تصفية أبو الحسين القرشي... رابع زعيم لـ"داعش" يُقتل في سورية

02 مايو 2023
مقاتل من الجيش الحر قرب مدينة جنديرس، فبراير 2018 (معاذ إيمان/الأناضول)
+ الخط -

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "تحييد" زعيم تنظيم "داعش"، أبو الحسين القرشي، في عملية للاستخبارات التركية في الشمال السوري، ليكون القرشي ثالث زعيم للتنظيم يُقتل في هذا الشمال، ورابع زعيم يلقى مصرعه في سورية.

ولم يخض أردوغان في تفاصيل العملية خلال لقاء تلفزيوني مباشر ومشترك بثته عدة قنوات تركية محلية، مساء الأحد، بيد أنه قال إن الاستخبارات التركية كانت تتعقب منذ زمن طويل القرشي، وتم تحييده السبت الماضي في عملية بسورية.

ووفق مصادر محلية، جرت العملية في قرية مسكنة التابعة لناحية جنديرس في ريف عفرين شمال غربي حلب، مشيرة إلى أن القرشي فجّر نفسه بقنبلة عند حصاره في مزرعة مهجورة كان يقيم فيها. من جهتها، نقلت وكالة "فرانس برس" عن سكان أن العملية استهدفت مزرعة مهجورة في المنطقة كانت تُستخدم مدرسة إسلامية.

وبيّنت مصادر في الجيش الوطني المعارض، فضّلت عدم ذكر اسمها، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "كان هناك تنسيق عالي المستوى بين الاستخبارات التركية والشرطة العسكرية في هذا الجيش قبيل وأثناء العملية".

كان هناك تنسيق عالي المستوى بين الاستخبارات التركية والشرطة العسكرية في هذا الجيش قبيل وأثناء العملية

استهدافات متواصلة لقادة "داعش"

ولا تتوافر معلومات مؤكدة عن القرشي، خصوصاً أن اسمه وهمي، ولكن من المؤكد أنه تولى زعامة التنظيم في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي بعد مقتل الزعيم السابق، أبو الحسن الهاشمي القرشي، في عملية لفصائل محلية في محافظة درعا جنوبي سورية، في أكتوبر من العام نفسه.

وجاءت العملية التركية، السبت، بعد أيام قليلة من عملية إنزال قام بها التحالف الدولي ضد الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة في ريف حلب الشمالي أيضاً، قُتل خلالها قيادي بارز في "داعش"، كان مسؤولاً "عن التخطيط لهجمات إرهابية في الشرق الأوسط وأوروبا"، بحسب القيادة المركزية الأميركية.

ويعد أبو الحسين القرشي رابع زعيم لتنظيم "داعش" يلقى مصرعه في سورية بعد الزعيم الأول لـ"داعش" أبو بكر البغدادي والذي قُتل في عملية إنزال أميركية في أكتوبر/تشرين الأول 2019، حيث كان يختبئ في ريف إدلب غير بعيد عن الحدود السورية التركية.

كما قتل الأميركيون في فبراير/شباط من عام 2022 خليفة البغدادي، أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، في عملية جرت في ريف إدلب وأدت إلى مقتل مدنيين "نتيجة تفجير المتشددين شحنة ناسفة أثناء الغارة"، وفق تصريحات مسؤولين أميركيين في حينه.

وفي أواخر عام 2022 أعلن تنظيم "داعش" مقتل زعيمه أبو الحسن الهاشمي القرشي خلال معركة، إلا أنه من المؤكد أنه قتل في ريف درعا في اشتباك مع فصائل محلية معارضة.

وفي منتصف عام 2022 تلقّى تنظيم "داعش" ضربة وُصفت بـ"الموجعة" عقب اغتيال واحد من أبرز قياديي الصف الأول فيه، وهو ماهر العقال، الذي لقي مصرعه بضربة من طائرة مسيّرة أميركية أثناء تنقّله بدراجة نارية بالقرب من ناحية جنديرس التابعة لمنطقة عفرين في ريف حلب شمالي سورية.

دور "تحرير الشام" في إيواء "داعش"

وتعليقاً على مقتل أبو الحسين القرشي، بيّن الباحث في مركز "جسور للدراسات" رشيد حوراني، في حديث مع "العربي الجديد"، أنه "بعد انتهاء معركة الباغوز بين تنظيم داعش والتحالف الدولي و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) في أقصى الشرق السوري مطلع عام 2019، شعر قادة الصفين الأول والثاني في التنظيم أن مشروعهم في شرق سورية قد انتهى". وتابع: "تمكن هؤلاء القادة من خلال مهربين من التسلل إلى مناطق شمال غربي سورية، ظناً منهم أنها توفر لهم ملاذاً آمناً".

وأشار إلى أن "شبكات أمنية في شمال غربي سورية عملت على ملاحقة هؤلاء"، مضيفاً: "هيئة تحرير الشام (سلطة الأمر الواقع في شمال غربي سورية) استقطبت هؤلاء وحصرت إقامتهم في أماكن معينة لمراقبة تحركاتهم".

وأوضح حوراني أن العملية التي جرت السبت الماضي في منطقة جنديرس بريف عفرين "كانت بتنسيق بين فصائل المعارضة السورية والجانب التركي"، معرباً عن قناعته بأن إعلان الرئيس التركي "يشكل بداية مرحلة جديدة في ملاحقة قياديي تنظيم داعش وتحييدهم".

ورأى أن مقتل أبو الحسين القرشي في مناطق الشمال السوري الخاضع للنفوذ التركي "يدل على وجود تنسيق وتعاون أمني بين الجانبين التركي والأميركي في سياق محاربة الإرهاب".

وكان تنظيم "داعش" قد سيطر على أجزاء واسعة من ريفي حلب الشمالي والشرقي خلال عامي 2014 و2015، قبل أن يُطرد بعملية عسكرية واسعة النطاق من قبل فصائل المعارضة السورية وبدعم من الجانب التركي في منتصف عام 2016، والتي عُرفت بـ"درع الفرات"، وانتهت مطلع عام 2017 بالسيطرة على مدينة الباب.

وتسلل عدد من قياديي وعناصر التنظيم إلى الشمال السوري، مستغلين الفوضى الأمنية وهيمنة الحالة الفصائلية على المنطقة. وعلى الرغم من تبعثر التنظيم في سورية، إلا أنه ما زال قادراً على شن هجمات، خصوصاً في البادية السورية مترامية الأطراف والتي توفر لعناصر التنظيم أماكن للتخفي.

ولكن على الرغم من شن "داعش" عمليات بين وقت وآخر في منطقة شرقي نهر الفرات، إلا أن التحالف الدولي و"قسد" ضيّقا الخناق على مجموعات و"الذئاب المنفردة" تابعة للتنظيم، وشلّا حركتها إلى حد بعيد.

وعن أسباب وجود قادة في الصفين الأول والثاني في التنظيم في شمال سورية، رأى مدير مركز "الشرق نيوز" فراس علاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن التضييق على قادة التنظيم على الحدود السورية العراقية من قبل التحالف الدولي "وقسد"، وفي البادية من قبل الجانب الروسي، "دفع بعضهم للذهاب إلى الشمال السوري".

وتابع: "هناك بنية أمنية هشة في الشمال السوري وفّرت لهؤلاء طرق عبور، فضلاً عن تقارب فكري بين التنظيم وبعض المجموعات المتطرفة الموجودة في هذا الشمال والتي تؤمّن لهؤلاء الحماية".

جمول: وجود قادة تنظيمات متطرفة في شمال غربي سورية جاء نتيجة تسهيل من هيئة تحرير الشام

من جهته، لفت الباحث السياسي ياسين جمول، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن لـ"هيئة تحرير الشام" والتي تسيطر على جل الشمال الغربي من سورية "سيطرة أمنية على منطقة جنديرس التي جرت فيها عملية مقتل أبو الحسين القرشي"، مضيفاً: "ليست مصادفة على الإطلاق أن يقتل قادة تنظيم داعش وحراس الدين في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام". وأعرب عن اعتقاده بأن وجود قادة تنظيمات متطرفة في شمال غربي سورية جاء نتيجة "تسهيل من الهيئة".

المساهمون