كشف تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت" كتبه المختص بالشؤون الاستخباراتية رونين بيرغمان، الذي يعمل أيضاً مراسلاً لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، اليوم الثلاثاء، عن أنّ الحكومة الإسرائيلية تستعد في الأسابيع القريبة لمعركة ضد الإدارة الأميركية، لتغيير قرار الأخيرة بشأن اعتبار شركة البرمجة والسايبر الإسرائيلية "إن إس أو" تشكل خطراً على المصالح الأميركية والأمن القومي الأميركي.
وأكد بيرغمان أنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية نفتالي بينت، الذي جاء للسياسة أصلاً من قطاع شركات الهايتك، ووزيري الأمن والقضاء، يستعدون لفتح معركة ضد الإدارة الأميركية بهذا الخصوص.
ولفت بيرغمان إلى أن القرار الأميركي استمرار لما أسماه الحرب الجارية بين شركات الإنترنت الأميركية وشركات السايبر الإسرائيلية، "لكنه يعكس بالأساس حالة الريبة والشك بين الإدارة الأميركية الجديدة والحكومة الإسرائيلية بقيادة نفتالي بينت، ولا سيما أنّ الأخيرة لم تدرك حقيقة التغيير في الوعي، وفي أوساط الرأي العام الأميركي، بكل ما يتعلق بحقوق الإنسان وحساسية هذه القضية".
وتحدث بيرغمان عن محاولة الحكومة الإسرائيلية قراءة سبب القرار الأميركي الذي أبلغت فيه إسرائيل قبل ساعة فقط من إعلانه، ومحاولة نسب ذلك إلى قرار الحكومة بمواصلة مشاريع الاستيطان، لافتاً إلى أن المعلومات التي توافرت لدى الولايات المتحدة، والتزامن بين قرار وزير الأمن الإسرائيلي قبل أسبوعين بإعلان ستّ منظمات حقوقية فلسطينية "إرهابية"، ومرتبطة بنشاطات إرهابية، وتحديداً لـ"الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، مع ما كشفته المنظمات الفلسطينية الست في المؤتمر الصحافي أمس الاثنين بشأن تعرّض نشطاء فيها لاختراق هواتفهم عبر برنامج التجسس الإسرائيلي "بيغاسوس"، وعدم اقتناع الإدارة الأميركية بالادعاءات الإسرائيلية التي رافقت إعلان المؤسسات الفلسطينية الستّ بأنها إرهابية، كلها زادت من حدة التوتر والغضب الأميركي، ولا سيما من مسألة تجسس إسرائيل على هاتف أحد نشطاء هذه الجمعيات، وهو أبي العابودي، من مؤسسة "بيسان" للأبحاث، الذي يحمل جنسية أميركية، والذي قدّم على ما يبدو شكوى للسلطات الأميركية.
وبحسب بيرغمان، فإنّ توجيه الاتهام إلى شركة السايبر الإسرائيلية، والإعلان أنها تهديد للأمن القومي الأميركي، بمثابة اتهام لوزارة الأمن الإسرائيلية، لأن قوانين تصدير وبيع السلاح في إسرائيل توجب رقابة على الجهات التي تتلقى هذه الأسلحة، كذلك إن ترخيص شركة السايبر الإسرائيلية "إن إس أو" يلزمها ببيع برامجها التجسسية فقط للدول، وليس لجهات تجارية خاصة، مع اشتراط أن يكون ذلك لأغراض مكافحة الإرهاب. وبالتالي، إن ما قامت به الشركة الإسرائيلية، يوازي عملياً قيام سلطة تطوير السلاح في إسرائيل "رفائيل"، ببيع صواريخ للهند مثلاً، التي تقوم بدورها بإطلاق هذه الصواريخ باتجاه قرى في كشمير، ومن ثم الرد الأميركي بإدراج "رفائيل" على قائمة الشركات التي تهدد الأمن القومي الأميركي.
واعتبر بيرغمان أنّ "الحرب على (إن إس أو) ترتبط عملياً بكثير من كمّ القضايا الرئيسية والسرية الحساسة التي تتعلق بالأمن القومي الإسرائيلي".
في المقابل، لفتت صحيفة "هآرتس"، اليوم الثلاثاء، إلى أن التجسس الإسرائيلي على المنظمات الفلسطينية، عكس حالة الرعونة والاستهتار للحكومة الإسرائيلية، خصوصاً أن لا حاجة للذهاب بعيداً في محاولة معرفة الجهة التي استخدمت هذا البرنامج ضد منظمات حقوقية فلسطينية.
وأشارت الصحيفة أيضاً إلى أن الحكومة الإسرائيلية لا يمكنها التنصل من نشاط شركة "إن إس أو"، سواء بفعل شروط الترخيص، أو بفعل حقيقة استخدام إسرائيل ورقة القدرات السيبرانية وبرامج الشركة للتجسس وبيعها لدول غير ديمقراطية، مقابل تصويت أنظمة هذه الدول لمصلحة إسرائيل في المحافل الدولية، ولا سيما في الأمم المتحدة.
وفي هذا السياق، شكّل نشاط هذه الشركة التي فُضح بيعها لبرامج التجسس لدول مثل المغرب والإمارات وهنغاريا والهند، أحد مركبات القوة لتحريك السياسة الخارجية لإسرائيل، وضمان تأييد من دول كانت في الماضي تعارض السياسات الإسرائيلية.