تقديرات روسية متباينة لسياسة بايدن في الشرق الأوسط

13 ديسمبر 2020
قد يسعى بايدن لاستعادة الدور بالشرق الأوسط (شيب سوموديفيلا/Getty)
+ الخط -

مع اقتراب موعد تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب، جو بايدن، في 20 يناير/كانون الثاني المقبل، تترقب روسيا بفارغ الصبر الكشف عن ملامح سياساته في الشرق الأوسط، بما في ذلك الملفات الحيوية مثل سورية وليبيا والنووي الإيراني والعلاقات مع دول الخليج، مما سيحدد آفاق التعاون بين موسكو وواشنطن في هذه القضايا.

وتتراوح تقديرات الخبراء الروس بين توقعات بعودة واشنطن دبلوماسياً بقوة إلى المنطقة لاستعادة الدور الأميركي المتراجع فيها، وتوقعات أخرى بمواصلة انسحابها من الشرق الأوسط وتراجع المنطقة على سلم أولويات الإدارة الأميركية الجديدة.

وفي هذا الإطار، يتوقّع الخبير في الشأن الأميركي في "المجلس الروسي للشؤون الدولية"، أليكسي ناوموف، أن يسعى بايدن إلى استعادة الدور الأميركي الحيوي في الشرق الأوسط في ظلّ استيائه من تنامي الدورين الروسي والتركي في عهد الرئيس الخاسر في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني الماضي دونالد ترامب. ويرجّح أن يسعى الرئيس الجديد لإعادة تفعيل الاتفاق النووي الإيراني والتوصل إلى تسوية دبلوماسية في سورية بالتعاون مع موسكو.


قد يبدأ بايدن محاولات للتسوية الدبلوماسية للأزمة السورية

ويقول ناوموف، في حديث مع "العربي الجديد"، "قد يبدأ بايدن محاولات للتسوية الدبلوماسية للأزمة السورية، بالإضافة إلى مواصلة محاصرة نظام بشار الأسد من خلال قانون قيصر، وسيسعى حتى، إذا لم يتسن له إبعاد الأسد، لإيجاد حلّ يضمن الهدنة في محافظة إدلب وحماية قوات سورية الديمقراطية (قسد) المتحالفة مع الولايات المتحدة". ويضيف "سيتعاون بايدن في تحقيق الحل الدبلوماسي مع روسيا وحلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، وقد يسعى لسحب القوات الأميركية من سورية حتى يصبح رئيساً أنهى الحروب اللامتناهية".

وحول توقعاته لمصير الاتفاق النووي الإيراني في عهد الإدارة الأميركية الجديدة، يرى ناوموف أنّ بايدن "سيحاول العودة إلى هذا الاتفاق، ولكن أموراً كثيرة قد تغيّرت خلال الفترة الماضية، إذ لا يمكنه تحقيق ذلك من دون تسوية مسألة القوات غير النظامية الإيرانية في الشرق الأوسط، بينما لن تقدم طهران، على الأرجح، على أي تنازلات غير منصوص عليها أصلاً في الاتفاق النووي. كما أنّ انعدام ثقة إيران في أي إدارة أميركية سيزيد من صعوبة الأمر".

وفي ما يتعلق بالدور الأميركي المحتمل في ليبيا مع بايدن، يقول: "ستجري محادثات كثيرة بشأن ليبيا وضرورة استقرار الوضع فيها، ولكن الأعمال الفعلية ستكون محدودة. هناك خلافات ومواجهة مع روسيا حول ليبيا، ولكن ليست هناك مصالح أميركية كبرى في هذا البلد، ولذلك لا أتوقع أنه سيصبح صفحة هامة في السياسة الخارجية لإدارة بايدن، خصوصاً أنه عارض التدخل الغربي في ليبيا في عهد الرئيس السابق باراك أوباما في عام 2011".

من جهته، يرجح المحلل السياسي، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، دميتري فرولوفسكي، أن تكون سياسات بايدن في الشرق الأوسط "وسطية بين ترامب وأوباما"، متوقعاً أن "تقلص واشنطن حضورها في المنطقة تدريجياً من دون الانسحاب الكامل منها". ويقول فرولوفسكي في حديث مع "العربي الجديد": "يمكن، من جانب، القول إن بايدن سيسعى للعودة إلى سياسات أوباما بشكل كامل، ولكن التغييرات التي طرأت على العالم خلال السنوات الماضية والأشهر الأخيرة تحديداً، تجعل ذلك أمراً صعباً من جانب آخر".


فرولوفسكي: سياسات بايدن في الشرق الأوسط قد تكون وسطية بين ترامب وأوباما

وحول توقعاته بشأن تعامل إدارة بايدن مع دول الخليج العربي، يرى فرولوفسكي أن الرئيس المنتخب "قد يعيد النظر في عقيدة الرئيس الأسبق جيمي كارتر التي كانت تعتمد على الوجود الأميركي في الشرق الأوسط بهدف حماية مسارات التجارة العالمية والدول المنتجة للنفط في الخليج". ويضيف: "لم يعد النفط يؤدي الآن الدور نفسه في الاقتصاد، ويوشك عهده على الانتهاء، مما يزيد من التساؤلات حول ما إذا كان على واشنطن مواصلة سياسات كارتر، وأعتقد أنه ستتم إعادة النظر فيها وفي مستوى التعاون مع بلدان الخليج، بما في ذلك السعودية التي انتقدها بايدن مراراً".

ومع ذلك، يقلل فرولوفسكي من واقعية انسحاب واشنطن من المنطقة بشكل كامل، قائلاً: "على الأرجح، سيستمر الوجود الأميركي، ولكن سيتم تقليصه، بما في ذلك في ما يخصّ القواعد العسكرية في قطر والسعودية. كما ستزداد الضغوط الأميركية على دول الخليج في قضايا حقوق الإنسان. في المقابل، قد تتمكن الولايات المتحدة بفضل التعاون مع إسرائيل، من تحسين العلاقات مع دول عربية أخرى كمصر. وستتراجع الضغوط الأميركية على إيران حتى إذا لم تتم إعادة تفعيل الاتفاق النووي بصورته الأصلية. وفي سورية، سيستمر الضغط على نظام الأسد، ولكن من دون خوض مغامرات عسكرية".

المساهمون