تونس: حقوقيون يدعون سعيّد للكف عن شيطنة معارضيه

01 نوفمبر 2021
دعت الشخصيات الرئيس التونسي إلى التوقف عن الضغط على مؤسسات الدولة (Getty)
+ الخط -

الشواشي يطلب التحقيق في اتهامات سعيد

التيار الديمقراطي يرفض تعديل الدستور 

دعت شخصيات حقوقية تونسية رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيّد، اليوم الاثنين، إلى الكفّ نهائياً عن خطابات التخوين والتشهير والعنف والسخرية من معارضيه، مؤكدة أن "مثل هذه الخطابات لا تزيد الأوضاع إلّا احتقاناً وتقسيماً وتفرقة، وبثاً للبغضاء والكراهية"، داعية إياه إلى "التوقف عن توظيف مؤسسات الدولة والضّغط عليها وتهديد القائمين عليها، وخاصة السلطة القضائية".

وأهابت الشخصيات في بيان لها، اليوم، بالمجلس الأعلى للقضاء وبالقضاة وبهياكلهم المهنية إلى "التمسك باستقلاليتهم، وتحكيم علوية القانون، واحترام قرينة البراءة، وعدم الخضوع لأي ضغوطات سياسية وأيّة تهديدات أو ابتزاز من شأنها أن تعيد مؤسسة القضاء إلى مربع الأوامر والتعليمات".

ونبّهت الشخصيات إلى أن إيقاف سمير بالطيب جاء في مناخ عامٍ يتسم بالتحريض والكراهية، وأنه تعرض شخصياً إلى حملة تشويه ومغالطات وتشفٍّ عبر منصات التواصل الاجتماعي.

ومن بين أبرز الشخصيات الموقعة على البيان الوزير الأسبق والرئيس الشرفي للشبكة الأورومتوسطية للحقوق كمال الجندوبي، والرئيسة الشرفية للفدرالية الدّولية لحقوق الإنسان سهير بلحسن، ورئيس الرّابطة التّونسية للدفاع عن حقوق الإنسان جمال مسلم، ورئيسة الجمعية التونسية للنساء الدّيمقراطيات نائلة الزغلامي، ورئيس اللجنة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس محي الدين شربيب، ومدير مكتب البلدان المغاربية للشبكة الأورومتوسطية للحقوق رامي الصالحي، وغيرهم.

وأكد الصالحي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "أغلب خطابات رئيس الجمهورية مشحونة، وفيها تقسيم للتونسيين، وتقدم أحكاماً باتة ضد كل من يخالفه الرأي، ولم تستثنِ سياسيين ولا برلمانيين ولا إعلاميين"، مؤكداً أن "سعيّد يعتبر هؤلاء خونة يجب التشهير بهم، وهذا لا يليق برئاسة الجمهورية".

وبيّن أن "هذه الخطابات تصاعدت وتيرتها وشملت حتى القضاة، وهناك نوع من الدفع للتأثير عليهم، والأخطر هو الدعوات للتطهير، التي قد تكون لها انعكاسات على الميدان في ظل تنامي الدعوات إلى ذلك، وهو ما يدعو إلى ضرورة اليقظة والتنبيه لما يحدث، والتوقف عن استهداف المعارضين وكل من تحمّل مسؤولية في الدولة"، مشيراً إلى أن "هذا لا يعني أنهم ضد محاربة الفساد، لأن أغلب المنظمات تدعو إلى ذلك منذ عشر سنوات، وتطالب بتعزيز دور واستقلالية القضاء والنظر في القضايا، فيما لم يكن لرئيس الجمهورية أي دور في ذلك الوقت، وبالتالي لا مجال للمزايدة عليهم في هذا الشأن".

وتابع الصالحي أنهم "لم يلحظوا محاربة للفساد بقدر التشهير بعدة شخصيات وإيقافها، ثم يتم إطلاق سراح الموقوفين، ولكن بعد التشويه والإقامات الجبرية"، مبيناً أن هناك "ارتباكاً واضحاً وتطاولاً على العديد من المسؤولين السابقين والسياسيين"، مضيفاً أن "تضامنهم مع وزير الفلاحة السابق سمير بالطيب، الموقوف في شبهة فساد، يأتي بعد اجتماعهم مع فريق الدفاع عنه، حيث وقفوا على ظلم وحيف كبير في هذه القضية".

وأوضح أن "الصفقة التي أوقف على أساسها بالطيب وقعت في أواخر سنة 2014، ولم يكن متدخلاً فيها بصفة مباشرة، ورغم تقدم الصفقة بنسبة 90 بالمائة، فقد تم فسخ العقد لوجود خلاف مع الإدارة، وظلت المسألة معلقة بين الإدارة والشركة، فحاول الوزير السابق بالطيب تجميع كافة المتدخلين، وتكوين لجنة لحل الإشكاليات العالقة، ولا توجد أي إشارة لفساد الوزير السابق، وكان يمكن استنطاقه في حالة سراح بعيداً عن تشويه السمعة وترهيب العائلات".

ولفت إلى أن "من الانعكاسات الخطيرة لما يحصل أن العديد من المسؤولين في الإدارة لم يعودوا راغبين في التوقيع على أي وثيقة، والقيام بمهامهم في تسيير دواليب الدولة، خوفاً من مثل هذه المحاكمات العشوائية التي شملت العديد من الوزراء السابقين والمديرين، وهذا غير مقبول، ولا يجب أن يستمر، ومن له قضايا يتكفل بها القضاء بعيداً عن التشويه والاجتهادات المغلوطة وتشويه السمعة وتهديد أسرهم والضغط عليهم، فالدولة لم تعد تتحمل".

التيار الديمقراطي يرفض تعديل الدستور 

أكد حزب التيار الديمقراطي رفضه تعديل الدستور في ظل الإجراءات الاستثنائية، وبعيداً عن الآليات والشروط التي نص عليها دستور 2014.

وأكّد الحزب، في بيان له اليوم الإثنين، ضرورة إشراك القوى السياسية والمدنية والخبراء في المجال القانوني في تعديل المنظومة الانتخابية بما في ذلك القانون الانتخابي من خلال حوار جدي حقيقي، مؤكداً ‏دعمه لكل مبادرة للحوار المباشر والشفّاف مع الشباب والمنظمات الوطنية والفاعلين السياسيين ومكونات المجتمع المدني في حدود ما يتعلق بتجاوز الأزمة الحالية.

وطالب الحزب رئيس الدولة بتحديد سقف زمني لفترة الإجراءات الاستثنائية،‎ ورسم رؤية واضحة المعالم تبين وتحدد الخطر الداهم والآليات الكفيلة لدفعه. وندّد الحزب بما سماه ''تعمّد رئيس الجمهورية تشويه التيار الديمقراطي في شخص أمينه العام غازي الشواشي، متهماً رئيس الدولة بالإيهام بشبهات فساد يعلم خلوّها من سند قانوني".

الشواشي يطلب التحقيق في اتهامات سعيد

ونشر وزير أملاك الدولة السابق، والأمين العام للتيار الديمقراطي، غازي الشواشي، في تدوينة على صفحته في فيسبوك، اليوم الإثنين، مؤكداً إيداع عريضة لدى وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس لطلب فتح تحقيق في تصريح رئيس الجمهورية قيس سعيّد الذي لمح إلى شبهة ارتشاء ومحاباة تتعلق بتسويغ أرض فلاحية في جهة بن عروس راجعة للدولة بتاريخ 30 يونيو/حزيران 2020 عندما كان الشواشي وزيراً.

وقال الأمين العام للتيار الديمقراطي غازي الشواشي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "قبول البعض باللجوء إلى الفصل 80 لا يعني القبول بتعطيل مؤسسات الدولة وتجميع السلطات بيد شخص واحد"، مبيناً أن "هذا لا يعني أيضاً أن يضع شخص واحد دستوراً جديداً وقانوناً انتخابياً جديداً وسلطة قضائية جديدة، فالإجراءات الاستثنائية تبقى ظرفية وفي اتجاه صد الخطر الداهم"، مشيراً إلى أن هذا "يجب أن يرتبط بآجال معقولة دون المساس بالمنظومة الدستورية والتشريعية". 

وحول القضية التي أودعها اليوم بالمحكمة الابتدائية بيّن أن هذا "يعود إلى التصريح الذي سبق أن قدمه رئيس الجمهورية حول وجود عقد فيه شبهة فساد ومحاباة ويتعلق بتسويغ أرض فلاحية تابعة للدولة في 20 يونيو 2020، وكان ذلك خلال فترة توليه وزارة أملاك الدولة". 

وأكد أن "هناك تلميحاً لشخصه وكأنه وقّع عقداً بثمن زهيد، ولا يخلو من محاباة وشبهة رشوة"، مشيراً إلى أن "أعماله سليمة ولم يقدم أراضي دولية بالرشوة، ولذلك لا يجب أن تبقى هذه التصريحات التي تمس بسمعته دون إثباتات، ولهذا قدم عريضة للقضاء، وتحديداً لوكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بالعاصمة، للنظر في تصريحات رئيس الجمهورية وللتثبت من صحة العقد والإجراءات المتبعة وتحميل المسؤوليات".