دانت "حركة النهضة" التونسية، اليوم الثلاثاء، ما ورد في الوثيقة المسربة والموجهة إلى رئاسة الجمهورية، معتبرة أنها تضمنت مخططات وتوجهات تهدف إلى "تعطيل مؤسسات الدولة وتقويض المسار الديمقراطي".
نشر موقع "ميدل إيست آي" (Middle East Eye) البريطاني وثيقة "سرية للغاية"، قال إنها مسربة من الديوان الرئاسي، ويعود تاريخها إلى 13 مايو/أيار 2021، تتحدث عن تدبير خطة لـ"دكتاتورية دستورية" في تونس.
وبحسب الوثيقة، فقد حث كبار المستشارين الرئيس التونسي قيس سعيد على انتزاع السيطرة على البلد من الحكومة المنتخبة.
وتتمثل الخطة في دعوة خصوم الرئيس السياسيين إلى القصر الرئاسي والإعلان عن الخطة بوجودهم، مع عدم السماح لهم بالمغادرة، وفي الوقت ذاته سيتم إلقاء القبض على عدد من كبار السياسيين الآخرين ورجال الأعمال.
وتوضح الوثيقة كيف سيفعّل الرئيس مادة في الدستور تمنحه- في حالة الطوارئ الوطنية- سيطرة كاملة على الدولة.
وردا على التسريب، دعت النهضة، في بيان لها، كل المنظمات الوطنية والأحزاب ونشطاء المجتمع المدني وكل الديمقراطيين إلى "تشكيل جبهة وطنية للدفاع على المسار الديمقراطي والحقوق والحريات، والوقوف سدا منيعا أمام كل مخططات الارتداد عن الخيار الديمقراطي، وعن المكاسب التي حققتها الثورة في كل المجالات".
وأكد الناطق الرسمي باسم "حركة النهضة"، فتحي العيادي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الوثيقة تدعو للانقلاب على الدولة، وتضمنت جرائم خطيرة"، موضحا أن "الوثيقة تتقاطع مع تصريحات سابقة لعدد من السياسيين طالبوا بحل البرلمان وإيقاف العمل بالدستور، ووضع السياسيين تحت الإقامة الجبرية ونشر الجيش"، مضيفا أن "الخطورة أن هذه الأفكار تم الاستماع لها سابقا في مجلس نواب الشعب وفي الفضاء السياسي العام، وتأتي الوثيقة للتأكيد على تلك المعاني، وتدعو رئاسة الجمهورية إلى القيام بهذه الخطوة".
وأضاف العيادي أنه "بقطع النظر عن الوثيقة وتسريبها، فإن مضمونها يؤكد صحة ما جاء مع خيارات سابقة لم تعلن عن نفسها، ولكنها أرادت أن تقدم نصيحة مسمومة لرئاسة الجمهورية، وأنه على النيابة العمومية فتح تحقيق لتنوير الرأي العام، وعلى رئاسة الجمهورية الحديث بوضوح حول موقفها من الوثيقة".
وبين المتحدث أن "الوثيقة وجهت لرئاسة الجمهورية، ولذلك بقدر ما توفر الرئاسة بعض الإيضاحات بقدر ما يتم فرض الهدوء للاهتمام بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية".
وحول الأخطاء وسذاجة أسلوب محتوى الوثيقة، بين أنه "صحيح يبدو الأسلوب هزيلا، ولكن الأفكار سبق الاستماع لها في عدة خطابات سياسية سابقة، وبالتالي الموضوع لا يتعلق بتفاصيل تبدو غير عقلانية وغير معقولة، بقدر ما لدى الوثيقة ما يدعمها من أفكار سابقة، وأُعلن عنها بطريقة فجة، ودعوات صريحة لوضع سياسيين في الإقامة الجبرية"، مبينا أنه "حتى وإن كانت مثل هذه التسريبات هزلا وغير جادة، إلا أنها يجب أن تؤخذ بجدية، لأنها تتعلق بمستقبل البلاد وبالمسار الديمقراطي، وهي مسائل لا يمكن الخوض فيها بتلك الطريقة الهزلية".
وأضاف العيادي: "صحيح أن تونس محصنة من الانقلابات، ولكن الخشية من الأطراف التي تدفع لتحقيق هذه الأغراض، وقد لا يكون الانقلاب حتما، ولكن الدفع نحو الفوضى والاقتتال والانقسام، بمعنى حكومة في القصبة، وأخرى في رئاسة الجمهورية، ومجلس في باردو، وآخر في جهة أخرى، وبالتالي مثل هذا الوضع غير سليم، ويذكر بما عاشته ليبيا في فترة ما وتجاوزته بحنكة، وبالتالي لا بد من قطع الطريق أمام الفوضى وانقسام مؤسسات الدولة".
وأشار إلى أن "المكتب التنفيذي لـ"حركة النهضة" جدد دعمه لرئيس الحكومة، وثمن زيارة الحكومة إلى ليبيا ونتائجها"، مشيرا إلى أن "النهضة ستقترح بعض الإجراءات على الحكومة لإصلاح الوضع الصحي والاجتماعي والاقتصادي، وأخرى تتعلق بتحسين الأداء". وبين أنه "سيتم توسيع النقاش مع الحزام السياسي والأحزاب والمنظمات الوطنية لبناء جبهة على أمل إعادة الحوار الوطني مع اتحاد الشغل لتقريب وجهات النظر".
وكان مصدر في الرئاسة التونسية قد نفى صحة الوثيقة المسربة.
ونفى المصدر نفياً تاماً ما ورد في هذه الوثيقة، مؤكداً أن رئاسة الجمهورية لا تتعامل بهذه الأساليب التي وصفها بالتافهة والسخيفة. وقال في تصريح لـ"العربي الجديد" إن الرسالة المذكورة ليست صادرة عن الرئاسة، وليست موقعة، ولا تحمل حتى اسم مرسلها، معتبراً أنها مسرحية سيئة الإخراج هدفها التشويش على الوضع في تونس، والرئاسة تترفع عن هذه الممارسات التي أصبحت أغراضها معلومة للجميع.
وكان التونسيون، قد تداولوا منذ أمس الأحد، الوثيقة التي حصل عليها موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، والتي تدعو الرئيس قيس سعيّد إلى انتزاع السيطرة على البلاد من الحكومة، ووضع الخصوم السياسيين تحت الإقامة الجبرية.