في الوقت الذي تصاعدت فيه حدة التوتر في غزة والقدس جراء اقتحام شرطة الاحتلال الإسرائيلي، المسجد الأقصى، وما تبعه من إطلاق صواريخ من قطاع غزة تجاه ما يعرف بمستوطنات الغلاف، قادت مصر التي سبق أن دانت الاقتحام، عملية وساطة منذ منتصف ليل الأربعاء، للحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار بين حكومة الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.
وعلم "العربي الجديد" أن المسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصري، فتحوا خطوط اتصال طوال منتصف الليل وحتى الساعات الأولى من صباح الأربعاء، مع قياديي حركتي "حماس"، و"الجهاد الإسلامي"، لمنع انزلاق الأوضاع لمواجهة عسكرية واسعة، محاولين إقناعهم بالاكتفاء برشقة الصواريخ التي أطلقت من القطاع كرد على ما جرى في المسجد الأقصى.
وأوضحت مصادر مصرية أن ردود الفصائل جاءت مؤكدة على التمسك بمعادلة وحدة الساحات التي فرضتها المقاومة منذ معركة "سيف القدس" الماضية، حيث أكدت قيادات "حماس"، و"الجهاد" على الاستعداد للتصعيد ما لم يتم وقف الانتهاكات والاقتحامات في الأقصى.
وأشارت المصادر إلى أن المسؤولين المصريين تواصلوا مع قيادات أمنية رفيعة في حكومة الاحتلال، معنية بالتنسيق مع مصر بشأن التهدئة، واتفاقي منتديي العقبة وشرم الشيخ الأخيرين المرتبطين بالتهدئة، وذلك بهدف التدخل لدى المستويات السياسية، ووضع حد للتصعيد في القدس والمسجد الأقصى، مشددين على أن مثل تلك التصرفات من شأنها تفجير صراع تصعب السيطرة على مكوناته.
وكشفت المصادر أن القاهرة خاطبت مسؤولين في إدارة البيت الأبيض، معنيين بمتابعة تنفيذ مخرجات اجتماع شرم الشيخ الأخير، مطالبة إياهم بالتدخل والضغط على حكومة الاحتلال لمنع الإجراءات بحق المصلين في الأقصى واتباع سياسة أمنية هادئة خلال شهر رمضان الذي يعد أحد مواسم التصعيد والمواجهات العسكرية الكبرى، بحد تعبير أحد المصادر.
كما كشفت المصادر أن قيادة حركة "الجهاد" رفضت تقديم أي تعهدات بعدم التصعيد أو عدم إطلاق صواريخ، بشكل مطلق، مؤكدة أن مسألة تقديم تعهدات من جانب واحد دون الطرف الآخر، في إشارة لحكومة الاحتلال ستكون أمرا غير ذي جدوى.
وكانت صافرات الإنذار قد دوت في منطقة مستوطنات ما يسمى بغلاف غزّة، بعد إطلاق تسعة صواريخ من قطاع غزّة نحو المستوطنات الإسرائيلية المحاذية للقطاع المحاصر.
وجاء إطلاق الصواريخ في ما يبدو ردا على اقتحام قوات الاحتلال بعد منتصف ليل الثلاثاء المسجد الأقصى، والاعتداء على المصلّين المعتكفين في المسجد لإفراغه.
من جانبها، دانت مصر على المستوى الرسمي عبر خارجيتها التصرفات الإسرائيلية.
وقالت الوزارة في بيان صادر فجر الأربعاء إن مصر "تعتبر أن هذه المشاهد البغيضة والمستنكرة، والانتهاكات الإسرائيلية المتكررة لحرمة الأماكن المقدسة، تؤجج مشاعر الحنق والغضب لدى جميع أبناء الشعب الفلسطيني، والشعوب الإسلامية وأصحاب الضمائر الحية على مستوى العالم".
وطالبت مصر السلطات الإسرائيلية بـ"الوقف الفوري لتلك الاعتداءات التي تروع المصلين الذين اتخذوا من بيت الله سكنا آمنا في أيام شهر رمضان المبارك".
وحملت مصر إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، مسؤولية هذا التصعيد الخطير الذي من شأنه أن يقوض جهود التهدئة التي تنخرط فيها مصر مع شركائها الإقليميين والدوليين، مطالبة بتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته في وضع حد لتلك الاعتداءات، وتجنيب المنطقة المزيد من عوامل عدم الاستقرار والتوتر.