أعلن وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال في لبنان عصام شرف الدين أن زيارته إلى دمشق، التي بحثت ملف عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، "كانت إيجابية وموفَّقة في ظلِّ ثقة كاملة بين الطرفَيْن، وجهوزية للبدء باستقبال أعداد كبيرة من النازحين قد تصل في المرحلة الأولى إلى 180 ألف لاجئ".
وقال شرف الدين، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه يمكن اعتماد خريطة العودة "في حال العمل بمنهجية جديدة تقوم على مبدأ الإعادة الآمنة، مع متابعة شخصية وإشراف مباشر، بحيث تجرى زيارات إلى المخيمات، ومقابلات مع النازحين لوضعهم بالأجواء الإيجابية التي تضمن عودتهم، في ظلّ حملة تضليل يقودها الغرب"، على حد تعبيره.
وبحسب الأمن العام اللبناني، يقدر عدد اللاجئين السوريين في لبنان بمليونين و80 ألف لاجئ.
وتداول وزير المهجرين اللبناني في لقاءاته مع مسؤولين في النظام السوري مسألة تشكيل لجنة ثلاثية قوامها لبنان والنظام السوري والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين في لبنان (UNHCR)". وقال إن بإمكان مثل هذه اللجنة حل مشاكل كثيرة باعتبار أن لجان فرعية تنبثق عنها عملياً في قرى العودة لمتابعة أوضاع اللاجئين، اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً، وتأمين سلامتهم العامة، ما يعزز عملية التشجيع على العودة.
ولفت شرف الدين إلى "أننا نتابع مع المفوضية إمكانية تسديد المساعدات داخل الأراضي السورية". وقال إن "الوضع ربطاً بالملف عامة إيجابي"، ولا سيما بعد مؤتمرات "القمة العربية، عمان وأستانة"، التي كان فيها توجّه حول التطبيع مع النظام السوري وعودته إلى الجامعة العربية وتحريك ملف اللاجئين بشكل جدي مع إمكانية إعادة الأعمار أيضاً.
وأشار الوزير اللبناني إلى أن المباحثات تطرقت إلى قضية السجناء السوريين في لبنان الذين يريدون استكمال الفترة المتبقية من أحكامهم في سورية. وقال إن "هذا الملف متابع من قبل وزيري العدل والداخلية"، مع الإشارة إلى أنه بحسب أحدث أرقام صادرة عن وزارة الداخلية اللبنانية، فإن نسبة السوريين في السجون اللبنانية تبلغ 29.2%، وهم يعانون مع السجناء اللبنانيين من وضع مأساوي كبير، مع تفاقم المشاكل الصحية والدوائية والغذائية وارتفاع حالات الوفاة والمرض والانتحار.
ولفت شرف الدين إلى أن مجلس الوزراء كلّف وزير الخارجية عبد الله بو حبيب، على رأس وفد قوامه 8 وزراء، بالتواصل مع النظام السوري والهيئات المعنية لتحديد موعدٍ للبحث في ملف النازحين. وقال: "على أمل أن نتلقى قريباً معلومات جيدة وإيجابية بهذا الشأن".
وأجرى شرف الدين زيارة رسمية، أول أمس السبت، إلى دمشق، بهدف بحث ملف عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، واستهلها بلقاء وزير الإدارة المحلية والبيئة في النظام السوري حسين مخلوف، المكلف بملف النازحين في سورية، وذلك تمهيداً للزيارة التحضيرية المرتقبة للوفد الوزاري اللبناني.
وترتفع شكاوى لبنان في الفترة الأخيرة من أعباء اللاجئين (تصرّ السلطات اللبنانية على وصفهم بالنازحين) وبعدم قدرته على تحمّل اللجوء، خصوصاً في غياب أي خريطة دولية لعودتهم، مطالباً الاتحاد الأوروبي بالمساعدة على إيجاد حلّ سريع لهذه المسألة، علماً أن هذا الملف دخل أيضاً البازار الرئاسي ويعدّ ورقة مهمة في أيدي المرشحين، ولا سيما مرشح "حزب الله" والفريق المؤيد له، رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، الرجل المقرب جداً من النظام السوري.
يأتي ذلك في وقتٍ تكثف الأجهزة الأمنية اللبنانية من حملات توقيف وترحيل اللاجئين التي رفعت الصوت بوجهها 20 منظمة لبنانية ودولية لانتهاكها مبدأ عدم الإعادة القسرية، وتعريض مئات السوريين لخطر الاضطهاد أو التعذيب، في حين عرقلت حكومة تصريف الأعمال أخيراً برنامج المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتوزيع مساعدات نقدية بالدولار الأميركي على اللاجئين، في ظل رفض قاطع لـ"دولرتها"، ما دفع المفوضية إلى تعليق خطوتها، وإبقاء المساعدات النقدية فقط بالليرة اللبنانية.
وفي تصريح للمدير التنفيذي لمركز وصول لحقوق الانسان (ACHR) محمد حسن، لـ"العربي الجديد"، قال إن "الحكومة اللبنانية لم تنجح في تبرير فشلها الواضح في إنعاش اقتصاد لبنان من جديد منذ الانهيار الاقتصادي في الربع الأخير من عام 2019، لذلك، فقد عاد لبنان إلى استخدام ملف اللاجئين ورقةَ ضغط لتحقيق دعم مالي من الاتحاد الأوروبي والدول المانحة".
وحول الأشخاص الذين يجرى ترحيلهم، قال حسن: "نسبة كبيرة من السوريين يحملون صفة (لاجئين) بموجب تعريف القانون الدولي (بصرف النظر عن أن لبنان ليس طرفاً في الاتفاقية الخاصة باللاجئين عام 1951)، بسبب آرائهم السياسية وبسبب الخدمة الإلزامية والوضع الأمني غير المستقر الذي لا تزال تقوده حكومة النظام السوري". وأضاف أن الأمم المتحدة لا تزال تصنف سورية على أنها "بلد غير آمن للعودة".
وأشار حسن إلى أن سلوك الحكومة السورية تجاه الأشخاص الذين يعارضونها لا يزال مبنيا على الاعتقال والتعذيب وغير ذلك من الممارسات اللاإنسانية، "ولذلك، فإن حياة اللاجئين السوريين المرحّلين من لبنان إلى سورية معرضة للخطر الجسيم".