أجرى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، ووزير الدفاع، تغييرات جديدة في أجهزة الأمن الداخلي والخارجي التابعة للاستخبارات، بعد شهرين من تغيير سابق مسّ هذا الجهاز، ما يطرح أسئلة عن دواعي تسارع هذه التغييرات واحتمالات تأثيرها في عمل الاستخبارات، وخاصة في ظرف حساس محلياً وإقليمياً.
ونقل الرئيس تبون مدير جهاز الأمن الخارجي، اللواء جمال كحال مجدوب، ليصبح قائداً لجهاز الأمن الداخلي، وأشرف اليوم قائد أركان الجيش الفريق سعيد شنقريحة على تنصيب مجدوب في منصبه الجديد، خلفاً للواء عبد الغني راشدي، الذي كان يشغل المنصب منذ إبريل 2020، وقال شنقريحة مخاطباً قيادات الجهاز وكوادره: "آمركم بالعمل معه وطاعة أوامره وفقاً للقواعد العسكرية".
وعمل اللواء مجدوب في جهاز الأمن العسكري ثم جهاز الأمن الرئاسي، وتولى مهام إدارة هذا الجهاز حتى عام 2015، وتخرج مجدوب من معاهد ومدارس عسكرية دولية في الاستخبارات، على غرار المدرسة العليا لجهاز "كا جي بي" في روسيا، والمدرسة العسكرية العليا "سان سير" في فرنسا، وعمل في مدرسة الاستخبارات في العاصمة الجزائرية. ويأتي هذا التعيين، بعد شهرين فقط من تعيين اللواء مجدوب في منصبه السابق مديراً لجهاز الأمن الخارجي، حيث كان قد عُيِّن في 14 مايو الماضي خلفاً لنور الدين مقري، الذي أقيل حينها بسبب أخطاء مهنية في إدارة ملفات تخصّ ملاحقة الناشطين المعارضين في الخارج.
ونقل بموجب هذه التغييرات التي كانت قد سُرِّبَت قبل أيام ودخلت حيّز التنفيذ الرسمي اليوم، مدير الأمن الداخلي السابق اللواء عبد الغني راشدي، ليصبح قائداً لجهاز الأمن الخارجي، (ويعرف باسم مديرية الوثائق ويعمل في مجال مكافحة التجسس).
ولم يعرف الجهاز الاستقرار، حيث يعدّ هذا التغيير الثاني من نوعه في ظرف شهرين والرابع على التوالي منذ اعتلاء الرئيس تبون سدّة الحكم نهاية عام 2019.
ففي إبريل 2020 أقال الرئيس تبون مدير الأمن الخارجي كمال الدين رميلي، في سياق إعادة هيكلة جديدة للجهاز الأمني والجيش، وعين اللواء يوسف بوزيت في منصبه.
وفي 20 يناير2021 أقيل بوزيت بعد سبعة أشهر فقط من تعيينه، بسبب وجود خرق أمني نتج منه سوء تعامل قيادة الجهاز مع برقية أمنية بعثها مكتب الجهاز من باريس، وعين نور الدين مقري خلفاً له، وبقي مقري على رأس الجهاز لفترة امتدت حتى منتصف مايو الماضي، حيث أُقيل وعُيِّن اللواء جمال مجدوب كحال خلفاً له، قبل أن يُنقَل اليوم مدير الأمن الداخلي عبد الغني راشدي، ليصبح قائداً جديداً لجهاز الأمن الخارجي، بعد أسبوع من ترقيته إلى رتبة لواء في الجيش، حيث شغل قبل تعيينه في هذا المنصب مهام مدير معهد الدراسات العليا في الأمن الوطني، الذي أنشئ عام 2017 كمؤسسة تكوين عسكرية مستقلة ملحقة بالرئاسة، كذلك عمل ضابطاً لجهاز المخابرات الجزائرية في عدة عواصم.
وبغض النظر عن الدواعي التقنية التي استدعت هذه التغييرات في جهازي الأمن الداخلي والخارجي، خاصة أن تخصص كلا القائدين أكثر ملاءمة للمنصب الجديد لكليهما، مقارنة بمواقعه السابقة، فإن هناك تخوفات من أن تؤدي سلسلة التغييرات المتتالية في هذه الأجهزة الأمنية الحساسة إلى التأثير في أدائها الأمني ومتابعة الملفات الحساسة الموكلة اليها، وخاصة في ظل ظروف خاصة محلياً وجملة تحديات إقليمية تواجهها الجزائر.