تفاصيل مقترحات الوسيط الأميركي على المسؤولين اللبنانيين بشأن ترسيم الحدود مع الاحتلال
أجرى كبير مستشاري الولايات المتحدة لأمن الطاقة آموس هوكستين، اليوم الأربعاء، لقاءات مع المسؤولين اللبنانيين حاملاً معه مقترحات جديدة تعنى بشكل أساسي بملفي ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي ومشروع توريد الكهرباء والغاز من مصر والأردن عن طريق سورية، في ظل تخبّط لبناني واضح وانقسام داخلي حادّ يعوّل عليه الجانب الإسرائيلي ومن خلفه الأميركي الذي من شأنه أن يلعبَ على وتر الأزمة الاقتصادية والحصار لتعبيد الطريق أمام مطالبه.
وقال مصدر في قصر بعبدا الجمهوري لـ"العربي الجديد"، إن "الوسيط الأميركي حمل للرئيس اللبناني ميشال عون مقترحاً يقوم على الخط المتعرج، أي أن يكون حقل قانا كاملاً للبنان وضمن المياه اللبنانية وحقل كاريش كاملاً لإسرائيل".
وشدد المصدر، الذي اشترط عدم كشف هويته، على أن "أجواء اللقاء إيجابية، وقد حمل الوسيط الأميركي عدة طروحات من الجانب الإسرائيلي، وسينكب لبنان على دراستها لتحديد الموقف منها"، لافتاً إلى أن "هناك التزاماً بعدم الدخول كثيراً في التفاصيل لإبعاد الملف عن السجالات السياسية والإعلامية والوصول إلى نتائج إيجابية".
وفيما أشار المصدر ذاته إلى أن "وجود وزيري الخارجية عبد الله بو حبيب ووزير الطاقة وليد فياض خلال الاجتماع مؤشر إلى جدية تعاطي الجانب اللبناني مع الملف والخطوة الأميركية"، لفت إلى أنه "تم الاتفاق على أن يكمل الوسيط الأميركي جولته ليعود بمقترحات خطية توضع على الطاولة ويبدأ النقاش حولها، وقد تكون عرضة لتدوير الزوايا أو إدخال تعديلات وما إلى ذلك".
وتابع قائلا "وبالتالي فإن هوكستين سيجري تقييماً للجوابين اللبناني والإسرائيلي ومن ثم سيعود باقتراحات خطية توضع على الطاولة لتناقش في زيارته المقبلة إلى لبنان".
في الأثناء، قال مصدر في السفارة الأميركية في بيروت لـ"العربي الجديد"، شريطة عدم كشف هويته، إن "لقاءات هوكستين كانت إيجابية جداً وهناك احتمال جدي للتوصل إلى اتفاق بخصوص ملف ترسيم الحدود".
لبنان يستبق جولة هوكستين
واستبق لبنان جولة هوكستين بتوجيهه رسالة إلى الأمم المتحدة تؤكد حتمية نقل التفاوض من الخط 23 إلى الخط 29 وأن حقل كاريش متنازع عليه مع الاحتلال الإسرائيلي، في وقتٍ أقفل فيه أمين عام "حزب الله" حسن نصر الله، أمس، الباب على أي تعاون أو تنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي، معبّراً عن رفضه لأي "شبهة تطبيع".
من جهته، قال مسؤول عسكري لـ"العربي الجديد"، إن "الوسيط الأميركي تحدث خلال لقائه قائد الجيش العماد جوزاف عون اليوم عن أهمية حصول اتفاق بين لبنان والعدو الإسرائيلي لما في ذلك من مصلحة للبنان بالشق الاقتصادي ولا سيما في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد".
وأضاف أن هوكستين شدد على ضرورة أن "يتقدم كل طرف باتجاه الآخر، وضرورة بدء لبنان بعمليات التنقيب عارضاً مساعدة شركات أميركية بذلك".
واكتفى بيان صادر عن قيادة الجيش في لبنان بالإشارة إلى أن اللقاء بين هوكستين والعماد عون وبحضور السفيرة الأميركية دوروثي شيا تناول موضوع ترسيم الحدود البحرية، وقد أكد عون للموفد الأميركي أن "المؤسسة العسكرية هي مع أي قرار تتخذه السلطة السياسية في هذا الشأن".
استقبل قائد الجيش العماد جوزاف عون في مكتبه في اليرزة، رئيس الوفد الأميركي للمفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية آموس هوكشتاين بحضور السفيرة الأميركية السيدة دوروثي شيا، وتناول البحث موضوع ترسيم الحدود البحرية.#الجيش_اللبناني #LebaneseArmyhttps://t.co/ZaF4qRmD4Q
— الجيش اللبناني (@LebarmyOfficial) February 9, 2022
في المقابل، غردت السفارة الأميركية في بيروت عبر "تويتر" تحت عنوان "حيث هناك إرادة هناك وسيلة"، مشيرة إلى أن "اتفاقاً على الحدود البحرية يمكنه أن يخلق فرصة تشتد الحاجة إليها لتحقيق الازدهار لمستقبل لبنان".
حيث هناك إرادة هناك وسيلة…
— U.S. Embassy Beirut (@usembassybeirut) February 9, 2022
إن اتفاق على الحدود البحرية يمكنه أن يخلق فرصة تشتدّ الحاجة إليها لتحقيق الازدهار لمستقبل لبنان.
لقاء مثمر اليوم بين كبير مستشاري الولايات المتحدة لأمن الطاقة العالمي آموس هوكستين وقائد الجيش جوزاف عون.@amoshochstein @LebarmyOfficial pic.twitter.com/y9XMqw9eN9
وشددت السفارة الأميركية على أن "اللقاء بين كبير مستشاري الولايات المتحدة لأمن الطاقة العالمي وقائد الجيش كان مثمراً".
ميقاتي سيتشاور مع عون وبري
بدوره، قال المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي إنه جرى خلال لقائه بهوكستين البحث في الاقتراحات الجديدة التي يحملها. وأشار ميقاتي إلى أنه سيتشاور في شأنها مع الرئيس اللبناني ورئيس البرلمان نبيه بري لتحديد الموقف اللبناني.
وقبل هذه الزيارة كان الوسيط الأميركي يحمل معه مقترح التفاوض بناء على خط هوف وبالتالي ضمن مساحة 860 كيلومتراً مربعاً، وحصر التفاوض بين الخطين الإسرائيلي واللبناني المودعين لدى الأمم المتحدة وبالتالي تخلي لبنان عن الخط 29، وهو ما رفضه لبنان سابقاً، معترضاً على وضع شروط مسبقة ومجدداً تمسكه بالخط 29 الذي يضيف 1430 كيلومتراً مربعاً إلى المساحة السابقة.
مع الإشارة إلى أنه عام 2012 قدمت الولايات المتحدة عبر موفدها السفير فريدريك هوف اقتراحاً لحل النزاع بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي يقوم على تقاسم المنطقة التي يدعي الأخير التنازع عليها من خلال رسم خط عرف بخط هوف يقع بين الخط اللبناني 23 والخط الإسرائيلي 1 والذي يعطي لبنان حوالي 490 كيلومتراً مربعاً والإسرائيلي حوالي 370 كيلومتراً مربعاً من أصل كامل مساحة الـ860 كيلومتراً مربعاً المتنازع عليها.
لكن ذلك الاقتراح لم يمرّ، بحسب تقرير في مجلة الجيش اللبناني، لأسباب عدة، منها أن الخط يعطي لبنان الحد الأدنى من حقوقه ويعطي إسرائيل الحد الأقصى، ولانطلاقه من ثلاثة أميال من الشاطئ، ما يترك قنبلة منفجرة للتوافق على ترسيم هذه المنطقة المتبقية.
إقامة حقول مشتركة مع الاحتلال؟
تعليقا على هذه التطورات، قال الخبير العسكري العميد المتقاعد هشام جابر، لـ"العربي الجديد"، إن "جولة الوسيط الأميركي، وهي ليست الأولى من نوعها، تهدف إلى إحياء ملف المفاوضات المتوقف منذ فترة طويلة"، مضيفا أنه "حمل معه مقترحات عدة يطلب من الحكومة اللبنانية الموافقة عليها، منها إقامة حقول مشتركة بين لبنان والعدو الإسرائيلي".
وأشار جابر إلى أن "موقف لبنان واضح باستعداده لاستئناف المفاوضات إذا كانت هناك من مرونة يحملها معه الوسيط الأميركي من الجانب الإسرائيلي، أي أن يقدم شيئاً جديداً خارج إطار الإصرار الإسرائيلي على موقفه في ظل تمسك لبنان بالخط 29".
ولفت إلى أن "المقترحات الأميركية قد لا تلقى توافقاً لبنانياً بالنظر إلى غياب الإجماع اللبناني عليها، وباعتبار أن الموضوع خلافي، والجانب الأميركي حتماً سيستخدم الضغوط الاقتصادية والحصار وغير ذلك للضغط على لبنان، ولا سيما في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها اقتصادياً ومعيشياً".
ومضى جابر قائلا "وبالتالي سيقدم الجانب الأميركي حلولاً إذا تمت الموافقة عليها لبنانياً، فمن شأن ذلك أن يعبد الطريق أمام المساعدات ولا سيما من جانب البنك الدولي وتخفيف الحصار الاقتصادي، بمعنى آخر، سيقدم إغراءات للبنان مبطنة بتهديد في حال الرفض".
ولم يستبعد جابر أيضاً أن تلعب أميركا على وتر ملف الغاز المصري والكهرباء الأردنية، مع العلم أن وزارة الخارجية اللبنانية كانت قد أكدت تبلغها استثناء واشنطن استجرار الغاز والكهرباء إلى لبنان من مصر والأردن عبر سورية من قانون قيصر، الذي فرض عقوبات على المتعاملين مع نظام بشار الأسد بسورية.
من جهة ثانية، قال الخبير العسكري إن "الوسيط الأميركي أتى ليستشعر ما إذا كان هناك تهديد عسكري بالنظر إلى أن حزب الله هدد في أكثر من مرة بأنه في حال الاعتداء على حقوق لبنان البحرية فإنه يمكن أن يقوم بعمل عسكري ضد منصات النفط والغاز".
واستعرض أمين عام "حزب الله" حسن نصر الله، أمس الثلاثاء، خلال إطلالته عبر قناة "العالم" الإيرانية، قوته العسكرية، كما شدد على أن ملف ترسيم الحدود شأن الدولة اللبنانية و"لا نتدخل به"، مؤكداً في المقابل أن "أي شبهة تطبيع أو تنسيق مع العدو مرفوضة وقرار الدولة اللبنانية أنه ليس هناك تطبيع مع العدو".