تلميحات أميركية حول احتمال توسّع المواجهة بين حزب الله وإسرائيل

07 يونيو 2024
غارة إسرائيلية على قرية الخيام، جنوب لبنان 29 مايو 2024 (ربيع ضاهر/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل، مع تحذيرات أميركية من خروج الوضع عن السيطرة وتأكيدات على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، مما يهدد بتوسع النزاع.
- جهود الرئيس الأميركي جو بايدن لإنهاء الحرب عبر "خريطة طريق" تواجه جدلاً، خصوصًا حول وقف النار، مع محاولات للحفاظ على الهدنة ودفع الأطراف نحو المفاوضات.
- التركيز الإسرائيلي على الجبهة الشمالية والتهديدات المتزايدة تشير إلى إمكانية استمرار الحرب مع حزب الله، حتى خلال وقف النار المؤقت في غزة، للحفاظ على الضغط في المنطقة.

ساد اعتقاد في الفترة السابقة بأن التراشق بين حزب الله وإسرائيل منضبط في حدود قواعد لعبة متفاهم عليها ضمناً تفرضها المحاذير والكوابح، ولكن الإدارة الأميركية انتقلت إلى الحديث عن "القلق" من التسخين المتزايد على الجبهة الإسرائيلية الشمالية في الأيام الأخيرة، ورفعت وزارة الخارجية الأميركية العيار أمس الخميس حين حذرت، وإن بصورة مبطنة، من احتمال خروج الوضع عن السيطرة. وبعد التذكير بموقف الإدارة التي "دعت إسرائيل، وما زالت، إلى عدم توسيع هذه الجبهة" قال المتحدث باسم الخارجية ماثيو ميلر إن هناك خشية "من مخاطر التصعيد الذي قد يؤدي إلى تمديد رقعة النزاع، بما قد يعود بنا إلى النقطة التي كنا عندها من قبل"، وفي تفسيره لهذا التطور أضاف أن "حزب الله يواصل ضرباته عبر الحدود، وفي هذه الحال لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها".

واللافت أن التصعيد غير المسبوق بين حزب الله وإسرائيل تزامن مع طرح الرئيس جو بايدن مشروع "خريطة طريق" لإنهاء الحرب، والتي أثارت جدلاً حول تفسيرها بين الإدارة ورئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولا سيما حول بند وقف النار. وكان المخرج، بحسب مسؤولين، لحالة الجدل هذه هو أن وقف النار بعد نهاية المرحلة الأولى من "الخريطة" يبقى معمولاً به حتى يدخل في عملية التفاوض على المرحلة الثانية، والمراهنة بالتالي على أنه ليس بوسع نتنياهو أن يتملّص من مشروع كان قد أعطى موافقته المسبقة عليه "وتفويضه" لبايدن بالإعلان عنه، مع الاعتقاد بأن نتنياهو سيمضي على الأقل في المرحلة الأولى من المشروع لكن بنية المراوغة في المفاوضات حول المرحلتين الأخيرتين. وأكدت الخارجية الأميركية مراراً أن "إسرائيل تعتزم المضي في العملية لو وافقت حماس" التي ترجح التكهنات موافقتها على المرحلة الأولى لو حصلت على ضمانات بخصوص المتبقي من الصفقة.

وعلى الأرجح فإن التركيز الإسرائيلي على الجبهة الشمالية يندرج في هذا السياق، وقد تمثل ذلك في الأيام الأخيرة بزيارات كبار المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، يتصدرهم نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالانت، إلى الحدود مع لبنان، ومخاطبة هذا الأخير بلغة الوعيد والتهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور، وكأن هناك طبخة قيد الإعداد لضمان استمرار الحرب بين حزب الله وإسرائيل أثناء الأسابيع الستة من وقف النار في المرحلة الأولى من خطة بايدن. وإشارة الخارجية الأميركية يوم أمس في سياق الحديث عن الحدود الشمالية إلى "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" سبق أن جرى استحضارها قبل أو بعد عمليات الاقتحام الكبيرة التي قامت بها القوات الإسرائيلية في غزة، التي كان آخرها الدخول إلى مدينة رفح التي اشترطت الإدارة عدم اجتياح المدينة إلا بعد خطة مقبولة وكفيلة بتأمين حماية المدنيين، وللالتفاف على هذا المطلب أرغمت القوات الإسرائيلية حوالي مليون من سكانها على النزوح القسري قبل الدخول إلى وسط رفح، وتجاهلت واشنطن هذا الالتفاف. ولن تعجز إسرائيل، المعروفة بتدوير الزوايا، عن تقديم أي توسيع لحربها في لبنان في قالب "حق الدفاع عن النفس" الذي سبق أن مررت حلقات عديدة منه في قطاع غزة اكتفت الإدارة إزاءها بوعد إسرائيل بـ"التحقيق" بخصوصها. وكان آخرها أول أمس الأربعاء بعد قصف المدرسة التي تديرها الأمم المتحدة وسقوط عدد كبير من التلاميذ والمدنيين والتي قالت الخارجية الأميركية أمس إنها ما زالت "تنتظر الحصول على المزيد من المعلومات حول ظروف الحادثة".

تكمل الحرب على غزة اليوم الجمعة شهرها الثامن، ويشعر بايدن الذي تفصله عن الانتخابات خمسة أشهر أكثر فأكثر بثقل عبئها، إذ أصدرت "الجمعية الوطنية من أجل النهوض بالملونين"، أمس الخميس، بياناً يطالب البيت الأبيض بوقف تزويد إسرائيل بالسلاح ووقف حرب غزة، وهذه المؤسسة هي أهم وأكبر جمعية مدنية للأميركيين السود والأكثر تأثيراً في صفوفهم ولا غنى لبايدن عنها لتحسين وضعه المتدني لدى الملونين. كما أن بايدن يواجه خلافات مع "الجناح التقدمي" حول الحرب، وبذلك هو في أمس الحاجة لحلحلة في غزة، وهذا ما يدركه نتنياهو الذي لا يستغني عن استمرار الحرب لحساباته الداخلية، ولذلك لن يجد صعوبة في تدبيج واختلاق حيثيات مفصلة على قياساته لتوسيع المواجهة في جنوب لبنان بحدود تكفي لبقاء النار مشتعلة على هذه الجبهة أقله خلال وقفها المؤقت في غزة.. إذا توقفت.

المساهمون