تصاعد الاعتقالات السياسية في الخليل.. منشورات "فيسبوك" أحد أسبابها

08 يناير 2023
لجنة المعتقلين رصدت حوالي 200 حالة اعتقال خلال ديسمبر (Getty)
+ الخط -

تصاعدت الاعتقالات السياسية في الضفة الغربية خلال الشهر الماضي، خاصة في مدينة الخليل جنوبي الضفة، لتصل، خلال العام 2022، إلى نحو 700 حالة اعتقال واستدعاء سياسي، كان بينها في ديسمبر/ كانون الأول الماضي 200 حالة اعتقال، وأخذت طابعًا حادًا في الخليل إثر منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.

ووثقت عائلات بعض الأسرى المحررين تلك الاعتقالات على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال محاولة الأجهزة الأمنية الفلسطينية اعتقالهم في ساعات متأخرة من الليل، وذلك على خلفية مواقفهم أو انتماءاتهم السياسية ومنشورات كتبت على صفحاتهم بمنصة "فيسبوك".

ويصف عضو مجموعة "محامون من أجل العدالة" ظافر صعايدة، خلال حديث لـ"العربي الجديد"، العام الماضي بأنه كان الأسوأ خلال العقد الأخير من ناحية حقوق الإنسان، حيث شهد انتهاكًا واضحًا في طرق الاعتقال وعددها وعدم احترام القرارات القضائية.

ويقول صعايدة: "لقد رصدنا عام 2022 أكثر من 700 حالة اعتقال واستدعاءٍ، تخللها احتجازٌ لساعات طويلة، وأكثر من 20 حالة اعتقالٍ إداري - أي اعتقال على ذمة المحافظ - وهذا يتم بعد صدور قرار محكمة بالإفراج عن المعتقل، ورفض الأجهزة الأمنية تنفيذ القرار".

وكانت لجنة المعتقلين السياسيين قد رصدت حوالي 200 حالة اعتقالٍ خلال ديسمبر/ كانون الأول المنصرم، الذي يتزامن مع ذكرى انطلاقة حركة حماس، الخصم السياسي لحركة فتح.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

وما كان لافتًا في الاعتقالات السياسية بالخليل أن بعضها طاول نشطاء وأسرى محررين، على خلفية منشورات كتبوها عبر "فيسبوك" عن وفاة ضابط تحقيقٍ في المخابرات الفلسطينية بمرض السرطان، تعرضوا لمراحل تعذيب صعبة على يديه خلال فترة اعتقالهم في السنوات الماضية، حسب رصد "العربي الجديد" للمنشورات.

ويروي أحمد العويوي، وهو أسير محرر ومعتقل سياسي سابق، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الأجهزة الأمنية اقتحمت منزله وحاولت اعتقاله من دون قرارٍ من النيابة الفلسطينية، وذلك على خلفية ما نشره عن وفاة الضابط، وفق ما أكده لـ"العربي الجديد"، مشيرًاً إلى أنه لم يمارس الإساءة أو الشتم في منشوره، وما كتبه كان للتذكير بما فعله ذلك الضابط من تعذيب بحقه وبحق المعتقلين معه قبل نحو 15 عامًا.

ويوضح العويوي أن عناصر الأمن حاولوا خلال الأيام الماضية، تكسير باب المنزل أكثر من مرة واقتحامه، ما أدى إلى تدهورٍ في صحة والديه، إذ يعانيان من أمراض مزمنة، وتدخلت عائلته لحل القضية لكن المخابرات رفضت إلا باعتقاله.

ولاحقًا، تلقى أحمد اتصالًا من ضابط مخابرات إسرائيلية يطلب منه تسليم نفسه في مركز توقيف "عتصيون" المقام جنوب بيت لحم جنوب الضفة، وإلا سيتم اقتحام منزله واعتقاله، مشيرًا إلى أن الاحتلال يحاول "الابتزاز والإيقاع".

بدوره، يؤكد الأسير المحرر هشام الشرباتي لـ"العربي الجديد"، أن ما كتبه عبر "فيسبوك" عن الضابط المتوفى، بأنه شارك في التحقيق الذي وصفته بـ"السادي"، ليس فقط خلال فترة الانقسام، ولكن قبل 25 عامًا.

الأجهزة الأمنية الفلسطينية اعتقلت كذلك الأسير المحرر سعيد القواسمة من مكان عمله في بلدة بيت فجار جنوب بيت لحم، وبعدها نظمت عائلته وقفة احتجاجية قرب منزله الكائن في منطقة الحرس القريب من مركز توقيف للشرطة الفلسطينية، وتم فضّ الوقفة بالقوة.

ويقول مصطفى القواسمة، شقيق المعتقل سعيد لـ"العربي الجديد": "إن دورية شرطة مرور عبرت من أمامنا، وبدأوا بشتمنا واتهامنا بالعمالة والجوسسة وإثارة الفتنة، وتبعها محاصرتنا وملاحقتنا من حوالي 15 دورية أمنية تضم أجهزة أمنية مختلفة، وفضّوا التجمهر بالعصي وقنابل الغاز السام المسيل للدموع، وقنابل الصوت".

وبين القواسمة أن الشخصيات الاعتبارية في عائلته توجهت لجهاز المخابرات الفلسطينية في بيت لحم؛ لمعرفة سبب اعتقال سعيد وكان الرد أنه رفع رايات حزبية في مسيرة بوقت سابق (لم يبلغوهم بوقت المسيرة أو تفاصيل أكثر عن سبب الاعتقال)، مشيرًا إلى أنها كانت إبان الإفراج عنه قبل سنتين ونصف من سجون الاحتلال بعد أن قضى تسع سنوات ونصف.

وأثناء وجود عائلته عند جهاز المخابرات، اقتحمت قوة أمنية أخرى منزل المعتقل سعيد، وبدأوا بإطلاق قنابل الغاز السام المسيل للدموع وشتم النساء في المنزل بعبارات نابية، وتهديدهم بدخول المنزل حال عدم فتحهم الباب، كما يوضح شقيقه، الذي أشار إلى أن ضابط الدورية الأمنية قال للعناصر: "لا أحد ينزل من السيارة ويده فارغة، الكل يحمل السلاح والعصي".

واعتقلت الأجهزة الأمنية خمسة شبان من أقارب المعتقل سعيد ولاحقوا آخرين كانوا خلال الوقفة الاحتجاجية، لكن شرط الإفراج عنهم "عدم كتابة ما حصل عبر صفحات (فيسبوك)، وحذف أيّ منشورات كتبت حول اعتقال أي أحد من العائلة، ومطالبة من كتب منشورا من أصدقائهم عن الاقتحام عبر أي موقع أن يحذفه"، وفق ما أفاده القواسمة لـ"العربي الجديد".

وحاول "العربي الجديد" التواصل مع الناطق باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية طلال دويكات، لكن دون ردٍ.

الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم" أكدت في بيان بعد الحادثة، أنه جرى الاعتداء بالقوة على ذلك التجمع السلمي، في الثالث من الشهر الجاري، ورصد حالات اعتقال بينهم شخص من ذوي الإعاقة، وتم الإفراج عنهم، كما أسفر الاعتداء عن إصابة شخص بكسر في قدمه، علاوة على ترويع الأهالي والأطفال.

ووفق الهيئة، فإن أفرادًا من جهاز المخابرات العامة اعتقلوا سعيد القواسمة من مكان عمله في بيت فجار، دون إبراز مذكرة توقيف، وصادروا جهاز (DVR) وهاتفه الشخصي وهاتف شقيقه يحيى. وطالبت الهيئة المستقلة بتشكيل لجنة تحقيق بالحادثة، والتشديد على التزام أجهزة الأمن بمدونات السلوك وتعليمات استخدام القوة واحترام حق المواطنين في التجمع السلمي.

المساهمون