تفاهمات بين "الكردستاني" و"الحشد" في سنجار تحاصر جهود بغداد

20 يوليو 2021
عناصر من حزب "العمال الكردستاني" في سنجار (دييغو كوبولو/Getty)
+ الخط -

كشفت مصادر عراقية مطلعة في بغداد وأربيل، لـ"العربي الجديد"، عن لقاء عُقد في ضواحي مدينة سنجار بمحافظة نينوى، مطلع الأسبوع الماضي، وضم قيادات وممثلين عن مسلحي حزب "العمال الكردستاني"، المعارض لأنقرة والمصنف على لائحة الإرهاب، ومليشيات عراقية مسلحة منضوية ضمن فصائل "الحشد الشعبي". وتم خلال اللقاء البحث في ملفات عدة تتعلق بمدينة سنجار وضواحيها ومنها بلدتا سنوني وخانصور، والطريق الرابط بالأراضي السورية الذي يعتبره مسلحو "الكردستاني" شريان النقل الوحيد إلى داخل سنجار، بعد إغلاق قوات البشمركة في إقليم كردستان، عدة طرق سابقة تربط معاقل الحزب الرئيسة في جبال قنديل بمناطق مثلث فيشخابور، وهي المنطقة الحدودية العراقية السورية التركية، وصولاً إلى سنجار وضواحيها.
وأوضحت المصادر ذاتها، أنّ الاجتماع بحث تحديداً مطلب حزب "العمال" الأول، وهو ضمان أن يستمر طريق الحسكة (السورية) ـ سنجار مفتوحاً، وعدم عرقلة الفصائل المسلحة ذلك، بما يشمل قوافل السيارات والعناصر الداخلين للمنطقة من سورية أو العكس، في المقابل يلتزم "العمال" بالبقاء في مناطق جبل سنجار كمواقع ومقرات رئيسة له، والتفاهم على ملف الإدارة داخل مدينة سنجار.

الاجتماع بحث مطلب حزب "العمال" بضمان استمرارية طريق الحسكة ـ سنجار مفتوحاً

ولفتت المصادر إلى أنّ "وحدات حماية سنجار"، وهي الذراع المحلية لمسلحي "العمال الكردستاني"، هي التي رتبت اللقاء الذي يهدف إلى خلق تفاهمات جديدة لإدارة الوضع في المدينة، مؤكدة أنّ "التفاهمات الحالية التي جرى التوصل إليها تهدد بتأسيس تحالف مصلحي بين الجانبين، ينهي أي آمال لبغداد بتطبيق اتفاقية سنجار". وأبرمت هذه الاتفاقية بين بغداد وأربيل في 9 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، وتهدف إلى تطبيع الأوضاع في سنجار، ثالث أكبر الأقضية العراقية مساحة ويضم ثلاث نواحٍ وأكثر من 60 قرية، يسكنها خليط من العرب والأكراد والإيزيديين. وتقع مدينة سنجار على بعد 110 كيلومترات غربي الموصل، وعلى بعد 50 كيلومتراً من الحدود مع سورية، إذ تحدها من جهة الجنوب الغربي محافظة الحسكة. كما تبعد 70 كيلومتراً عن الحدود التركية.

وتتضمن اتفاقية سنجار بنوداً عدة، أبرزها إخراج جميع الفصائل المسلحة من سنجار، ووضع إدارة مشتركة للمدينة من قبل بغداد وأربيل والبدء بإعادة الأهالي إليها من مختلف المكونات، وإعادة إعمار المدينة وتعويض أهاليها، بموجب إعلان البرلمان العراقي في وقت سابق أنها "مدينة منكوبة"، بعدما تعرّضت لواحدة من أبشع جرائم تنظيم "داعش" في العراق بعد احتلالها، مطلع أغسطس/ آب 2014، مع اختطاف آلاف النساء والأطفال وقتل الرجال، وما زال الآلاف من مواطنيها من الأيزيديين مجهولي المصير، من بينهم 3 آلاف امرأة وطفل. كما تنص الاتفاقية على إنهاء وجود حزب العمال الكردستاني في سنجار، وإلغاء أي دور للكيانات المرتبطة به في المنطقة.

من جهتها، أفادت مصادر محلية في بلدة سنجار، غرب الموصل، "العربي الجديد"، بأنّ الفصائل العراقية، وأبرزها "النجباء" و"كتائب سيد الشهداء" و"كتائب حزب الله" و"عصائب أهل الحق"، وزعت أخيراً عناصرها في مناطق عدة في أطراف سنجار، وأبرزها منطقة عين الحصان، لمنع أي تقدم في ملف تطبيع الأوضاع في سنجار، وقطع الطريق أمام الاتفاق مع أربيل الذي يتضمن عودة قوات البشمركة إلى المدينة كشريك في حفظ الأمن. وتواصل هذه الفصائل استحداث المقرات العسكرية، حتى بلغت العشرات، فيما تحوّلت البلدة إلى ثكنة عسكرية. وتمنع هذه الفصائل جهود القوات العراقية للوصول إلى بعض النقاط المهمة في البلدة، وأبرزها جبل سنجار، الذي يحتله المسلحون.

وزعت الفصائل أخيراً عناصرها في مناطق عدة على أطراف سنجار

في السياق، أكد قائممقام مدينة سنجار، محما خليل، المعلومات عن عقد فصائل عراقية اجتماعاً مع مسلحي "العمال الكردستاني"، موضحاً في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "هذا الاجتماع ليس الأول، وقد عُقدت لقاءات عدة سابقة، وكلها تجري برعاية ومباركة دولة إقليمية من أجل منع تطبيع الأوضاع في سنجار"، في إشارة إلى إيران. ولفت خليل إلى أنّ "الحكومة المحلية في المدينة غير قادرة على منع هذه الاجتماعات، أو قطع طرق المسلحين، لذلك يحتاج هذا الأمر إلى حلول استراتيجية لإنهاء الأزمة". وأضاف أن "من بين الحلول، قطع رواتب وحدات حماية سنجار، الذراع الرئيسة لمسلحي العمال الكردستاني في المدينة، والتي توفرها بغداد على أنها جزء من مرتبات الحشد الشعبي، وإضافة مزيد من العقوبات الاقتصادية على الفصائل والمليشيات في المنطقة، إضافة إلى إجراء استبيان شعبي لأهالي سنجار، الذين يرفض 90 في المائة منهم التوغل المسلح في مدينتهم، ناهيك بضبط الحدود السورية العراقية ومنع تسرب المسلحين العراقيين عبرها، وقطع خطوط الإمداد التي تعتمد عليها المليشيات الداعمة لحزب العمال".

وأشار خليل إلى أنّ "هناك دولة إقليمية معروفة لا تريد انسحاب المليشيات المسلحة ومسلحي حزب العمال، وانسحابهم إبان الإعلان الرسمي عن اتفاقية سنجار كان شكلياً وليس حقيقياً، ومنذ نحو عام لم يتم تنفيذ أي خطوات حقيقية لمنع أو وقف تمدد العمال الكردستاني في سنجار، والذي زاد كثيراً".

خليل: منذ نحو عام، لم يتم تنفيذ أي خطوات حقيقية لمنع أو وقف تمدد "العمال الكردستاني" في سنجار

في المقابل، قال القيادي في "العمال الكردستاني"، كاوة شيخ موس، وهو من قيادات الحزب التي تنشط في سنجار، تعليقاً على المعلومات عن الاجتماع، إنه "ليس معيباً لقاء أي طرف معنا". وتابع في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أن "أهالي سنجار وحدهم لهم الحق في تقرير مصيرهم، لا الاتفاقات الحزبية التي تتم عبر خطابات حكومية بين بغداد والأحزاب الكردية في أربيل". وأضاف: "ليس هناك أي شيء يمنع تواجد مقاتلي العمال لحماية أهالي مدينة سنجار من مخططات تركيا لاحتلال المدينة، ومن بعض الأحزاب الكردية في شمال العراق التي تسعى للسيطرة على مصادر رزق الأهالي".

وعن الموضوع ذاته، تحدث الصحافي المختص بشؤون الأقليات في مناطق إقليم كردستان وشمالي العراق، سامان داود، عن "دفع إيراني"، لعرقلة إيجاد أي حلول في مدينة سنجار تنهي الوضع الحالي وتعيد الحياة إليها. وأضاف في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن عرقلة "العمال"، وكذلك الفصائل العراقية الحليفة لطهران، تأتي بسبب جغرافيّة سنجار، التي تمثل إحدى أهم حلقات الوصل مع سورية ومنها إلى لبنان، معتبراً أن الصراع في المدينة بات إقليمياً أيضاً من جهة إيران وتركيا.

وأوضح داود أن "الصراع المحلي، يتمثّل في أطراف من الحشد الشعبي والحزب الديمقراطي الكردستاني، ويرفض الطرفان التنازل عن مصالحهما من أجل استقرار سنجار، وهذا يعني أن اتفاقية سنجار في حكم الميتة، كما أن الانتخابات المقبلة ستزيد من هذا الصراع، وقد يتحول ملف النازحين إلى ورقة سياسية تستغلها الجهات الحزبية، في وقت تعجز الحكومة العراقية عن التحرك أمام القوى التي تسيطر على أرض سنجار".