شيع آلاف الفلسطينيين، مساء اليوم الأربعاء، جثماني الشهيدين محمد علي أبو كافية (36 عاما) في مسقط رأسه بلدته بيت إجزا، شمال غربي القدس، بعد احتجاز استمر لأكثر من خمسة أشهر في ثلاجات الاحتلال الإسرائيلي، ومحمود حمدان (22 عاما)، بمسقط رأسه في مخيم عقبة جبر جنوب أريحا، شرق الضفة، بعد ثمانية أيام من احتجاز الاحتلال جثمانه.
وتسلمت عائلة أبو كافية جثمان الشهيد عند حاجز الجيب العسكري الإسرائيلي شمال غربي القدس، عصر اليوم، وكانت أبلغت العائلة، أمس ليلا، بقرار سلطات الاحتلال تسليم جثمانه بشكل مفاجئ.
واستقبل شبان البلدة وأهالي رام الله جثمان أبو كافية في مجمع فلسطين الطبي في رام الله بالهتافات، حيث جرت الإجراءات الطبية والقانونية قبل الانطلاق بجنازته.
وبعد وداع مؤثر من أبنائه الأطفال الثلاثة ووالده المسن علي أبو كافية، انطلقت جنازة الشهيد من المستشفى، حيث أقامت له قوات الأمن الوطني الفلسطيني جنازة عسكرية، قبل الانطلاق ومواراته الثرى في بلدته وسط هتافات غاضبة.
وانتقل المشيعون بالمركبات بجثمان الشهيد إلى منزله لوداعه، قبل الصلاة عليه في ساحة خارجية، والانطلاق بالموكب إلى مقبرة الرحمة في بلدته ليتم دفنه فيها.
واندلعت عقب تشييع أبو كافية مواجهات مع قوات الاحتلال التي اقتحمت البلدة وأطلقت قنابل الصوت والغاز السام المسيل للدموع صوب المواطنين ومنازلهم.
وقال علي أبو كافية، والد الشهيد، لـ"العربي الجديد"، إن الاحتلال تعمد عقاب العائلة ليلة بليلة ونهارا بنهار من خلال احتجاز الجثمان منذ 24-9-2022، وكان يحلم طيلة الوقت باللحظة التي سيستلم فيها نجله، حتى أبلغ الارتباط العائلة منتصف الليلة الماضية بقرار الاحتلال.
وقال هيثم بدر، زوج شقيقة الشهيد، لـ"العربي الجديد"، إن أطفال الشهيد تأثروا بغيابه وكذلك بتسلم جثمانه اليوم أشبه بقطعة جليد، مؤكدا أن العائلة حاولت أن تشرح للأطفال وتخفف من وطأة غياب والدهم، كما اعتبر احتجاز الجثامين قهرًا يفوق الوصف بالنسبة لأهالي الشهداء.
بدوره، أكد منسق الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء والكشف عن مصير المفقودين حسين شجاعية، لـ"العربي الجديد"، أنه وبعد تسليم جثماني الشهيدين أبو كافية من بيت إجزا ومحمود حمدان من مخيم عقبة جبر، يواصل الاحتلال احتجاز 128 جثمانا منذ عودة سياسة الاحتجاز في عام 2015، إضافة إلى 256 جثمانا محتجزا في مقابر الأرقام قبل ذلك.
وتابع شجاعية أن الاحتلال لا يلتزم بأي معايير بخصوص الاحتجاز والتسليم، بل يضع كافة العراقيل على تسليم الجثامين.
وكانت عائلة الشهيد أبو كافية رفضت روايات الاحتلال وتبرير إعدامه في 24 سبتمبر/أيلول من العام الماضي على الطريق الواصل بين حوارة جنوب نابلس من ناحية وقرى جنوب غربي نابلس ومدينة قلقيلية من ناحية أخرى، حيث زعمت أنه نفذ عملية دهس، بينما أكدت العائلة أن ما حصل حادث اصطدام مع مركبة لشرطة الاحتلال.
وقالت العائلة في حينها إن ابنها يعمل مدرسا ومرشدا تربويا في مدرسة الجيب المجاورة لبلدته بيت إجزا شمال غربي القدس، وكان قد قرر فتح محل تجاري، وهو عبارة عن محل هواتف نقالة، وتوجه إلى شمال الضفة، وتحديدا نابلس وقلقيلية، لشراء ما تبقى من مستلزمات للمحل التجاري الجديد، الذي قرر افتتاحه لإعانته على تكاليف الحياة، لكن سرعان ما وصل إلى العائلة خبر إعدامه بعد اصطدام مركبته بمركبة شرطة تابعة للاحتلال.
ومحمد والد 3 أطفال: علي، أكبرهم سنا، ولا يتجاوز 8 أعوام، وأوسطهم جولان وعمره 7 أعوام، وأصغرهم عبد الرحمن ذو الـ4 أعوام.
وفي أريحا، تسلمت الهيئة العامة للشؤون المدنية جثمان الشهيد محمود حمدان، على المدخل الجنوبي للمدينة، ثم نقل الجثمان لمستشفى أريحا الحكومي، ومن هناك نقل الجثمان سيرًا على الأقدام إلى منزل عائلته بمخيم عقبة جبر، والتي ألقت نظرة الوداع الأخيرة عليه، ثم نقل إلى مسجد الشهيد إبراهيم ياغي حيث أقيمت صلاة الجنازة عليه.
بعدها سار المشيعون وعددهم، بحسب مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، نحو أربعة آلاف، وحملوا الشهيد على الأكتاف ملفوفًا بعلم فلسطين وبراية حركة "فتح"، وجابوا به شوارع المخيم وصولاً إلى مقبرة مخيم عقبة جبر حيث ووري جثمان الشهيد الثرى.
وتخلل مسيرة التشييع رفع أعلام فلسطين ورايات الفصائل الوطنية، وردد المشاركون هتافات وطنية تمجد الشهيد وتندد بجرائم الاحتلال، كما أطلق مسلحون النار بالهواء تحية لروح الشهيد، الذي استشهد الأربعاء الماضي خلال عدوان الاحتلال على مخيم عقبة جبر.