استمع إلى الملخص
- "طالب أ." معروف بانتقاداته للإسلام والسلطات الألمانية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقد حصل على حق اللجوء في ألمانيا عام 2016، لكنه لاحقاً انتقد النظام القضائي الألماني.
- تواجه الحكومة الألمانية انتقادات لعدم توقيف المشتبه به مبكراً، وأثارت الحادثة جدلاً سياسياً واسعاً، حيث طالب حزب "البديل من أجل ألمانيا" بجلسة استثنائية لمناقشة الوضع الأمني.
أعلنت الشرطة الألمانية، في ساعة مبكرة من صباح اليوم الأحد، أن المشتبه به في الهجوم الدموي على سوق عيد الميلاد في مدينة ماغديبورغ يواجه تهماً بالقتل في خمس حالات والشروع في القتل في العديد من الحالات، والتسبب في إصابات بدنية خطيرة. وقالت الشرطة إن المشتبه به، الذي تم تحديده باسم "طالب أ." وفقاً لقوانين الخصوصية الألمانية، سيقبع في السجن على ذمة التحقيق بعد أن مثل أمام قاضي تحقيقات مساء أمس السبت.
وكان المشتبه به اندفع بسيارة وسط حشد من الناس في السوق الاحتفالي المزدحم مساء أول أمس الجمعة، ما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص، بينهم طفل يبلغ من العمر تسع سنوات، وإصابة 200 آخرين. وأظهرت مقاطع فيديو على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي انتشرت عقب الهجوم سوق عيد الميلاد وهو يعج بسيارات الإسعاف والمسعفين. ويقول المحققون إن المشتبه به تصرف وحده ولا توجد حالياً أي مؤشرات على وجود مرتكب ثانٍ للجريمة بحسب معلوماتهم. ويذكر أن ماغديبورغ هي مدينة وسط ألمانيا، يبلغ عدد سكانها حوالي 237 ألف نسمة، وتقع على بعد حوالي 150 كم غرب برلين.
و"طالب أ." طبيب يبلغ من العمر 50 عاماً، ينحدر من السعودية، ومعروف بأنه ناشط ناقد للإسلام، كما وجه، عبر حساباته في وسائل التواصل الاجتماعي وفي مقابلات، اتهامات إلى السلطات الألمانية بأنها "لا تبذل ما يكفي من الجهد لمكافحة الإسلاموية". وبعد أن كان مدافعاً عن النساء السعوديات الهاربات من بلادهن، نصحهن لاحقاً بعدم طلب اللجوء في ألمانيا، وكتب على موقعه على الإنترنت باللغتين الإنجليزية والعربية: "نصيحتي: لا تطلبن اللجوء في ألمانيا". وتعكس كتابات الرجل في حسابه على منصة إكس حالة من الغضب على الشرطة والنظام القضائي الألمانيين الذي يرى أنه "خذل الفارين السعوديين، بمن فيهم شابات يتعرضن لشتى صنوف الاستغلال وسوء المعاملة ولامبالاة من الدولة الألمانية"، خصوصاً الاستغلال، بحسب اتهاماته، من قبل منظمة ملحدين ألمان. وبينما لا يزال الدافع وراء الجريمة غير واضح، قال المدعون إن المشتبه به ربما كان مستاءً من معاملة اللاجئين السعوديين في ألمانيا.
وبحسب معلومات وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، يعيش الرجل في ألمانيا منذ عام 2006، ويصف نفسه بأنه "مسلم سابق"، وتقدم بطلب لجوء في ألمانيا فبراير/ شباط 2016، والذي جرى البت فيه في يوليو/ تموز من العام نفسه. وفي ذلك الوقت، حصل المواطن السعودي على حق اللجوء باعتباره "شخصاً مضطهداً سياسياً".
انتقادات للحكومة الألمانية
وتواجه الحكومة الألمانية انتقادات تدور حول معرفة ما إذا كان ممكناً توقيف السعودي المشتبه به في وقت أبكر، وسألت صحيفة بيلد الأكثر قراءة في البلد في افتتاحيتها اليوم الأحد "لماذا؟"، لماذا لم يُضبط هذا الطبيب الخمسيني في ظلّ المؤشّرات الخطرة الكثيرة التي بدرت منه خلال السنوات الأخيرة في ألمانيا؟. وأفادت مجلّة دير شبيغل بأن المخابرات السعودية وجّهت قبل سنة تنبيهاً إلى نظرائها الألمان بشأن طالب جواد العبد المحسن، على خلفية تغريدات هدّد فيها ألمانيا بدفع "ثمن" معاملتها للاجئين السعوديين. وبقي ذاك التنبيه حبراً على ورق، في حين كان الرجل يكثّف الخطابات العنيفة المشحونة بالكراهية. وهو ما انفكّ يتّهم ألمانيا بأنها لا تحمي بما فيه الكفاية السعوديين الفارين من بلدهم بسبب التشدّد، في حين أنها كانت تستقبل بصدر رحب مسلمين متشدّدين من بلد آخر.
وفي آب/أغسطس الماضي، كتب على حسابه في منصة إكس "هل من سبيل إلى العدالة في ألمانيا من دون تفجير سفارة ألمانية أو ذبح مواطنين ألمان عشوائياً؟ أبحث عن هذا السبيل السلمي منذ كانون الثاني/يناير 2019 ولم أجده بعد". وفي العام 2013 فُرضت عليه غرامة في روستوك "للإخلال بالأمن العام" و"التهديد بارتكاب جرائم". وهو كان حتّى يثير المخاوف في أوساط الجالية السعودية في ألمانيا. وقالت عنه مينا أحدي، رئيسة المجلس المركزي للمسلمين السابقين، إنه "مضطرب عقلياً ويميني متشدّد يعتنق نظريات المؤامرة" ويكره كلّ من لا يشاركه كراهيته.
وفي العام الماضي قيّمت الشرطة الألمانية "الخطر" الذي قد يشكّله وخلصت إلى أنه لا يمثّل "خطراً معيّناً"، بحسب ما أوردت صحيفة "دي فيلت" الأحد. وعشيّة الهجوم، تجاهل الطبيب النفسي السعودي استدعاءً قضائياً في برلين على خلفية تنديد صاخب في مركز للشرطة رفض تسجيل شكواه، وفق وسائل إعلام ألمانية. وصرّحت أليس فايدل، زعيمة اليمين المتطرّف في ألمانيا إن "عجز الإدارة الذي سمح بواقعة ماغديبورغ يتركنا في حالة صدمة"، وطالب حزبها "البديل من أجل ألمانيا" بجلسة استثنائية في مجلس النواب حول الوضع الأمني "الكارثي" في البلد. والأمر سيان عند اليسار الراديكالي الذي طالبت زعيمته ساره فاغنكنشت بتفسيرات بعد "تجاهل هذا العدد الكبير من التحذيرات". ودعا المستشار أولاف شولتز الألمان إلى "التعاضد" غير أن هجوم ماغديبورغ يزيد من الانتقادات الموجّهة إلى ائتلافه في خضمّ الحملة الانتخابية.
(أسوشييتد برس، فرانس برس، العربي الجديد)