تواصل عمليات إهمال التصويت على عشرات القوانين المهمة في البرلمان العراقي

01 يونيو 2022
من هذه القوانين ما يتعلق بالملفات الاقتصادية وتوزيع الثروات وحرية التعبير (فرانس برس)
+ الخط -

تواجه البرلمان العراقي في دورته الحالية، والدورات الثلاث الأخيرة اتهامات بالإهمال المتكرر في إكمال التصويت على عشرات القوانين المهمة التي تمس حياة المواطنين.

ومن هذه القوانين ما يتعلق بالملفات الاقتصادية المهمة وتوزيع الثروات وحرية التعبير عن الرأي، من خلال ترحيل هذه القوانين إلى دورات لاحقة، لأسباب تتلخص بالخلافات بين الأحزاب من جهة، والغيابات المتكررة للنواب، عدا عن أنّ قسماً من هذه القوانين لا ينسجم مع مصالح أحزاب وأطراف سياسية مختلفة، وفقاً لمراقبين وأعضاء في البرلمان ذاته.

وكشف النائب في البرلمان العراقي باسم خشان، عن وجود ما قال إنها "عشرات القوانين التي لم يتم التصويت عليها بسبب الخلافات والمصالح السياسية".

وبيّن خشان، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "من أهم القوانين المعطلة، قانون العنف الأسري ورعاية الطفولة، والتعديلات على قانون الأحوال الشخصية، وقانون حل أزمة السكن العشوائي، وقانون الجرائم الإلكترونية، وقانون حرية التعبير والتظاهر السلمي، وقانون الضمان الاجتماعي، وقانون الكسب غير المشروع، والقانون الخاص بإقامة الأجانب، المتعلق بالفلسطينيين في العراق".

وأضاف النائب أنّ "من أبرز القوانين السيادية المعطلة، والتي رُحلت كغيرها من القوانين النفط والغاز، الذي من المفترض أن يكون الفيصل فيما يتعلق بأزمة العلاقة بين الإقليم (كردستان) والمركز بشأن النفط والغاز، لكن هناك إرادات سياسية تحرك هذا القانون لفترة، ثم تخفيه عن الأنظار، بل وتخفيه حتى عن التداول في الصحافة والإعلام".

وأشار خشان إلى أنّ "بعض القوانين المعطلة لا تهم البرلمانيين، لأنها لا تمنحهم أي امتيازات لهم أو لأحزابهم، لكن يحدث أن تكون هناك تفاهمات سياسية على تأجيل قوانين أخرى، بضمنها قانون الخدمة الاتحادية، وقانون الأحوال المدنية، وقانون استرداد الأموال المنهوبة، وحتى قانون التجنيد الإلزامي".

من جهته، لفت النائب السابق وعضو تيار "الحكمة" محمد اللكاش، إلى أن "هناك قوانين سيادية معطلة ولم تخضع إلى التصويت، بل إن أحزاباً وكتلا سياسية تستخدمها خلال فترات تشكيل الحكومة أو توزيع المناصب والمغانم بين القوى السياسية الفاعلة والمتنفذة في البلاد، ومن بين هذه القوانين ما هو معطل ويجري تأجيل التصويت عليه أو حسمه منذ 15 عاماً، مثل قانون النفط والغاز، الذي من المفترض أن يؤسس نظاماً لإدارة العمليات النفطية في العراق".

وأكمل اللكاش في اتصالٍ هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "قادة الكتل السياسية هم قادة الرأي في البرلمان، وهم المحرك لفتح ملفات أو كتابة مشاريع قوانين والتصويت لصالحها، أو توجههم لطمرها، وفي الواقع هذا الأمر منطقي في ظل غياب أي دور للناخبين الذين اختاروا هؤلاء القادة وغيرهم ليكونوا أعضاء في أهم مؤسسة تشريعية في البلاد".

وأكد أنّ "التصويت على القرارات المهمة في ظل ولادات مستمرة لبرلمانات مُهملة للشعب، يحتاج إلى توجه شعبي للضغط على البرلمان والحكومة بكل الطرق السلمية، لأن بقاء العراقيين في صمت يعني استمرار وضع البرلمان بهذا الشكل المأساوي".

أما الناشط وعضو حزب "البيت الوطني" في بغداد، وئام عبد الله، فقد بيَّن أن "البرلمان العراقي يواصل تعثره في إنجاز القوانين التي تخدم المواطنين وعلى تماس مع حياتهم اليومية، وبدا بالدورتين الأخيرتين وكأنه مخصص لعقد الجلسات من أجل تسيير أحوال الكتل الكبيرة التي تبحث عن مصالحها"، وفقاً لقوله.

وأوضح عبد الله لـ"العربي الجديد"، أنّ "من أكثر القوانين التي ينتظرها الناشطون العراقيون، قانون حرية التعبير والتظاهر السلمي، لكن كلما طالبت به المنظمات والفاعلون في المجتمع العراقي، تقدم السلطات العراقية والبرلمان على فتح مشروع قانون ما يعرف بـ(جرائم المعلوماتية) الذي تجتهد أحزاب إسلامية وفصائل مسلحة لإقراره لأنه لا يسمح بأي حراك سياسي ينقد السلطة أو رموز العملية السياسية في البلاد، بالتالي فإن البرلمان العراقي تحوَّل إلى أداة ابتزاز بين الأحزاب والكتل السياسية من جهة، وبين السلطة والمجتمع من جهة ثانية".

ومن الملفات الحكومية والبرلمانية التي تم ترحيلها باتفاقات حزبية وسياسية، وفقاً لمراقبين، ملف التحقيق بقتل المتظاهرين الذين خرجوا في أكتوبر/ تشرين الأول 2019، وتم قمعهم بعنف، إلى حد تصفية بعضهم واغتيالهم، حتى بلغ عدد الناشطين والمحتجين الضحايا، أكثر من 700 قتيل. وبرغم وعود حكومة مصطفى الكاظمي، إضافة إلى حصول النائب المستقل سجاد سالم على قرار نيابي يقضي بتشكيل لجنة نيابية تتكفل بالتوصل إلى معلومات بشأن الجهات التي نفذت الاغتيالات بحق العراقيين الذين شاركوا في الاحتجاجات الشعبية، إلا أن أي نتائج لم تظهر على أرض الواقع.

تقارير عربية
التحديثات الحية

 

بدوره، رأى الباحث في الشأن السياسي العراقي عبد الله الركابي، أن "البرلمان بطبيعته البنيوية والتقليدية، لا يختلف عن أي من كيانات المؤسسات في العراق، فهو مقسّم بين الأحزاب والقوى السياسية، بالتالي فهو لا يخضع لرغبات العراقيين في الوصول إلى نتائج وقرارات جيدة تخدم واقع الشعب، بل يُستثمر لتمرير القوانين التي تخدم قوة البرلمان وتمكين صلاحياته إلى جانب تمكين الحكومة لإجراء تعديلات خاصة بالنظام".

وأضاف الركابي في حديثه مع "العربي الجديد"، أنّ "الدورتين السابقة والحالية حافظ السيد الصدر (زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر) على مكانة مهمة في التأثير على البرلمان، وتحوّل إلى المحرك الفعلي لقرارات مجلس النواب، وقبل الصدر، كان نوري المالكي هو المحرك الفعلي، لذا فإن البرلمان يمثل وجه النظام السياسي العراقي الذي أخفق ككل في الانتقال بالبلاد إلى مكان أفضل".