تزايد جبهة الرفض لحل المجلس الأعلى للقضاء في تونس

07 فبراير 2022
عبرت أحزاب وجمعيات عديدة عن رفضها المساس بالمجلس الأعلى للقضاء (Getty)
+ الخط -

توسعت حلقة الرافضين لتوجه الرئيس التونسي قيس سعيّد، لحل المجلس الأعلى للقضاء، بشكل غير مسبوق، لتتابع البيانات الحزبية والمهنية والمنظمات المدنية المناهضة لهذا الخيار، الذي سيضرب استقلال القضاء بجمع كامل السلطات والانفراد بها.

وعبرت أحزاب وجمعيات عديدة يوم أمس الأحد عن رفضها المساس بالمجلس الأعلى للقضاء، مؤكدة تمسكها باستقلاليته عن السلطة التنفيذية، لتتواتر الدعوات للالتفاف حول مجلس القضاة ومساندتهم، وللتصدي لتوجهات الرئيس الاستبدادية، فيما دعا آخرون للنزول والاحتجاج والتظاهر.

وبالإضافة إلى المواقف الرافضة التي عبر عنها المجلس الأعلى للقضاء وجمعية القضاة التونسيين، وجمعية القضاة الشبان، أكدت تنسيقية أحزاب "التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات" و"الجمهوري" و"التيار الديمقراطي"، عن رفضها "إعلان سعيد عزمه على حل المجلس الأعلى للقضاء"، داعية في بيان مشترك سائر القضاة والأحزاب الديمقراطية والمنظمات المدنية، إلى "التصدي لهذه المحاولة المفضوحة لإخضاع القضاء لسلطة الانقلاب".

بدوره، نشر رئيس مجلس الشعب التونسي راشد الغنوشي، بياناً أكد من خلاله أن رئاسة البرلمان "تتابع الإساءة المتواصلة منذ أشهر من قبل سعيد في حق المجلس الأعلى للقضاء وما صاحب ذلك من تحريض متواتر على القضاة، في سياق التفكيك المنهجي لمؤسسات الديمقراطية ودولة القانون عن طريق المسّ باستقلالية القضاء ووضع اليد عليه".

واستنكرت رئاسة البرلمان التونسي "مواصلة الرئيس استهدافه للدستور، الذي تبنى الفصل بين السلطات وأسّس لاستقلال السلطة القضائية" و"رفض المسّ الأحادي بالمجلس الأعلى للقضاء"، معبرة عن "تضامنها المطلق مع السلطة القضائية ودفاعها عن استقلاليتها".

للرّد في الشارع

وفي السياق، دعا الرئيس السابق المنصف المرزوقي، عبر صفحته على فيسبوك، التونسيين، للمشاركة في مسيرة الأحد القادم قائلا: "إلى الصفوف يا شعب المواطنين لتكون رسالتكم واضحة لمؤسسات الدولة، بأنه لم تعد مقبولة مواصلة هذا الوضع الذي يشهد كل يوم مزيدا من تدمير الدولة والاقتصاد والوحدة الوطنية واستقلال البلاد".

وأضاف المرزوقي أن "كل تعليق على قرار المنقلب (يقصد سعيد) حلّ المجلس الأعلى للقضاء مضيعة للوقت، مؤكدا أن الرد يجب أن يكون في الشارع يوم الأحد المقبل في العاصمة".

من جانبه، اعتبر حزب "حراك تونس الإرادة " أن "اختيار الرئيس قيس سعيد لمقر وزارة الداخلية كمكان لإعلان قراره هو رسالة واضحة بأنه يستقوي على الشعب التونسي ومؤسساته باستعمال القوة الصلبة للدولة".

وفي بيان له الأحد، حذر الحزب "المنقلب من كل محاولات الزجّ بالمؤسسة الأمنية في أجنداته السياسية، كما يحمل القائمين على وزارة الداخلية مسؤولية الانخراط في أي عمل يحيد بالمؤسسة عن القانون أو يجعل منها العصا الغليظة لحماية الانقلاب".

وقال القاضي السابق والمتحدث باسم حزب حراك تونس الإرادة، عمر السيفاوي، في تعليق لـ"العربي الجديد"، إن المرسوم الذي ينوي سعيد إصداره يأتي في سياق إجراءاته غير الدستورية التي اتخذها منذ 25 يوليو/ تموز بما يعزز انقلابه على الدستور وانفراده بالسلطة".

وبين أن "سعيد يواصل توظيف المؤسسة الأمنية ويستغلها للاستقواء على الشعب التونسي ومؤسسات البلاد الدستورية والمنتخبة باستعمال القوة الصلبة للدولة"، مشيرا "إلى سعيه للزجّ بالمؤسسة الأمنية لتنفيذ أجنداته السياسية".

السيفاوي: سعيد يواصل توظيف المؤسسة الأمنية ويستغلها للاستقواء على الشعب

 وأكد السيفاوي "خطورة الخطوة التي يقدم عليها سعيد باتجاه حل المجلس الأعلى للقضاء، بما يؤسس لسلطة استبدادية قروسطية من خلال نسف مبدأ الفصل بين السلطات واستقلالها عن بعضها".

وشدد على أن "الوضع يتطلب التفاف كل القوى الحية الحزبية والجمعياتية والنقابية للتصدي لمخطط السيطرة على السلطة القضائية من خلال دعم القضاة في معركتهم ضد سلطة الانقلاب عبر كل الوسائل السلمية".

أما حزب ائتلاف الكرامة فعبّر هو الآخر عن "قلقه الشديد من التهاوي المتسارع للبناء الدستوري للدولة التونسية، من خلال إجراءات الهدم الفوضوي التي يتبعها قيس سعيد وبصفة انفرادية".

واعتبر في بيان له أن سعيد يمد "يده اليوم إلى المجلس الأعلى للقضاء آخر قلاع دولة القانون والمؤسسات ليتحول رسميا إلى جامع للسلطات والصلاحيات يحتكرها كافة، لا يُسأل عما يفعله والجميع أمامه مسؤولون".

ودعا الحزب "كل الفاعلين الوطنيين أشخاصا وهياكل من جميع الأطياف السياسية ومكونات المجتمع المدني إلى تصعيد وتيرة التنسيق والمشورة، من أجل إنقاذ التجربة الديمقراطية في بلادنا ومنها إنقاذ الدولة التونسية من الانهيار نتيجة العبث الذي يمارسه المنقلب على الدستور".

من جهته، دعا رئيس الهيئة السياسية لحزب الأمل، أحمد نجيب الشابي من وصفهم بأصحاب الضمائر الحرة إلى "الوقوف جميعا للدفاع عن استقلال القضاء وعن تونس الآن وليس بعد فوات الأوان"، حسب تعبيره.

وحذّر الشابي في تدوينة على فيسبوك من "عودة سعيد بالبلاد إلى مربع الاستبداد بسيطرته على السلطة القضائية"، معتبرا أن "الرئيس التونسي استغل الأزمة السياسية لينقض على السلطة التشريعية ويستأثر بكامل اختصاصاتها".

حماية مكتسبات الثورة

وعبّر حراك "توانسة من أجل الديمقراطية"، في بيان عن مساندته المطلقة "للمجلس الأعلى للقضاء ودعمه في التّصدّي لهذه الهجمة غير المسبوقة عليه، وللسّادة القضاة في معركة الدّفاع عن استقلال القضاء وثقتنا في وقوف المحاماة المناضلة وقفة مشرّفة كعادتها في كلّ المحطّات المصيريّة".

ودعا كلّ "القوى السّياسيّة والمجتمعيّة المؤمنة بالحرّيّة والرّافضة للحكم الفردي لتوحيد جهودها لحماية مكتسبات الثّورة والتّصدّي لمسار الاستحواذ على السّلطة القضائيّة بعد الاستحواذ على السّلطة التّشريعيّة وكامل السّلطة التّنفيذيّة".

وحذرت جمعية النواب المؤسسين في بيان من "التمادي في نفس المسار الخارق للدستور من أكثر من مستوى"، ومن سعي الرئيس "لتجميع كل السلطات بين يديه لا يمكن أن يكون إلا مؤشر انتكاس عن كل المكتسبات التي ضحت من أجلها أجيال وافتداها الشهداء بأرواحهم".

كما نبّهت "جميع القوى الحية وعموم شعبنا إلى أن حل المجلس الأعلى للقضاء لن يكون إلا خطوة حاسمة في اتجاه الإجهاز على دولة القانون وفتح المجال واسعا للحكم الفردي الاستبدادي، لذا فالدعوة ملحة للالتفاف حول هذا الهيكل المجسّد للسلطة القضائية".

المساهمون