نشرت الجريدة الرسمية التونسية ملحقاً لمشروع الدستور المعروض على الاستفتاء، تضمّن تعديلات وإصلاح أخطاء وردت في النسخة الأصلية.
وكان الرئيس سعيد أشار، في وقت سابق، إلى أنه سيدخل تغييرات على الدستور بسبب أخطاء تسربت إليه. وأضاف في هذا الصدد بأن ''هناك أخطاء في الشكل وأخرى في الترتيب، وهو أمر معهود مألوف في نشر سائر النصوص القانونية، وفي الأحكام والقرارات القضائية، إذ تتسلل الأخطاء لأي عمل بشري، وتوجد إمكانية للإصلاح والمراجعة، وهو ما سيحصل اليوم".
ومن أبرز ما تضمنته التعديلات، إضافة جملة للفصل الخامس، المثير للجدل، المتعلق بالهوية ليصبح الفصل: "تونس جزء من الأمة الإسلامية، وعلى الدولة وحدها أن تعمل، في ظلّ نظام ديمقراطي، على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف في الحفاظ على النّفس والعرض والمال والدين والحرية"، حيث تمت إضافة جملة "في ظل نظام ديمقراطي".
وكذلك تمت الإشارة إلى انتخاب نواب الشعب "مباشرة"، في الفصل 60، الذي أصبح: "يتم انتخاب أعضاء مجلس نواب الشعب انتخاباً عاماً حراً مباشراً سرياً، لمدة خمس سنوات خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من المدة النّيابية، وفق ما يضبطه القانون الانتخابي". وهو ما لم يكن موجوداً في النص الأصلي.
وتم كذلك تعديل الأغلبية المطلوبة في البرلمان، للمصادقة على قانون المالية ومخططات التنمية في الفصل 84، وأصبح: "لا تتم المصادقة على قانون المالية ومخطّطات التنمية إلاّ بأغلبية الأعضاء الحاضرين بكلّ من المجلسين، على ألا تقلّ هذه الأغلبية عن ثلث أعضاء كلّ مجلس".
وتضمنت التعديلات كذلك إدراج إمكانية ترشح التونسيات لمنصب رئيس الجمهورية، في الفصل 89 بعد أن أغفله النص الأول، ليصبح: "الترشح لمنصب رئيس الجمهورية حق لكلّ تونسي أو تونسية غير حامل لجنسية أخرى، مولود لأب وأم وجد لأب وجد لأم تونسيين، وكلّهم تونسيون دون انقطاع".
وتم كذلك توضيح المدد الرئاسية في الفصل 90: "ولا يجوز تولي رئاسة الجمهورية لأكثر من دورتين كاملتين، متّصلتين أو منفصلتين، وفي حالة الاستقالة، تُعتبر المدة الرئاسية كاملة".
وبالنسبة للأحكام الانتقالية، وموعد وطريقة دخول الدستور الجديد حيز النفاذ، أشار التعديل إلى أنه "يدخل هذا الدستور حيز النّفاذ ابتداء من تاريخ إعلان الهيئة العليا المستقلّة للانتخابات عن نتيجة الاستفتاء النهائية، وبعد أن يتولّى رئيس الجمهورية ختمه وإصداره والإذن بنشره في عدد خاص بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، وينفّذ كدستور للجمهورية التونسية".
ولكنه لم يوضح إلى الآن ما هي نتيجة الاستفتاء التي تفرض اعتماد الدستور، ولا يشير إلى فرضية أن تصوت الأغلبية بلا، على الدستور.
كما تضمنت النسخة الجديدة تعديلاً شمل عدّة فصول، من بينها باب الحقوق والحريات، حيث كان الفصل القديم يشير إلى أنه "لا توضع قيود على الحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور، إلا بمقتضى قانون، ولضرورة يقتضيها الدفاع الوطني أو الأمن العام أو الصحة العمومية أو حماية حقوق الغير أو الآداب العامة. ويجب ألا تمس هذه القيود بجوهر الحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور، وأن تكون مبررة بأهدافها ومتلائمة مع دواعيها. ولا يجوز لأي تنقيح أن ينال من مكتسبات حقوق الإنسان وحرياته المضمونة في هذا الدستور. وعلى كل الهيئات القضائية أن تحمي هذه الحقوق والحريات من أي انتهاك".
وأصبح الفصل الجديد ينص على أنه "لا توضع قيود على الحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور إلا بمقتضى قانون ولضرورة يقتضيها نظام ديمقراطي، وبهدف حماية حقوق الغير أو لمقتضيات الأمن العام أو الدفاع الوطني أو الصحة العمومية. ويجب ألا تمس هذه القيود بجوهر الحقوق والحريات المضمونة بهذا الدستور، وأن تكون مبررة بأهدافها، متناسبة مع دواعيها. ولا يجوز لأي تنقيح أن ينال من مكتسبات حقوق الإنسان وحرياته المضمونة في هذا الدستور. على كلّ الهيئات القضائية أن تحمي هذه الحقوق والحريات من أي انتهاك".
وطاولت التعديلات عموماً 46 فصلاً، منها أخطاء لغوية، وأخرى في التركيب، وبعضها في ترتيب المصطلحات، فيما أدخلت تعديلات على جوهر بعض الفصول، كما تمت الإشارة إليه، خاصة الفصل الخامس وما تعلّق بالحريات.
ويُنتظر أن تثير هذه التعديلات جدلاً قانونياً وسياسياً كبيراً في تونس، حيث استغرب كثيرون كيف تم السكوت على أخطاء لغوية في تصريح دستور سيحكم بلاداً لمدة عقود، ما يؤشر على التسرع في صياغة مشروع الدستور.
وقالت القيادية في مبادرة "مواطنون ضد الانقلاب"، شيما عيسى، على صفحتها بـ"فيسبوك": "تصوروا قمة الخداع، عمل دستور وحده، ونشره في الرائد الرسمي وحده، ومن بعد وحده قال سأصوب بعض الأخطاء، ووحده وحده وبقدرة قادر أصبح التصويب تعديلاً".
وعلق الكاتب عبد السلام الكحلي على صفحته: "الليلة يصدر دستور معدل.. من دعا على تونس بكل هذا الشر؟.. وماذا جنت لتعيش هذه المهزلة؟". ودون الكاتب والنائب السابق، عبد اللطيف العلوي: "يصلح الأخطاء، ويترك الخطيئة، باطل يعني باطل".
وعلق أستاذ القانون الدستوري شاكر الحوكي على صفحته في "فيسبوك": "النسخة الأصلية لدستور القيصرود أصبحت عبارة عن الأعمال التحضيرية للنسخة الثانية المصححة. ماذا يعني هذا الكلام؟ إنه يعني إذا وقع خلاف في تأويل فصل دستوري ما، وأراد القاضي أن يستجلي نية المشرّع فعليه إذا بالعودة إلى النص الأصلي.. إنه العبث الدستوري وليس القانون دستوري".