسية، صباح اليوم الثلاثاء، حكماً ابتدائياً قابلاً للاستئناف، بسجن عدد من نواب ائتلاف الكرامة في ما يعرف بقضية المطار، بأحكام متفاوتة، إلا أن محامين اعترضوا على الحكم، لافتين إلى عدم توفر محاكمة عادلة.
ووصف عضو لجنة الدفاع، الحبيب بنسيدهم، القضية بـ"مهزلة المطار التي حكم فيها القاضي بدون مرافعات"، مبيناً أن "الحكم الصادر ليس مكسوا بالنفاذ العاجل، وبالتالي يبقون في حالة سراح ولن يزج بهم في السجن" مشيراً إلى أن "هيئة الدفاع "ستطعن بالاستئناف في ظرف 10 أيام من تاريخ صدور الحكم".
وتابع في صفحته على فيسبوك أن "الحكم بالسجن صدر علماً أن النائبين المتهمين، نضال سعودي وسيف الدين مخلوف، قضيا 4 أشهر سجناً على ذمة نفس الملف وبالتالي المدة طبعا ستُخصم في صورة ما، ثم البتّ في القضية بأحكام تجاوزت الأربعة أشهر".
وتابع: "غداً سيحاكمون مرة أخرى أمام المحكمة الابتدائية بتونس في نفس الملف بعدما استأنفنا الحكم الصادر عن محكمة ناحية تونس والقاضي بسجن الأستاذين سيف الدين مخلوف وزقروبة لمدة 3 أشهر"، فيما قضت المحكمة بتبرئة المدرس عبد اللطيف العلوي (الكرامة) بعدم سماع الدعوى". وقضت بالسجن مدة 3 أشهر في حق كل من محمد العفاس وماهر زيد، وسجن المحامي مهدي زقروبة فقد قضت لمدة 6 أشهر.
وأكدت عضو هيئة الدفاع، عن المتهمين في قضية المطار، فريدة العبيدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هيئة الدفاع سجلت انحرافاً خطيراً في ملف القضية وقدمت اعتراضها أمام المحكمة العسكرية بسبب التعاطي الاستثنائي غير المفهوم من القضاء العسكري".
وعددت العبيدي "الإخلالات المسجلة من قبل هيئة الدفاع، علاوة على الرفض المبدئي في أصل اختصاص القضاء العسكري في محاكمة المدنيين بأنها سابقة لم يعرف تاريخ القضاء لها مثيلا، تتثمل في حجز القضية من رئاسة المحكمة للتفاوض والتصريح بالحكم، دون استنطاق المتهمين أو الاستماع لمرافعات الدفاع".
وأضافت العبيدي أن "لسان الدفاع تمسك اليوم بتأخير القضية لإعداد وسائل الدفاع، وأن القضاء العدلي (المدني) سبق أن تعهد في نفس الوقائع (نفس القضية ونفس المتهمين والشاكين) وتم الحكم في القضية بمحكمة ناحية تونس باعتبارها جنحة وتم استئناف الحكم في انتظار جلسة 18 مايو/أيار، وقد طلب الدفاع من القضاء العسكري تأجيل الجلسة إلى ما بعد هذا الموعد بما يفيد سيرورة الحكم الباتّ بما يؤدي إلى اتصال القضاء (لا يحاكم مرتين في نفس القضية بين نفس الخصوم)".
من جانبها، قالت عضو "محامون لحماية الحقوق والحريات" وعضو هيئة الدفاع إسلام حمزة، إن ما حصل في المحكمة العسكرية، "فضيحة جديدة.. وسابقة خطيرة جدّا. تنضاف إلى سلسلة العبث والانتهاكات.. ولعلّها الأخطر منذ بداية الانقلاب".
وتابعت حمزة على حسابها بفيسبوك: "فهي تكشف بفظاظة الوجه القبيح للانقلاب واستعمال القضاء في محاكمات سياسية تستهدف المعارضة. اليوم في إطار النظر في قضيّة المطار أمام الدّائرة الابتدائيّة بالمحكمة العسكريّة".
ويلاحق القضاء العسكري، في القضية المعروفة باقتحام "المطار"، 7 أشخاص منهم 6 نواب من حزب ائتلاف الكرامة؛ وهم رئيس الكتلة، المحامي سيف الدين مخلوف، والنواب، نضال سعودي، وعبد اللطيف العلوي وأحمد عياد، ومحمد العفاس بالإضافة إلى النائب ماهر زيد الرافض لتسليم نفسه. ويضاف للنواب الستة المحامي مهدي زقروبة الذي يحاكم في حالة سراح أيضا بعد إطلاق سراحه منذ شهرين تقريبا.
وشهد مطار "قرطاج" الدولي بالعاصمة تونس، في 15 مارس/ آذار 2021، شجارا بين عناصر من أمن المطار ومحامين ونواب في "ائتلاف الكرامة" إثر محاولة الأخيرين الدّفاع عن مسافرة مُنعت من مغادرة البلاد لدواعٍ أمنية بموجب ملحوظة "إس 17".
وملحوظة "إس 17" هي إشارة أمنية كانت معتمدة خلال عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، لوصم كل من تحوم حولهم شبهات يتم اعتمادها من أمن الحدود والشرطة لمنع المسافرين من مغادرة البلاد.
وتطور الخلاف بين البرلمانيين والأمنيين ليقع اشتباك مع النقابات الأمنية التي تقدمت بشكاية ضدهم، بتهم اقتحام مناطق محجرة في المطار والاعتداء على أعوان أمن خلال أدائهم لواجبهم. في مقابل ذلك، اعتبر النواب أنهم بصدد القيام بدورهم الرقابي وإنصاف امرأة مظلومة، وكذلك المحامي الذي اعتبر أنه يقوم بدوره في إنابة الضحية لدى إدارة المطار، بحسب توضيحاتهم.
وقضى المجلس الجناحي بمحكمة الناحية بتونس (محكمة مدنية) بسجن كلّ من النائبين سيف الدين مخلوف وماهر زيد، والمحامي مهدي زقروبة، حكما ابتدئيا بالسجن مدّة 3 أشهر بتهم "هضم جانب موظف عمومي أثناء مباشرته لوظيفته"، في ما يُعرف بحادثة "اقتحام" المطار مع تبرئة بقية المتهمين.
والجنحة في القانون التونسي هي الدرجة القضائية الأقل من الجنايات، وتتراوح مدة عقوباتها في القانون التونسي بالسجن فيها بين 16 يومًا و5 سنوات على الأقصى.
من جانبها، دانت رئاسة مجلس نواب الشعب التونسي ما وصفته بـ"مُحاكمات لتصفية كل الرافضين للانقلاب وإجراءاته الجائرة".
وشددت في بيان لها اليوم الثلاثاء على "الإدانة المُطلقة لمثل هذه المُحاكمات واعتبارها" معبرة عن "الرفض المبدئي لتوظيف القضاء العسكرى والمدني ومؤسسات الدولة فى المعارك السياسية ومُحاصرة الرأي المُخالف".
وأورد البيان أن "سُلطة الانقلاب تستخدم أسلوب المُحاكَمات الجماعية من أجل ضَرب الرأي المُختلف ومحاصرته، وتأتي مُحاكمة النواب فى المُقدمة".