تونسيون يوقّعون عريضة مفتوحة ترفض الاعتراف بـ"دستور الحاكم الفرد"

24 اغسطس 2022
تونسيون يعبّرون عن رفضهم للدستور الجديد (فتحي بالعيد/فرانس برس)
+ الخط -


تداول جامعيون ونشطاء سياسيون ومثقفون تونسيون، عريضة مفتوحة يدعون فيها إلى رفض الاعتراف بالدستور الجديد الذي وصفوه بـ"دستور الحاكم الفرد"، معتبرين أن دور القوى الحية والنخب والمجتمع السياسي والأهلي هو الضغط بكل الجهود لإرباك محاولات التطبيع مع الدكتاتورية والانقلاب

وقّع العريضة عشرات الجامعيين والمثقفين والسياسيين والنشطاء والمدونين، من بينهم رئيس الجمهورية الأسبق المنصف المرزوقي ووزراء سابقون وبرلمانيون ومحامون وصحافيون.

وعبّر موقِّعو العريضة عن "رفضهم رفضاً قاطعاً ما يُسمى دستور الجمهورية الجديدة كيفما وقع ختمه ونشره بالرائد الرسمي، ونعتبره انقلاباً على إرادة الشعب التي عبّر عنها ديمقراطياً بواسطة نوابه المؤسسين في 27 يناير/كانون الثاني 2014".

وأضافوا: "هذا الدستور المؤسس لحكم الفرد الواحد ونظام الاستبداد والتسلط، فاقد لأية شرعية أو مشروعية''.

وجاء في العريضة أن "رئيس سلطة الأمر الواقع يواصل من خلال توقيعه ما سمّاه "دستور الجمهورية الجديدة" إصراره على فرض مشروعه الشخصي، ضارباً عرض الحائط بإرادة الشعب وقواه الحية".

وتابعت: "إن الرئيس سعيّد لم يحسن الإنصات إلى إرادة الشعب الذي امتنعت أغلبيته عن المشاركة في مسرحية الاستفتاء على الدستور، وأصرّ على المضيّ قدماً في فرض مشروعه الشخصي".

ونبهت العريضة إلى رفض الأحزاب الرئيسية في البلاد ومنظمات المجتمع المدني لهذا الدستور، نتيجة "ما شاب مسار وضعه من خروقات جسيمة وشبهات تحيّل وانفراد بالرأي لا تمتّ إلى الديمقراطية والتشاركية بأيّ صلة". 

وأكدت العريضة أن هذا الدستور جاء "على مقاس واضعه وتأسيسه لنظام دكتاتوري يمنح الحاكم صلاحيات سلطانية واسعة"، وأن "الانقلاب على إرادة الشعب والعبث بالدستور الشرعي للبلاد والتعسف في فرض حالة التدابير الاستثنائية وصل إلى حد الغاء السلطة القضائية واعتبارها وظيفة، وعزل قضاتها وحلّ مجلسها الأعلى الشرعي للقضاء، فضلاً عن إرساء هيئة انتخابية غير مستقلة".

وقال أحد موقِّعي العريضة، الناشط وأستاذ الفلسفة، خالد بلحاج، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "هذه المسألة مبدئية، فكل ما حدث منذ 25 يوليو/تموز 2021 هو انقلاب على الدستور والمؤسسات الشرعية، وهذا الدستور الجديد هو تفصيل وجزء من الانقلاب، وهو محاولة لطيّ صفحة دستور 2014 وإغلاق قوس الانتقال الديمقراطي بعد الثورة وإعادة الحكم الدكتاتوري".

وأكد بلحاج أن "المشكل في الأصل، هو الانقلاب الذي يجب رفضه، وبالتالي الدستور جزء منه، وهو مرفوض، فلا يجب أن يتم التركيز على المسألة التفصيلية أمام الأخطر"، مبيناً أن "دستور سعيّد خطير جداً سيعود بنا إلى وضعية الاستبداد التي أردنا القطع معها، وفرَضَ نسخة أتعس من دستور الاستبداد لسنة 1959 من خلال نظام قروسطي يريد أن يؤسس به جماهيرية (نسبة إلى نظام حكم الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي)، وليس مشروعاً لجمهورية جديدة كما يقال".

وبين أن "المشكل في تونس لا علاقة له بدستور 2014 لما فيه من هنات، فهو دستور لم يأخذ حقه نحو التطبيق، ونحو النفاذ الكامل وتركيز المؤسسات الدستورية والمحكمة الدستورية، فالإشكال الحقيقي في الممارسات السياسية". وأضاف: "حتى الهنات كان يمكن تجاوزها بتعديلات دستورية واضحة في إطار الشرعية الدستورية".

وشدد بلحاج على أن "الخطر الحقيقي هو محاولة غلق قوس الديمقراطية التونسية تماماً وفق أجندة خارجية".

وحول العريضة الموقعة، رأى بلحاج أنها "تدخل في سياق الضغط المتواصل على الانقلاب حتى يتم مقاومة حالة تزييف الوعي الشعبي ودور النخب والمثقفين والنشطاء عدم الانخراط في هذه الحالة عبر الصمت، بل النضال من أجل عودة المسار إلى الطريق السليم، فالمشروع الديمقراطي هو السبيل والحل الوحيد لوضع البلاد".

وختم بقوله إن "الشعب يرزح تحت مغالطة كبيرة تتمثل في أن تحسين أحوال الشعب الاجتماعية والاقتصادية يتطلب تغيير الدستور، وهذا أمر خطير"، من خلال حيلة أن "دستور 2014 هو مسبّب الوضع الكارثي".