تضييق على المسافرين الفلسطينيين عبر معبر رفح

10 مارس 2024
من معبر رفح، 20 ديسمبر الماضي (علي مصطفى/Getty)
+ الخط -

شهدت الأيام القليلة الماضية تضييقاً من السلطات المصرية على المسافرين الفلسطينيين، خصوصاً فئة الجرحى والمرضى، المضطرين لمغادرة قطاع غزة عبر معبر رفح البرّي للعلاج في المستشفيات المصرية. 

وقال أحد المرضى الذين وصلوا أخيراً إلى مستشفى بئر العبد في محافظة شمال سيناء شرقي مصر، لـ"العربي الجديد"، إن السلطات المصرية فرضت تضييقات على الفلسطينيين المضطرين لمغادرة قطاع غزة بمن فيهم المرضى والجرحى، تمثلت في ضرورة أن يحمل المسافر جواز سفر ساري المفعول رغم أن المعبر كان يسهل سفر الفلسطينيين عبر بطاقة الهوية الفلسطينية. ولفت المصدر إلى أن ذلك يحصل في ظلّ فقدان عشرات آلاف الفلسطينيين أوراقهم الثبوتية وفي مقدمتها جوازات السفر، خصوصاً الجرحى الذين قصفت منازلهم ولم يخرجوا منها بشيء.

تضييق متزايد على معبر رفح

كما تحصل التضييقات في ظل عدم وجود جهاز حكومي فعّال لإصدار جوازات السفر التي كانت في الوضع الطبيعي تصدر من رام الله بالضفة الغربية المحتلة بعد أسبوعين من تقديم طلب الحصول على جواز سفر، وحاليا لا يوجد نقل بريد من غزة إلى الضفة بشكل كامل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي نتيجة إغلاق حاجز بيت حانون شمالي القطاع، بسبب استمرار الحرب الإسرائيلية على القطاع، بحسب المصدر.

تمثل التضييق في ضرورة أن يحمل المسافر جواز سفر ساري المفعول، مع عدم تسهيل مروره ببطاقة الهوية الفلسطينية

وأضاف المواطن الفلسطيني، الذي رفض الكشف عن هويته خوفاً من ملاحقة الأمن المصري له وفقا لكلامه، أن المرضى والجرحى الفلسطينيين كانوا يضطرون لاصطحاب من تبقى من أفراد عائلاتهم للسفر باتجاه مصر، لا سيما في ظل نزوح كل سكان القطاع إلى المناطق الجنوبية، خصوصاً مدينة رفح، وعدم وجود أماكن إيواء للعائلات فيها، إلا أن السلطات المصرية تراجعت عن هذه التسهيلات ولم تعد تسمح باصطحاب الأطفال، وكذلك لا تسمح بمغادرة مرافق واحد مع مريض أو جريح إلا إذ كان حاملاً جواز سفر ساري المفعول.

وعن ظروف معاملة المرضى والجرحى في المستشفيات، قال المواطن الفلسطيني إن هناك تشديدات متزايدة داخل المستشفيات على الفلسطينيين، إذ لا يسمح لهم بالتحرك خارج أسوار المستشفى، حتى لو كان ذلك لشراء احتياجات أساسية في ظل تراجع الخدمات المقدمة لهم، لا سيما الأغراض الشخصية التي يحتاجونها بعد مغادرتهم قطاع غزة من دون أي متعلقات شخصية.

وكانت السلطات المصرية قد أعلنت، مع بداية الحرب على قطاع غزة في أكتوبر الماضي، عن فتح المعبر أمام سفر الجرحى والمرضى الفلسطينيين بشكل دائم للعلاج في المستشفيات المصرية أو خارج مصر وفق ما تسمح به الدول التي استعدت لاستقبالهم. وسجلّت مغادرة مئات الجرحى والمرضى حتى ممن لا يملكون جوازات سفر، مراعاة للظروف الراهنة في القطاع.

من جهته، كشف مصدر أمني مسؤول في معبر رفح البري، لـ"العربي الجديد"، أن تعليمات جديدة بخصوص سفر المرضى والجرحى الفلسطينيين صدرت عن الإدارة الجديدة التي تسلمت مهمة إدارة معبر رفح قبل أسابيع. وأوضح أن التعليمات تنص على أن "أي مرافق لجريح أو مريض واسمه في كشف السفر ولا يحمل جواز سفر سيُرجَع من الجانب المصري، وتُمنع إضافة أي مرافق مع المريض أو الجريح لا يوجد له اسم في الكشف حتى لو كان طفلاً، فيما يمنع اصطحاب الأطفال مع المرافقين والمرضى والجرحى".

شروط مشدّدة للسفر عبر شركة "هلا"

وأشار المصدر الأمني إلى أن الإجراءات الجديدة تشمل منع سفر المواطنين العاديين على الهوية الفلسطينية، ويجب التسجيل للسفر من خلال جواز السفر الفلسطيني حتى الذين يسجلون عبر شركة "هلا" السياحية ويدفعون مبالغ مالية مقابل ذلك.

وأوضح أن بعض القرارات التي تخص المسافرين عبر شركة "هلا" بأنه لا يُقبَل التسجيل بشهادة الميلاد المصرية في حال عدم وجود بطاقة مصرية أو جواز سفر مصري ويُتعامل مع حملة شهادات الميلاد بسعر المسافر الفلسطيني البالغ 5 آلاف دولار للبالغ وتحت سن 14 سنة 2500 دولار، حتى لو كان عمره يوماً واحداً.

هناك تشديدات متزايدة داخل المستشفيات المصرية على الفلسطينيين

وبيّن أن التسجيل في شركة "هلا" للسفر بات يتطلب، غير دفع المبالغ المالية في مقر الشركة في القاهرة، أن يملك الراغب في تسجيل أقاربه أو معارفه توكيلاً موثقاً من محام فلسطيني في قطاع غزة مع إثبات ذلك بتصوير بطاقة عضوية المحامي في نقابة المحامين، بالإضافة إلى تصوير فيديو للتوكيل بأن يظهر الشخص الراغب بالسفر برفقة المحامي وقراءة نص توكيل مفاده أنه يوكل هذا الشخص بالتسجيل له لدى شركة "هلا" بالنيابة عنهم بذكر أسماء العائلة التي ترغب بالسفر وتفاصيل المعلومات الشخصية عنهم واسم الزوجة والأولاد، وكذلك تسجيل مصور للعائلة تقرأ نصّ التوكيل.

وفي التعليق على ذلك، قال المساعد الأسبق لوزير الخارجية المصري عبد الله الأشعل، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن مصر لا تملك سيطرة حقيقية على معبر رفح البرّي وإنما المتحكم الحقيقي به هو الاحتلال الإسرائيلي الذي يقرر ما يُفعل في المعبر على كافة المستويات، وهذا الأمر ليس مرتبطاً بالنظام الحالي في مصر وإنما كل أنظمة الحكم مصر كانت في هذه الحالة من التبعية، إلا أن سلطات النظام الحالي تجاوزت كل الحدود في اتباع ما يمليه الاحتلال الإسرائيلي.

التسجيل في شركة "هلا" للسفر بات يتطلب توكيلات موثقة

وأضاف الأشعل أن "ما نراه من تغيرات في معبر رفح، سواء كانت سلبية أو إيجابية، فإنها تأتي ضمن سياسات إسرائيلية للضغط أو التنفيس على قطاع غزة، وهذا يعد مساساً بالسيادة المصرية والأمن القومي المصري، فما كان لمصر أن تقبل بتحكم إسرائيل في عدد المسافرين والشاحنات الذين يمرون على معبر رفح لأنه معبر مصري فلسطيني لا وجود إسرائيلياً عليه، إلا أن الاحتلال يتحكم به عن بعد من خلال رسم سياسات وإجراءات عمله".

كما رأى الباحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية عمار فايد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن مصر تتحكم في إجراءات العبور عبر معبر رفح، لكن طبعا هناك تفاهمات أمنية مع الاحتلال، وهناك، بحسب ما رشحت بعض الشهادات، آلية مصرية إسرائيلية للموافقة على هوية المغادرين للسفر أو للعلاج منذ بدء الحرب.

وأكد أنه من الصعب الجزم بمعايير التحكم بالمعبر بسبب تغير بعض الإجراءات؛ لأن المتداخلين في هذا الأمر أطراف عدة: في الجانب المصري نفسه، هناك الاستخبارات العامة والجيش، وهناك ضغوط حركة "حماس" على مصر، فضلا عن مطالب الاحتلال الأمنية، وأيضاً تستخدم مصر معبر رفح ورقةَ ضغط خلال وساطتها للتفاوض مع "حماس"، أي أن الأمر أحياناً، برأيه، يكون لأسباب تنظيمية ترتبط بالترتيبات المصرية لاستقبال جرحى أو نقل مسافرين؛ أو ضغوط إسرائيلية على مصر، أو ضمن سياق عملية التفاوض مع "حماس" ودفعها للقبول بالمعروض.

وأمس السبت، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن إعادة إعمار قطاع غزة يحتاج إلى 90 مليار دولار، مضيفاً أن "ما حدث في غزة تحد لمصر وللمنطقة بأكملها"، بحسب ما نقلت عنه قناة "القاهرة الإخبارية" المصرية الخاصة. وأكد السيسي أن "معبر رفح مفتوح على مدار 24 ساعة ونحرص على إدخال المساعدات إلى قطاع غزة".

المساهمون