تعاميم "عزم"... محاولة لإنهاء فوضى السلاح شمالي سورية

26 ابريل 2022
هددت "عزم" بتوقيف مخالفي قرار عدم التجول بالأسلحة (بكر قاسم/الأناضول)
+ الخط -

لم تجد كل محاولات "الجيش الوطني السوري"، التابع للمعارضة، على مدى سنوات، نفعاً في الحد من الفوضى الأمنية، ولم تدفع جدياً باتجاه القضاء على ظاهرة انتشار السلاح، وخصوصاً داخل المدن والبلدات، والتي تؤدي بشكل دائم إلى اقتتال بين فصائل هذا "الجيش"، يسقط بسببه قتلى وجرحى، من العسكريين والمدنيين.

وسجلت، في إبريل/ نيسان الحالي، اشتباكات في عدة مناطق تقع تحت سيطرة "الجيش الوطني". وقُتل شاب وأصيب آخر، قبل أيام، جراء اشتباكات بين عناصر منتسبين لهذا "الجيش" في مدينة عفرين في ريف حلب الشمالي، التي سيطرت عليها فصائل المعارضة في مطلع 2018. 

وكانت قد وقعت اشتباكات في 22 من الشهر الحالي في منطقة رأس العين، شمال شرقي سورية. وقبلها شهدت مدينة الباب في ريف حلب الشمالي الشرقي اقتتالاً بين قوات الشرطة العسكرية في المدينة وفصيل "أحرار الشام"، أدى إلى إصابات بين العسكريين والمدنيين. 


يوسف حمود: لا بد من خطوات عملية لتعزيز الاستقرار

كما شهد مطلع إبريل اقتتالاً بين عناصر فصيلي "أحرار الشام" و"الجبهة الشامية" في ريف الباب، ما دفع أهالي المدينة للتظاهر، للدعوة إلى وقف الاقتتال الداخلي بين فصائل المعارضة وحقن الدماء ومراعاة حرمة شهر رمضان.

تعميم جديد لغرفة "عزم"

وفي محاولة جديدة لضبط الأوضاع الأمنية في مناطق سيطرة فصائل المعارضة، أصدرت غرفة عمليات "عزم"، التي تضم العديد من الفصائل الفاعلة في شمال سورية، أمس الأول الأحد، تعميماً منعت بموجبه "حمل السلاح داخل مراكز المدن والبلدات، إلا بموجب مهمة رسمية بغرض حماية الأسواق وتأمين المدنيين".

وأشارت الغرفة إلى أنه سيتم توقيف أي عنصر أو مجموعة تخالف أوامر عدم التجول بالأسلحة في الأسواق والمناطق السكنية وإحالتهم إلى اللجان المسلكية، وأوضحت أن القيادة الموحدة للغرفة "ستتعامل بحزم مع أي اشتباك مسلح بين أفراد أو مجموعات الجيش الوطني".

وبررت الغرفة تلك الإجراءات بأنها من "الواجب الديني والثوري"، وأكدت أن "هدف السلاح حماية المدنيين والحفاظ على استقرار المنطقة، ما يفرض حصر استعماله في جبهات القتال ومحاربة الأعداء".

وثمّن المتحدث باسم "الجيش الوطني" الرائد يوسف حمود، في حديث مع "العربي الجديد"، التعميم الذي أصدرته غرفة عمليات "عزم"، والبيانات التي تصدر عن كل مكونات "الجيش" التي تدعو إلى إنهاء ظاهرة فوضى السلاح في شمال سورية. 

التعاميم لا تكفي لوحدها

غير أن حمود أشار إلى أن "البيانات والتعاميم لا تكفي وحدها"، ولفت إلى أنه "لا بد من خطوات عملية لتعزيز الاستقرار في مناطق سيطرة "الجيش الوطني". 

وكانت غرفة عمليات "عزم" قد تشكلت في العام الماضي بهدف ضبط الأوضاع الأمنية في الشمال السوري، حيث شنت حملات ضد عدد من تجار المخدرات. ودعمت هذه الغرفة "لجنة رد المظالم" التي تنظر في الشكاوى المقدمة من المدنيين ضد مجموعات وفصائل تعمل خارج القانون وتنتهك حقوق المدنيين، وخاصة في منطقة عفرين في ريف حلب الشمالي الغربي.

وكانت الحكومة السورية المؤقتة، التي تنشط في مناطق المعارضة في شمال البلاد، قد أصدرت في منتصف الشهر الحالي تعميماً يقضي بـ"حصر وجود السلاح في المعسكرات وخطوط المواجهة مع العدو والنقاط الأمنية"، وأوصت بضرورة الاحتكام إلى القضاء للبت في أي خلاف، والالتزام بالتعليمات وعدم مخالفتها.

لكن وزارة الدفاع في الحكومة، المرتبطة بالائتلاف الوطني السوري، لا قدرة لديها على فرض إرادتها على مجموعة كبيرة من الفصائل ذات النفوذ في الشمال السوري، وهو ما يجعل الإجراءات التي تتخذها بلا قيمة على الأرض. 

وشهد العام الحالي اندماج عدة فصائل في تشكيلات عسكرية واحدة، إلا أن المعطيات تشير إلى أن حالة الفصائلية والمناطقية ما زالت متحكمة في مشهد هذه الفصائل في مناطق نفوذها، وهو ما يُبقي الباب مفتوحاً أمام الخلافات التي تتطور إلى اقتتال واحتراب.

وتسيطر هذه الفصائل على مناطق "غصن الزيتون"، وتضمّ منطقة عفرين في ريف حلب الشمالي الغربي، و"درع الفرات" في ريف حلب الشمالي والشمالي الشرقي، ومناطق في شرق نهر الفرات. وتمتد هذه المساحة على طول 100 كيلومتر بين مدينتي تل أبيض في ريف الرقة الشمالي، ورأس العين في ريف الحسكة الشمالي الغربي. 

وتنتشر مقرات هذه الفصائل داخل المدن والبلدات، أو بالقرب منها، ما يجعل من أي اقتتال داخلي، حتى لو كان محدوداً سبباً في مقتل وإصابة مدنيين، في ظل غياب شبه تام لأي آليات محاسبة وردع من قيادة "الجيش الوطني"، التابع لوزارة الدفاع في الحكومة المؤقتة.

وفي الآونة الأخيرة بدأت ترتفع أصوات فعاليات محلية ونقابية في الشمال السوري، للمطالبة بوضع حد نهائي لفوضى السلاح والفلتان الأمني، الذي بات السمة البارزة في مناطق سيطرة فصائل المعارضة. 

تقليل من أهمية التعميم

وفي هذا الصدد، قلل نقيب المحامين السوريين الأحرار غزوان قرنفل، في حديث مع "العربي الجديد"، من أهمية التعميم الذي أصدرته غرفة عمليات "عزم"، الأحد الماضي، مشيراً إلى أنه "يلزمها وحدها". 

غزوان قرنفل: لا سلطان لـ"عزم" على المليشيات الموجودة خارج الغرفة
 

وأوضح قرنفل أنه لا سلطان لها على المليشيات التي هي خارج هذه الغرفة، وبالتالي يمكن اعتبار ما صدر عنها بمثابة تعميم داخلي يخص من هم ضمن بنيتها.

ورأى أن المشكلة الأساسية في الشمال السوري تكمن "في إصرار ما يسمى الجيش الوطني على البقاء مجرد شراذم مليشياوية تدار من أمراء حرب، لا من قادة عسكريين يخضعون لتراتبية عسكرية ومؤسسة عسكرية لها قيادة أركان واحدة".

وتابع: المشكلة الأخرى في غياب القانون والمساءلة، فلو حوكم مرتكبو الجرائم، ونفذت فيهم العقوبات علناً لما واصلوا سلوكهم هذا. وأعرب قرنفل عن اعتقاده بأنه "لا إجراء ينفع طالما لم يتم دمج كل المليشيات في تشكيل عسكري واحد يخضع لقائد واحد، بعد عزل واعتقال ومحاسبة قادة تلك المليشيات، وغير ذلك سيبقى كل ما يتخذ من إجراءات مجرد هراء". 

تقارير عربية
التحديثات الحية
المساهمون