توسّع نطاق الحرب الدائرة منذ أكثر من أربعة أشهر في السودان لتصل المعارك إلى مدينتين في الجنوب المضطرّب أساساً، بحسب ما أفاد شهود عيان، الجمعة، لتتفاقم المخاوف حيال مصير مئات آلاف النازحين الذين فروا من العنف في إقليم دارفور.
شهدت المنطقة الشاسعة الواقعة في غرب البلاد، إلى جانب الخرطوم، أعمال عنف تعد الأسوأ منذ اندلاع المعارك في 14 إبريل/نيسان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
استؤنفت المعارك في ساعة متأخرة من أمس الخميس في الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، بحسب الشهود، لتنهي هدوءاً استمر شهرين في المدينة المكتظة بالسكان التي باتت ملاذاً من القصف وأعمال النهب وعمليات الاغتصاب والإعدام بدون محاكمة التي شهدتها أجزاء أخرى من دارفور.
وقال مدير مختبر الأبحاث الإنسانية في جامعة يال الأميركية ناتانيال ريموند، لوكالة فرانس برس: "إنه أكبر تجمّع لمدنيين نزحوا في دارفور مع لجوء 600 ألف شخص إلى الفاشر".
وذكر سكان لـ"فرانس برس" أن أعمال العنف اندلعت مجدداً في وقت متأخر من الخميس، وأفاد أحدهم عن سماع أصوات ناتجة عن "معارك بالأسلحة الثقيلة قادمة من شرق المدينة".
كما أفاد شهود عن أعمال قتالية في الفولة، عاصمة ولاية غرب كردفان المحاذية لدارفور.
وامتدّ النزاع بالفعل إلى ولاية شمال كردفان التي تعد مركزاً للتجارة والنقل بين الخرطوم وأجزاء من جنوب وغرب السودان.
قصف عشوائي
أفادت مجموعات حقوقية وشهود فروا من دارفور عن مجازر ارتُكبت بحق المدنيين وهجمات بدوافع عرقية وعمليات قتل ارتكبتها خصوصاً قوات الدعم السريع ومليشيات قبلية عربية متحالفة معها.
فر كثيرون عبر الحدود الغربية إلى تشاد المجاورة بينما لجأ آخرون إلى أجزاء أخرى من دارفور حيث تنظر المحكمة الجنائية الدولية في شبهات مرتبطة بارتكاب جرائم حرب.
لطالما كانت المنطقة مسرحاً لمعارك دامية منذ اندلاع حرب عام 2003 التي هاجم خلالها عناصر مليشيا الجنجويد التي سبقت تشكّل قوات الدعم السريع متمرّدين من أقليات عرقية.
تركّزت المعارك في النزاع الأخير في الجنينة، عاصمة غرب دارفور، حيث تشتبه الأمم المتحدة بأن جرائم ضد الإنسانية ارتُكبت.
كانت نيالا، ثاني مدن السودان وعاصمة ولاية جنوب دارفور، مركزاً للمعارك الأخيرة فيما أفادت تقارير عن فرار آلاف السكان.
حضّت الولايات المتحدة، الخميس، طرفي النزاع على "وقف القتال الذي تجدد في نيالا.. ومناطق أخرى مأهولة بالسكان، ما تسبب بالموت والدمار".
وأفاد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في بيان: "نشعر بالقلق خصوصاً من التقارير عن قصف عشوائي ينفّذه الطرفان".
وتابع: "في كل يوم يتواصل فيه هذا النزاع العبثي، يُقتل المزيد من المدنيين ويصابون ويتركون من دون منازل وطعام ومصادر رزق".
سلب ونهب
في الأثناء، أفاد أحد سكان الفولة بأن عناصر "الجيش والاحتياطي المركزي اشتبكوا مع قوات الدعم السريع وأُحرقت خلال المعارك مقار حكومية".
وأشار شاهد آخر في الفولة إلى "عمليات سلب ونهب للمحلات التجارية بسوق المدينة"، مؤكداً "سقوط عدد من القتلى من الطرفين لم يتم حصرهم بسبب استمرار القتال".
وأسفر النزاع عن مقتل 3900 شخص في أنحاء البلاد، بحسب مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد)، إلا أن الأعداد الفعلية للضحايا قد تكون أعلى بكثير، بحسب وكالات إغاثة ومنظمات دولية، إذ إن المعارك تعرقل الوصول إلى العديد من المناطق.
وأكد مسؤولو 20 منظمة إنسانية دولية في بيان، الثلاثاء، أن "المجتمع الدولي ليس لديه أي عذر" لتأخره في تخفيف معاناة سكان السودان.
وقالوا إن نداءين لمساعدة نحو 19 مليون سوداني حصلا على تمويل "يزيد قليلاً على 27 في المائة. هناك حاجة لتغيير هذا الوضع".
وأشار الموقّعون على البيان إلى أن أكثر من 14 مليون طفل بحاجة للمساعدة الإنسانية بينما فر أربعة ملايين شخص من القتال، سواء داخل السودان أو لاجئين في بلدان مجاورة.
ومع قدوم موسم الأمطار في يونيو/حزيران، تضاعفت مخاطر انتشار الأوبئة بينما تحمل الأضرار التي لحقت بالمحاصيل خطر مفاقمة انعدام الأمن الغذائي.
وأعربت الأمم المتحدة خصوصاً عن قلقها حيال مصير النساء والفتيات في ظل "انتشار صادم لأعمال عنف جنسي تشمل الاغتصاب".
وقالت ليلى بكر، من صندوق الأمم المتحدة للسكان: "شهدنا ازدياداً في العنف القائم على النوع الاجتماعي بنسبة تتجاوز 900 في المائة في مناطق النزاع. تواجه تلك النساء خطراً كبيراً جداً".
(فرانس برس)