تسلمت تونس مع مطلع العام الجديد الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي، لتعلن وزارة خارجيتها أنها بصدد دفع عدد من الملفات نحو صدارة جدول أعمال المجلس خلال شهر يناير/ كانون الثاني الجاري، في مقدمتها إحلال السلم والاستقرار في فلسطين وليبيا وسورية ومجابهة جائحة كورونا ودعم القضايا العربية.
وكشف وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، عثمان الجرندي، خلال ندوة صحافية مساء أمس الأحد، عن الاستحقاقات التي أعدت لها تونس خلال فترة ترؤسها اجتماعات مجلس الأمن بداية من بعد غد الأربعاء بمناقشة "تحديات إرساء السلام في الوضعيات الهشّة"، بدول عربية وأفريقية تعيش على وقع التوتر والإرهاب على غرار سورية وليبيا وفلسطين، "وذلك لتأكيد التوجّه التونسي الداعي الى إحلال السلم والأمن والاستقرار بين جميع الشعوب"، بحسب وزير الخارجية.
وبيّن الجرندي أن "من أهم البنود المطروحة أيضا سورية والملف الكيميائي"، مشيرا إلى أن "موقف تونس واضح ويقوم بالأساس على ضرورة احترام كل المعاهدات الدولية في ما يخصّ الأسلحة الكيميائية والنووية إلا في ما يتعلق بالاستعمالات السلمية وفي جميع مجالات الطب والفلاحة".
وقال إن تونس تشجع على انخراط سورية في المسار السلمي حتى تسترجع مكانتها بين الدول خاصة أن الشعب السوري عانى كثيرا، معربا عن أمله في أن "تسترجع سورية عافيتها وتكون هناك مباحثات سلمية على غرار الحوار الليبي لإحلال السلام".
كما دعت تونس لعقد جلسة حول "التوقي من الإرهاب الدولي والعنف والتطرّف بكلّ أنواعه"، وذلك بهدف حثّ المجموعة الدولية على تناول هذا الملف بجدية أكبر، خاصة في ظل تنامي ظاهرة الإرهاب التي طاولت العديد من الدول، بحسب الجرندي.
وستخصص جلسة كاملة للنقاش حول تطورات القضية الفلسطينية والتي ستجدد تونس خلالها موقفها الثابت والمبدئي والصريح الداعم للقضيّة الفلسطينية العادلة، فيما ستطرح "مسألة التعاون بين منظّمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربيّة وعدداً من القضايا بنظرة متجدّدة خاصة إثر التداعيات التي أفرزتها أزمة كوفيد 19"، على حد وصف وزير الخارجية.
حافظت تونس على حياد موقعها وموقفها منه، من خلال تكريس عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتمسكها بسلمية تجاوز النزاع وفرض الحوار والتفاوض
وأشار الجرندي إلى "أنه تم انتخاب تونس لعضوية مجلس الأمن بالنسبة لسنتي 2020 و2021 تمثيلا للمجموعة الأفريقية باعتبار أن تقسيم المجموعات في الأمم المتحدة يستند إلى الجغرافيا وليس إلى التجمعات السياسية"، مذكّرا "بأن عمل تونس يمتد إلى القضايا المطروحة في مختلف أصقاع العالم لمعالجة بعض الإخلالات والنزاعات والتوترات التي قد تتواجد هنا وهناك".
واعتبر وزير الخارجية التونسي الأسبق والخبير بالشأن الدبلوماسي، أحمد ونيس، في تعليق لـ "العربي الجديد" أن "أهمية ترؤس تونس لهذه الدورة لاجتماعات مجلس الأمن هي في إثارتها للملفات التي تهم بشكل مباشر العرب والأفارقة باعتبارها تمثل صوت العالم العربي والقارة الأفريقية".
وأشار إلى أن أبرز تلك الملفات الدفع نحو تحقيق التسوية السلمية وحل النزاعات في عدد من الدول كالجوار الليبي والقضية الفلسطينية ومنع اندلاع نزاعات جديدة، والتخفيف من المآسي في المنطقة ومن المأساة الإنسانية عموما من خلال تكريس مقاربة حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب والتطرف ومجابهة جائحة كورونا.
وأضاف ونيس أن "موقع تونس مهم في هذه المرحلة لفائدة المنطقة العربية والأفريقية التي تعيش توترا ملحوظا وانحيازا لسياسة المحاور، حافظت تونس على حياد موقعها وموقفها منه، من خلال تكريس عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتمسكها بسلمية تجاوز النزاع وفرض الحوار والتفاوض في المنطقة، وهو مهم أيضا لصورة تونس ولمكانتها في مجمع الأمم".
ولفت المتحدث ذاته إلى أن تغيير المشهد في الولايات المتحدة الأميركية، بصعود إدارة جو بايدن ورحيل دونالد ترامب عن البيت الأبيض، سيخفف الضغط عن تونس وسيكسبها أريحية أكبر في التعامل مع عدد الملفات المطروحة.