تكتيكات روسية متشابهة في أوكرانيا وسورية: تدمير وحصار وتهجير وإيذاء للمدنيين

بعد أكثر من شهر على بدء الحرب الروسية على أوكرانيا، أصبح أكثر وضوحاً أن موسكو تعتمد في أوكرانيا التكتيكات نفسها التي اعتمدتها في الحرب السورية: حصار، واستهداف للمناطق المدنية والمنشآت الطبية، حتّى باتت الحياة في ماريوبول في جنوب شرقي أوكرانيا، مشابهة لما عاشه السوريون.

فعلى الرغم من اختلاف شكل التدخل الروسي في كلّ من سورية وأوكرانيا، إلا أن الروايات عن الحياة في هذه المدينة التي تحاصرها القوات الروسية، تبدو "مألوفة بشكل مخيف" للسوريين، بحسب صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

وتنقل الصحيفة عن المسؤول في منظمة العفو الدولية دانييل بالسون، قوله: "إننا مذهولون حقاً لمقدار أوجه التشابه". ويلفت إلى أن روسيا هاجمت المنشآت الطبية في كلّ من حلب السورية، وماريوبول الأوكرانية، بالإضافة إلى المدارس والمباني التي لجأ إليها المدنيون، مثل المسرح الذي قالت السلطات الأوكرانية إن روسيا قصفته في ماريوبول، في انتهاك كامل للمبدأ الدولي الذي يتحدث عن واجب الأطراف المتحاربة بالتمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية.

ويقول إن إصابات كثيرة بين المدنيين والتي توثقها المنظمة في أوكرانيا سببها "القنابل الغبية"، وليس الأسلحة الموجهة، مشيراً إلى أنه من المستحيل استخدام هكذا أسلحة في هذه المناطق المكتظة بالسكان، مع ضمان عدم فقدان مدنيين لأرواحهم.

وكانت المنظمة الدولية حذّرت قبل أيام من أنّ الغزو الروسي لأوكرانيا هو "تكرار" للحرب في سورية. وسبق أن حذر مسؤولون أوكرانيون من أن ماريوبول تتحوّل إلى "حلب ثانية". وقد تحوّلت هذه المدينة السورية إلى رمز لاستعداد القوات الروسية والسورية لاستخدام تكتيكات قاسية ضد المدنيين.

Russia’s Ukraine war builds on tactics it used in Syria, experts say https://t.co/VpYRuOS6vG

— The Washington Post (@washingtonpost) March 31, 2022

وفي وقت يحذر خبراء في القانون الدولي والنزاعات من أن عدم محاسبة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تصرفاته في سورية، شجعه على تكرارها، يتحدث بالسون عمّا وصفه بـ"نمط أوسع" لاستهداف الروس للمدنيين من دون عقاب، والذي يعود إلى حصارهم لعاصمة الشيشان، غروزني، في عام 1999. ويوضح أنه عند التدخل الروسي في الشيشان، كانت هناك حوادث موثقة جيداً لأشخاص يفقدون حيواتهم، وإمكانية الوصول إلى مواردهم ومنازلهم.

أخبار

التحديثات الحية

زيلينسكي يشبّه تدمير ماريوبول بحلب السورية

حرب طويلة الأمد؟

بدوره، يلفت نائب رئيس العلاقات الخارجية في الدفاع المدني السوري المعروف بـ"الخوذ البيضاء"، فاروق حبيب، إلى أن السوريين لديهم أفضل تجربة في التعامل مع استهداف الروس للأحياء المدنية.

ويعتبر حبيب أن تركيز الاهتمام العالمي على إنشاء ممرات إنسانية، بعيداً عن جهود إنهاء القتال أو إقامة مناطق آمنة، يخدم موسكو من الناحية الاستراتيجية، مشيراً إلى أن السلطات الروسية تريد إفراغ المدن من سكانها، حتّى تصبح السيطرة عليها أقلّ تكلفة بالنسبة إليها.

وإذ يؤكد حبيب أن "الخوذ البيضاء" تشارك مع الشركاء الأوكرانيين الدروس التي تعلّمتها من الحرب السورية وترجمت إلى الأوكرانية دليل السلامة للمدنيين المعرّضين للهجوم، يقول: "لا أرى نهاية قريبة، عليهم أن يكونوا مستعدين لحرب طويلة الأمد".

تقارير دولية

التحديثات الحية

روسيا تحوّل ماريوبول إلى "رماد": أرض مقفرة وجثث ملفوفة في بطانيات

وفي هذا السياق، تنقل "واشنطن بوست" عن كبيرة الباحثين المساعدين في مركز فيينا لنزع السلاح وعدم الانتشار هانا نوت، تحذيرها من أن روسيا ستسعى في أوكرانيا، كما فعلت في سورية، إلى تصوير المدنيين الذين بقوا على أنهم مقاتلون أعداء، وبالتالي يشكّلون أهدفاً مشروعة.

وفي مقارنة بين المدينتين، تشير "واشنطن بوست" إلى أن القوات الروسية هاجمت في عام 2016، خلال حصار استمرّ قرابة 6 أشهر للأجزاء التي كانت تسيطر عليها المعارضة السورية في حلب، المصانع ومحطات المياه، وقطعت خطوط الإمداد عنها، ما ترك 250 ألفاً من السكان يعانون من نقص حادّ في الغذاء والدواء والوقود، ما تسبّب بكارثة إنسانية.

أوكرانية تحمل طفلها وسط الدمار، وسورية تحمل طفلها وسط الدمار (عبد الحميد حسباس، فرات يورداكول/Getty)

جندي أوكراني خارج سفيتلودارسك في أوكرانيا، وعنصر من الجيش الوطني السوري (ولفغانغ شوان، وكالة أتيلغان أوزديل /Getty)

مبنى سكني تعرض لهجوم روسي في كييف، وأمام مبنى مدمر في حلب بسورية (أمين سنسار، جواد الرفاعي / Getty)

مدنيون فروا من أوكرانيا، وسوريون فروا من هجمات نظام الأسد (سترينجر، محمد سعيد /Getty)

إجلاء مدنيين من بلدة إربين، ومدنيون يفرون من سورية (أمين سانسار، وكالة بوراك ميلي/Getty)

شرطيان يساعدان امرأة على عبور جسر في إربين بأوكرانيا، وجنود أتراك يساعدون السوريين (دييغو كارسيدو، هيئة الأركان العامة التركية / Getty)

بعد تدمير مبنى في وسط مدينة خاركيف، وأعمال البحث والإنقاذ في مبنى دُمر في سورية (ولفغانغ شوان، جواد الرفاعي/Getty)

الجريحة أولينا كوريلو في أوكرانيا، وامرأة سورية مصابة (ولفغانغ شوان، محمد سعيد/Getty)

فتاة أوكرانية أمام خيمة، وفتاة سورية في مخيم للاجئين في منطقة هاتاي التركية (عبد الحميد حسباس، أحمد بايسال/Getty)

جندي يمشي أثناء تساقط الثلوج في وسط خاركيف، أوكرانيا، ومسلح يمشي أثناء تساقط الثلوج في حلب، سورية (أندريا كاروبا، صالح محمود ليلى/Getty)

الدمار في خاركيف بأوكرانيا، وبعد الهجوم بالمروحيات في حلب (أندريا كاروبا، صالح محمود ليلى/Getty)

دركي تركي وضابط شرطة يساعدان طفلاً سورياً، وجندي يحمل طفلاً في إربين الأوكرانية(فرات يورداكول، أمين سانسار /Getty)

أوكراني يلاعب طفله، وأب سوري يلاعب ابنه (إيتاك أونال، محمد سعيد /Getty)

مدني أمام حطام المباني في كييف، ومدني أمام حطام المباني بعد هجمات بالبراميل المتفجرة (أمين سنسار ، صالح محمود ليلى / Getty)

الفتاة مليك أمير تحمل لعبتها، وطفلة أوكرانية تقف لالتقاط صورة مع دميتها (عبد الحميد حسباس،Gett/Cem Genco)

جندي أوكراني يداعب قطة، ورجل سوري يداعب قطة (ولفغانغ شوان، صالح محمود ليلى/Getty)

رجال إطفاء في خاركيف بأوكرانيا، وفريق الدفاع المدني في إدلب (دييجو كارسيدو، محمد أمين القربي/Getty)

مدنيون أوكرانيون يخلون بلدة بوتشا، ووصول لاجئين سوريين إلى اليونان (أمين سانسار، وكالة توماس كامبين/Getty)

أوكرانيون فروا من إربين بسبب الهجمات الروسية، ولاجئون سوريون بعد وصولهم إلى ميناء بيرايوس (دييغو هيريرا كارسيدو، إيهان محمد/Getty)

قوات الأمن الأوكرانية ترافق رجلاً مصاباً، ورجل سوري أُنقذ من تحت الأنقاض (ولفغانغ شوان، بهاء الحلبي/Getty)

مبنى مدمر في خاركوف بأوكرانيا، ومبنى مدمر بعد الغارات الجوية في حلب (دييجو هيريرا كارسيدو، جواد الرفاعة/Getty)

تدمير مبنى من جراء هجوم صاروخي روسي، وإخماد حريق اندلع بعد غارات جوية في الغوطة (ولفغانغ شوان، قصي نور/Getty)

مدنيون أوكرانيون يحتمون في محطات المترو، ومدنيون سوريون فروا من "داعش" (أمين سانسار، رؤوف مالتاس/ Getty)

وفي ماريوبول، طوّقت القوات الروسية المدينة وقصفتها، وقطعت عنها الاتصالات والغاز والمياه والكهرباء، ومنعت دخول قوافل الإغاثة إليها. وقد أظهرت تقارير قيام السكان بتذويب الثلوج لشرب المياه، وتقنين الطعام بين الأطفال الجياع، ونفاد الأدوية الحيوية.

ولم توفّر القوات الروسية في كلّ من حلب وماريوبول المنشآت الطبية، التي طاولها القصف، بالإضافة إلى المدارس والمباني التي لجأ إليها الهاربون من الحرب.

Inside ghost town of Mariupol as innocent civilians forced to hide into basement bunkershttps://t.co/qYjCyffXf1 pic.twitter.com/t0AxAbqrxK

— The Mirror (@DailyMirror) April 1, 2022

وفي وقت اتّهمت لجنة تحقيق دولية مستقلة تابعة للأمم المتحدة روسيا بارتكاب جرائم حرب من خلال هجماتها العشوائية على مناطق مدنية في سورية، فإنّ موسكو متّهمة أيضاً بانتهاك القانون الدولي في أوكرانيا، رغم نفيها المتكرّر لاستهداف المدنيين هناك.

التضليل

وتتطرّق الصحيفة الأميركية في معرض مقارنتها بين تكتيكات روسيا في كلّ من سورية وأوكرانيا، إلى التضليل الذي تستخدمه موسكو، مشيرة إلى أن الأخيرة صوّرت مع حلفائها "الخوذَ البيضاء" في سورية على أنهم "إرهابيّون"، في وقت صنّف الكرملين المسؤولين والجنود الأوكرانيين على أنهم "نازيّون".