وثقت مجموعة حقوقية اعتقال 75 فلسطينياً منذ مقتل المعارض السياسي نزار بنات في مدينة الخليل الشهر الماضي، بينما تواصلت الاحتجاجات على مقتل بنات، إذ خرجت مسيرة احتجاجية على مقتله اليوم الجمعة، وسط مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية.
وأكد مدير مجموعة "محامون من أجل العدالة" مهند كراجة، لـ"العربي الجديد"، توثيق مئة حالة اعتقال سياسي منذ العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة والأحداث التي أعقبت اغتيال المعارض نزار بنات، بينها 75 بعد حادثة اغتيال نزار بنات، فيما جرى الإفراج عن الجميع.
وأشار كراجة إلى أن عددا من المعتقلين احتجزوا ما بين ساعات وأيام، بينهم 40 عرضوا على المحاكم الفلسطينية.
وأكدت مجموعة "محامون من أجل العدالة" في بيان لها أنها تتابع، منذ اغتيال نزار بنات، حالة حقوق الإنسان في المدن الفلسطينية، التي اتخذت مساراً منحدراً هو الأسوأ منذ سنوات، معبرة عن إدانتها واستهجانها لما آلت إليه الأمور في أعقاب قتل بنات، وما سبق ذلك من حملة اعتقالات طاولت العشرات على خلفية ممارسة حرية الرأي والتعبير في أعقاب وقف إطلاق النار بين فصائل المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال في قطاع غزة.
في هذه الأثناء، أكدت المجموعة أنها وثقت عدة حالات مع معتقلين مفرج عنهم، ادّعوا تعرضهم للتعذيب و/أو سوء المعاملة أثناء توقيفهم لدى مراكز التوقيف التابعة للأجهزة الأمنية، حيث جرى توثيق بعض هذه الحالات أثناء الاستجواب لدى نيابة أريحا، من دون أن تلتزم النيابة المذكورة بفتح أي تحقيق على أثر هذه الادعاءات وفق ما تقتضيه القوانين النافذة، بحسب بيان "محامون من أجل العدالة".
وأكدت المجموعة الحقوقية سوء حالة حقوق الإنسان في المدن الخاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية، مشيرة إلى "أن ذلك ناجم عن عدة أسباب؛ منها استمرار خطاب التحريض الرسمي الذي مارسته وتمارسه شخصيات محسوبة على السلطة (منها وزراء في الحكومة الفلسطينية برئاسة محمد اشتية)، خاصة في ما يتعلق بقمع أي تظاهرات تطالب بمحاسبة قتلة الناشط السياسي الراحل نزار بنات، إضافة لعدم التعامل بجدية من قبل أجهزة إنفاذ القانون بما يضمن وقف سيل الانتهاكات".
وشددت المجموعة على أن انحدار حالة حقوق الإنسان يعود أيضاً لسيطرة الأجهزة الأمنية المطلقة على جهازي القضاء والنيابة العامة، وقالت: "لذلك أصبحت السلطة القضائية مهمتها في ظل هذه الأوضاع توفير مساحة آمنة لأجهزة الأمن لارتكاب أفعال مخالفة للقانون، حتى وصلت معالم هذه السيطرة إلى إحباط أي تحقيق جنائي في جريمة قتل الناشط السياسي والحقوقي نزار بنات منذ ما يقارب شهر، إضافة لعزل كامل للجهاز القضائي عن القيام بدوره المناط به بموجب القانون".
ودعت مجموعة "محامون من أجل العدالة" إلى ضرورة إحالة كل من شارك أو تورط في ارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان ضد المواطنين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، بما في ذلك الصحافيون والمحامون، للمحاكمة، لا سيما أن مثل هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم، مع التأكيد أن مهمة القيام بذلك تقع على عاتق النيابة العامة التي تمثل الحق العام.
كذلك، دعت المجموعة جهاز النيابة العامة إلى القيام بدوره الطبيعي في حماية الحق العام والكف عن ملاحقة أو تبرير ما يرتكب من جرائم ضد حقوق الإنسان باسم القانون، أو إضفاء شرعية على ما تقوم به الأجهزة الأمنية من اعتقالات عشوائية لا تمت للقانون بصلة.
ووفق المجموعة، فإنها رصدت أثناء استجواب نشطاء ومعتقلين من قبل نيابة رام الله سؤالهم حول وقائع تندرج ضمن ممارسة حرية الرأي والتعبير، حيث جرى توقيف المذكورين على هذه الخلفية بدواعي حفظ الأمن والنظام العامين، في الوقت الذي يتم فيه تجاهل جرائم حقيقية ترتكب من قبل القائمين على تطبيق القانون، من دون اتخاذ إجراءات جدية تضمن عدم إفلاتهم من المساءلة والعقاب، بحسب البيان.
من جانب آخر، تواصلت الفعاليات الاحتجاجية على مقتل نزار بنات، حيث خرجت اليوم الجمعة، بعد الصلاة، مسيرة احتجاجية من أمام مسجد الحسين بمدينة الخليل، وجابت شوارع المدينة، فيما رفع المشاركون صور بنات وسط هتافات منددة بمقتله وهتافات أخرى ضد التنسيق الأمني، وضد محافظ الخليل، منها: "إحنا رفضنا الاستعباد لا الحرية لا الاستشهاد"، "يا نزار إنت اللي تحديت الموت"، و"بالروح بالدم نفديك يا نزار".
ويسود الشارع الفلسطيني احتقان كبير إثر مقتل المعارض والمرشح السابق للمجلس التشريعي نزار بنات في 24 يونيو/ حزيران الماضي، أثناء اعتقال أجهزة الأمن له في الخليل، فيما أظهر تقرير التشريح الذي أعلنته مؤسسات حقوقية وتقرير لجنة التحقيق التي شكلتها السلطة الفلسطينية أن وفاته غير طبيعية، كما أظهر تقرير التشريح أنه تعرض للضرب في كافة أنحاء جسده.
وخرجت في الضفة الغربية منذ ذلك الحين عدة تظاهرات هتف فيها المشاركون ضد الرئيس الفلسطيني محمود عباس والسلطة الفلسطينية، وبعضها هتف مطالباً برحيل عباس والسلطة الفلسطينية، فيما تم قمع وفض عدد من المسيرات، إما من قبل أجهزة الأمن أو من قبل أفراد أمن بالزي المدني.