يتواصل التوتر بين محافظة السويداء وجارتها درعا في الجنوب السوري، مهددا في كل يوم بحدوث انفجار يولّد مواجهة مسلحة جديدة قد تخلف العديد من الضحايا، في حين ترجح المؤشرات وجود دور معطل للروس والنظام لأي جهد للوصول إلى مصالحة عشائرية تحقن دماء الطرفين.
وأفادت مصادر محلية مطلعة من بلدة القريا في الريف الغربي للسويداء، والتي تتشارك حدودها الإدارية مع بلدة بصرى الشام بريف درعا الشرقي، "العربي الجديد"، بأنه "يوم أمس السبت طرد أهالي البلدة دورية روسية ترافقها دورية تتبع لفرع الأمن العسكري في السويداء، رافضين أي تدخل روسي أو أجنبي في المنطقة، إضافة إلى الدور الأمني للنظام لما حمله خلال السنوات الأخيرة من تعطيل وسلبية".
وبيّنت أن "مشادة كلامية نشبت بين الأهالي والدوريتين، تطورت إلى تعرض عناصر دورية الأمن العسكري إلى الضرب، بعد أن رفضوا المغادرة وتهجموا على الأهالي، كما تم رمي الدورية الروسية بالحجارة، ما اضطرهم للمغادرة".
وأوضحت المصادر ذاتها أن "الدوريات الأمنية جاءت على خلفية تعرض مزارعين من بلدة القريا أمس الأول إلى اعتداء من قبل مسلحين متواجدين في أراضي بصرى الشام، أثناء قيامهم بجني محصول الزيتون، ما تسبب بإحراق عشرات أشجار الزيتون، تلاها تبادل إطلاق نار مع مجموعة مسلحة من أبناء القريا".
وحول هوية المسلحين المعتدين على المزارعين، بيّن مصدر من المجموعة المسلحة من أبناء القريا، طلب عدم كشف هويته لأسباب أمنية، أن "من المهاجمين مجموعة مسلحة تعمل في تهريب المخدرات إلى الأردن، ومدعومة من اللواء الثامن بقيادة أحمد العودة، والتابع للفيلق الخامس المدعوم روسيا، وبالرغم من أنهم كانوا يقيمون على أطراف البلدة، فإنهم تسببوا خلال العامين الفائتين بسقوط عشرات القتلى والجرحى من أبناء محافظتنا، إضافة إلى توتير العلاقات بيننا وبين الشرفاء من أهالي درعا، وكل ذلك خدمة للمشغلين".
وأضاف: "نحن في السويداء رفضنا في غالبيتنا منذ عام 2011 أن نرفع السلاح بوجه السوريين، وحوصر عشرات الآلاف من شبابنا داخل المحافظة جراء استنكافهم عن الخدمة ضمن القوات النظامية، وكنا متعايشين مع جيراننا طوال سنوات دون أي صدام، باستثناء بعض الحوادث الأمنية التي غالبا ما تكون خلفيتها شخصية، إلى أن أتى الروس في عام 2018 وشكلوا اللواء الثامن، ومجموعات من العشائر، الذين يترحلون ما بين الحدود الإدارية بين المحافظتين وبين البادية، عملوا مع "حزب الله" اللبناني وأزلامه، وكان نشاطهم الرئيسي يتمحور في تجارة المخدرات وتهريبها إلى الأردن".
وبيّن أنه "خلال العامين الفائتين كان هناك العديد من المحاولات لوأد الفتنة ووضع حد لهذه الاعتداءات، إلا أن النظام والروس لعبوا دورا معطلا للتحرك المجتمعي، فكانوا دائما يقومون بإقصاء الوجهاء والفاعلين، والدفع بأزلامهم والمزاودين الذين ليس لديهم أي توجه للحل، والروس أيضا ليس لديهم الفهم لتركيبة المنطقة وآليات إدارة مثل هذه الأزمات، والأهم أن الأهالي يكرهون التعامل مع الأجانب، وخاصة الروس والإيرانيين، ولا يفضلون تدخلهم في شؤونهم الداخلية، حتى إن هناك رفضا من أهالي المحافظة لتواجد أي مقر عسكري للروس أو الإيرانيين في المحافظة".
من جانبه، قال الناشط أبو جمال معروف (اسم مستعار لأسباب أمنية)، لـ"العربي الجديد": "الأوضاع اليوم متشنجة بين أهالي السويداء ودرعا، بسبب وجود مجموعات منتفعة تعمل مع أطراف ليس من مصلحتها أبدا أن يقف الاقتتال، بل يقومون بتغذيته، وتبدأ من النظام والروس إلى الإيرانيين".
وأضاف: "هناك العديد من المحاولات لوجهاء محليين من المحافظتين لإعادة المياه إلى مجاريها، كان أهمها إجراء صلح يشارك به وجهاء المحافظتين، لكن إصرار النظام من جهة على وجوده والدفع بأشخاص محسوبين عليه ذوي سمعة سيئة، وتعامل الروس المتخبط من جهة أخرى، أفشل تلك الجهود، واليوم الناس تترقب اقتتالا بأية لحظة بين الطرفين في عدة نقاط أخطرها القريا – بصرى الشام".
يشار إلى أن عدة صدامات كانت قد وقعت بين أهالي القريا واللواء الثامن الذي يأخذ من بصرى الشام مقرا له، كان آخرها في شهر أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، في حين تشهد نقاط أخرى على حدود المحافظتين الإداريتين عمليات اعتداء وخطف وخطف مضاد.