استمع إلى الملخص
- أشار التقرير إلى أن الاعتقال خالف المادة التاسعة من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، حيث لم يتم إبلاغ المعتقلين بأسباب اعتقالهم أو التهم الموجهة إليهم بشكل فوري، مما حرمهم من الدفاع عن أنفسهم بفعالية.
- رغم أن التقرير غير ملزم، إلا أن عدم امتثال تونس له قد يؤدي إلى تداعيات قانونية وسياسية، خاصة مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ويشكل ضغطاً معنوياً للإفراج عن المعتقلين.
دعا مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة السلطات في تونس إلى إطلاق سراح ثمانية معتقلين سياسيين، مشيراً في تقرير صدر اليوم الاثنين، إلى أن المجموعة الأممية المكلفة بالعمل على ملف الاحتجاز القسري للمعتقلين السياسيين خلصت إلى أن هناك انتهاكات في حق الأشخاص الثمانية وأنهم حرموا من محاكمة عادلة بلغت من الخطورة حداً أدى إلى حرمانهم تعسفياً من الحرية. واعتُقل الثمانية في ما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة. ومن بين المتهمين في هذه القضية: عضوا جبهة الخلاص الوطني جوهر بن مبارك ورضا بلحاج، والأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، والأمين العام السابق للتيار الديمقراطي غازي الشواشي، والناشطان السياسيان خيام التركي وعبد الحميد الجلاصي، وعدد كبير من نشطاء وقياديي حركة النهضة.
وقال التقرير إن احتجاز المعتقلين الثمانية كان تعسفياً استناداً إلى العناصر التي قدمها المشتكون والتي يعتبرها المجلس مقبولة، لافتاً إلى أن الأسباب الإجرائية للاعتقال والاحتجاز كانت مخالفة للمادة التاسعة (الفقرة 2) من العهد الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، حيث إنه يجب إبلاغ الشخص المحتجز أو الموقوف بالأسباب أثناء الاعتقال وإخباره بالتهم الموجهة إليه في أسرع وقت ممكن حتى يتمكن من الدفاع عن نفسه بشكل فعال. وخلص فريق العمل إلى أن الاعتقال ليس له أساس قانوني، كما تقاعست السلطات التونسية في احترام التزامها بتقديم المعتقلين أمام القاضي في أسرع وقت ممكن.
وشدد التقرير على أن تونس ملزمة قانونياً، حيث إنها صادقت على اتفاقيات الأمم المتحدة، باحترام حقوق الإنسان، مشيراً إلى أن هذا التقرير ليس قراراً قضائياً ولا توجد وسائل قسرية لإجبار الدولة على الامتثال له، ولكن عدم احترام التقرير له تداعيات قانونية أمام المحاكم الأوروبية، حيث تطالب الهياكل المعنية بتصنيف تونس دولةً لا تحترم حقوق الإنسان، كما أن هناك تداعيات سياسية في العلاقة مع النظام القائم ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية.
وقالت عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين السياسيين المحامية دليلة مصدق، لـ"العربي الجديد"، إن "مجموعات العمل داخل مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة تشتغل على عدة ملفات، مثل الاحتجاز القسري وحرية التعبير"، مبينة أنهم "تقدموا في شهر آذار (مارس) 2023 بشكاية إلى الأمم المتحدة، وتحديداً إلى مجموعة العمل المعنية بالاحتجاز القسري، وقد استغرق العمل على الملف وقتاً طويلاً ليصدر التقرير، نحو سنة ونصف، كما أن استكمال الملف تطلب ستة أشهر، حيث كان هناك تدقيق في جل المعطيات والوثائق التي قدموها".
وأوضحت المتحدثة أن "فريق العمل تولى إثر ذلك إجراء الاتصالات اللازمة مع الدولة التونسية، ورغم عدة مراسلات واستفسارات، فإن تونس رفضت الرد"، مشيرة إلى أنه "بعد نحو سنة ونصف تقريباً، وتحديداً في العاشر من ديسمبر/كانون الأول الجاري، تم استكمال التقرير النهائي وعرض أمام لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة خلال جلسة عامة، والتي تعتبر تونس عضواً فيها". وأضافت مصدق: "صحيح أن هذا التقرير لا يكتسي صبغة إلزامية تجبر تونس على إطلاق سراح المعتقلين، ولكن على مستوى حقوق الإنسان ودولياً فقد تواجه تونس اشكالات، لأن هذا التقرير سيصبح مرجعاً في هذا المجال وسيشكل ضغطاً معنوياً على تونس"، مؤكدة أن "هذا التقرير مهم جداً وهو إعتراف دولي بأن الاعتقال كان تعسفياً وباطلاً سواء من حيث الإجراءات أو المضمون، أي طبيعة الجريمة".
والفريق الأممي المعني بملف الاعتقال التعسفي هو هيئة مفوضة من الأمم المتحدة مؤلفة من خبراء مستقلين في مجال حقوق الإنسان، وهو مسؤول عن التحقيق في حالات الحرمان من الحرية المفروضة بشكل تعسفي أو بأي طريقة أخرى لا تتفق مع المعايير الدولية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو في القانون الدولي والتي قبلتها الدول المعنية. ويقوم الفريق العامل بالتحقيق في الحالات عن طريق إرسال رسائل ومناشدات عاجلة إلى الحكومات المعنية للتوضيح أو لفت انتباهها إلى هذه الحالات، مؤكدين أن الدولة التونسية اختارت في هذه القضية عدم الرد على الشكوى.