تتواصل الدعوات في تونس إلى مقاطعة الاستشارة الوطنية التي انطلقت رسمياً السبت، حيث عبر نشطاء ومنظمات وأحزاب عن تخوفهم من إنشاء قاعدة بيانات خاصة بالمشاركين، يتم استغلالها فيما بعد لغايات انتخابية، داعين إلى عدم المشاركة في هذه الاستشارة.
وقال عضو منظمة "أنا يقظ" مهاب القروي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن المنظمة "دعت إلى مقاطعة الاستشارة الوطنية بعد أن لاحظت تضارباً غريباً في أقوال رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية، بين أن المعطيات محمية وبين تكليف رئيس الهيئة لخبيرين من أهل الاختصاص في المعلوماتية لمتابعة مدى ملاءمة المنصة لقواعد منظومة حماية المعطيات الشخصية. مؤكداً أن المنصة انطلقت في العمل منذ يوم 15 يناير/كانون الثاني، ومع ذلك فإن الهيئة لم تنشر بعد نتيجة هذا التقرير النهائي، وهو ما يطرح عديد التساؤلات الجدية حولها".
وقال القروي إن هناك "تخوفات جدية حول عدم قدرة المنصة على حماية المعطيات الشخصية للمواطنين، إلى جانب إمكانية توظيفها لغايات انتخابية، مؤكداً أنه من الواضح أن المشاركين في المنصة هم من مساندي الرئيس، وبالتالي قد تتحول هذه الاستشارة إلى منصة الرئيس، في حين أن معارضيه يرفضونها، وبالتالي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تحقق المنصة بشكلها الحالي أي هدف من الأهداف التي وضعت من أجلها".
وقال القروي: "رغم دخول المنصة حيز الاستغلال منذ يومين؛ لا يوجد أي تعريف بها، كما أن الأسئلة تفتقر إلى أسس علمية، فلو كانت بعض الإجابات حرة بناء على الأسئلة المعتمدة فكيف سيتم التأليف بينها؟ ومن هي اللجنة التي ستعمل على ذلك وبأي طريقة؟ وبالتالي هناك ضبابية كبيرة وعدة مخاوف من الناحية الشكلية، وعلى مستوى المحتوى".
ودعت أنا يقظ في بيان لها أول أمس إلى عدم الولوج إلى موقع الاستشارة بسبب غياب ضمانات حماية المعطيات الشخصية للمشاركين، مضيفة أن عديد المسائل لا تزال غامضة.
وكانت المنظمة قد عبرت عن تخوفها من غياب الشفافية في العلاقة بالمتطوعين الذين عملوا من أجل تطوير المنصة ووضع الأسئلة والمحاور وطريقة اختيارهم، إضافة إلى محتوى الأسئلة والاحتمالات التي ستطرح على المشاركين، كما أن هناك اختلالات جوهرية على مستوى المنهجية التي تبدو فاقدة لأي سند علمي.
وقال رئيس "حزب المجد"، عبد الوهاب الهاني إن "على رئيس الجمهوريَّة إيقاف منصَّة الاستشارة الإلكترونيَّة حالاً إلى غاية انتهاء الأعمال الاستقرائيَّة التي أذن بها رئيس الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية".
وأضاف الهاني في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الهيئة الوطنية لحماية المعطيات الشخصية كانت أعلنت في 10 يناير/كانون الثاني عن تعيين خبيرين لإجراء الأعمال الاستقرائية من أبحاث أولية واختبارات للتثبت من مدى سلامة التطبيق وتطابقه مع القوانين المنظمة لحماية المعطيات الشخصية، ووعدت بنشر تقرير الخبيرين للعموم حال استلامه وتحديد موقفها على ضوء ذلك".
وحول المخاوف من توظيف الاستشارة لغايات انتخابية؛ بين أن "هذا الأمر وارد جداً"، مؤكداً أن "معرفة توجهات الناخبين المحتملين مستقبلاً، والحصول على معطياتهم الشخصية وأرقام بطاقات التعريف والهواتف، جريمة انتخابية مكتملة الأوصاف".
واعتبر المكتب السياسي لحزب آفاق تونس، أن "الاستشارة الإلكترونية صورية ولا ترتقي إلى مستوى الاستشارة، وتشوبها عديد المآخذ حول مدى استقلالية ونزاهة الجهة المشرفة عليها، إلى جانب غياب الضمانات المتعلقة بالشفافية وحماية المعطيات الشخصية والسلامة المعلوماتية".
وشدّد الحزب في بيان له، الأحد، على أن "ما ورد من أسئلة في هذه الاستشارة هو تزييف للإرادة الشعبية ومسرحية سيئة الإخراج، ونتائجها موجّهة ومحدّدة مسبقاً، وتكشف عن إرادة واضحة لرئيس الجمهورية في تمرير مشروع سياسي شخصي بدل الاستجابة لتطلّعات المواطنات والمواطنين في الإصلاح الشامل".