دانت جمعيات ومنظمات حقوقية وجامعيون ونشطاء، إقدام الرئيس التونسي قيس سعيّد على عزل 57 قاضياً بشكل أحادي، معتبرين ذلك "محاولة لتركيع القضاء".
وتداول الجامعيون والنشطاء والمنظمات، اليوم الجمعة، عريضة تحمل عنوان "لا للقضاء على القضاء" مستنكرين عبرها الأمر الرئاسي عدد 516 لسنة 2022 الذي "أعفى 57 قاضياً/قاضية، وذلك بعد ما أسند رئيس الجمهورية لنفسه الصلاحية المتفردة لإعفاء القضاة بعد أن نقح في نفس اليوم مرسومه عدد 11 المتعلق بإحداث المجلس الأعلى للقضاء المؤقت".
واعتبر الموقعون على العريضة، أنّ "انتهاج المسلك الانفرادي المتسلط لإعفاء القضاة بعد أن تم الاستيلاء على المجلس الأعلى للقضاء، هو ضرب واضح وصريح لسلطة دستورية، ومواصلة في نهج الاستبداد بالسلطة والانفراد بها، وتوجه خطير نحو الديكتاتورية بأكمل تجلياتها".
وعبّر أصحاب العريضة المفتوحة عن استنكارهم وتنديدهم "بهذه التصرفات التي تذكرنا بما قامت به حكومة الترويكا في 2012 بإعفاء القضاة في حركة هدفها الأساسي ترهيب وتخويف وتركيع القضاة".
وتابعوا "نصرّ على وجوب إصلاح القضاء في إطار دولة القانون الحامية للحق في المحاكمة العادلة دونما تضليل للرأي العام وتحصين للأوامر الرئاسية من أي طعن".
ودعا الموقعون القضاة إلى "الوقوف بكل حزم وجرأة ضد هذه الإعفاءات التسلطية، ونساند تحركاتهم من أجل حماية السلطة القضائية وحماية القضاة والقضاء من أي تعسف".
كما طالبوا "كل الشخصيات الوطنية والأكاديميين والمثقفين والأحزاب السياسية بالوقوف ضد الحملة الممنهجة التي يتوخاها رئيس الدولة من أجل تركيع القضاء وضمان تبعيته للسلطة التنفيذية وكذلك ضرب استقلالية كل المؤسسات الرقابية والهيئات المستقلة".
حركة النهضة تندد بـ"سياسة التشويه والترهيب الممنهج للقضاة وعزلهم"
من جانبها، عبّرت حركة النهضة عن استنكارها الشديد لـ"سياسة التشويه والترهيب الممنهج للقضاة، وعزل سبعة وخمسين منهم خارج القانون والدستور، وتنقيح المرسوم المتصل بالمجلس الأعلى المؤقت للقضاء لتمرير ذلك، بما يمثل خطوة أخرى في وضع اليد على القضاء وإنهاء استقلالية السلطة القضائية وتوظيفها في ضرب المعارضين السياسيين للانقلاب، والتضييق على الحريات وتركيز منظومة الحكم الفردي".
وتوجه بيان للمكتب التنفيذي للحركة بـ"التحية لنضالات القضاة وكل الشرفاء والأحرار في التصدي لهذا القرار اللادستوري ورفض المنهج التسلطي في الحكم".
ودانت النهضة ما وصفته بـ"ممارسات هيئة الخداع الداعمة للانقلاب (تقصد هيئة الدفاع عن القيادييْن اليساريين محمد البراهمي وشكري بلعيد) وتشدد على دورها الوظيفي في خدمة أجندته كما يؤكد ذلك التزامن بين الندوة الصحافية الأخيرة التي عقدتها الهيئة وقرار إعفاء عدد من القضاة على غرار تزامن ندوتها السابقة مع قرار حلّ المجلس الأعلى للقضاء".
وحذرت النهضة من "إرادة الانقلاب في استهداف رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة الأستاذ راشد الغنوشي ونواب الشعب والمعارضين السياسيين من خلال قضاء وظيفي يفتقد لشروط المحاكمة العادلة".
واعتبرت أنه "بعد إدانة الرئيس لمعارضيه وتعيين من يتولى مقاضاتهم لم يبق له سوى أن ينتصب بنفسه على أريكة القضاة ويصدر أحكامه على هواه بما يثلج صدور أعضاء هيئة الخداع".
واحتج البيان بقوة على "انخراط السلطة القائمة في محاولات الانقلاب على القيادة الشرعية للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري ومحاولة شق صفوفها وضرب مؤسساتها الشرعية وتوظيف المؤسسة الأمنية في الغرض".
وفي جانب آخر، أكدت النهضة على "عراقة العلاقات الخارجية للدولة التونسية" مستنكرة ما وصفته بـ"ركوب سلطة الانقلاب شعار السيادة الوطنية لتشويه المعارضين وتهديد المصالح المشتركة لبلادنا مع الدول الصديقة والشقيقة وما يسببه ذلك من مزيد العزلة الدولية في ظل عجز حكومة الانقلاب عن إنجاز الإصلاحات الضرورية وتوفير شروط عقد اتفاق مع صندوق النقد الدولي".