كشفت صحيفة صباح التركية، اليوم الاثنين، عن عملية استخباراتية ناجحة جديدة للاستخبارات التركية أدت إلى القبض على سبعة جواسيس يعملون لصالح الموساد الإسرائيلي وجمع المعلومات والبيانات عبر الهجمات السيبرانية.
ونشرت صحيفة صباح المقرّبة من الحكومة التركية جميع التفاصيل والمعلومات التي حصلت عليها عن الجواسيس وصورهم، وهم أتراك ومواطنون عرب مقيمون في تركيا، تلقوا تعليماتهم من الخارج وخضعوا لدورات أونلاين من قبل مسؤولي الموساد.
وأفادت الصحيفة بأن جهاز المخابرات وعبر 10 فرق مختلفة مسؤولة عن مكافحة التجسس في منطقة الشرق الأوسط، استطاع تثبيت الجواسيس الذين عملوا على جمع المعلومات عن الأجانب المقيمين في البلاد ووضع أجهزة تعقب على سياراتهم، وتحديد أجهزة إنترنت المستهدفين في عناوين سكنهم وكسر الشيفرات لهذه الأجهزة.
كما عمل الجواسيس المعتقلون على المتابعة الفيزيائية لبعض الأفراد المطلوبة متابعتهم والتقاط الصور لهم في لقاءاتهم الثنائية ومراقبتهم وفعاليات أخرى.
وحدات مكافحة التجسس في جهاز الاستخبارات التركية، التي تتبع لفرع الاستخبارات بمدينة إسطنبول، عملت على متابعة حثيثة على مدار أشهر خطوة بخطوة للجواسيس، حيث اختير هؤلاء بعناية وخضعوا لدورات خارج تركيا، حسب الصحيفة.
والجواسيس هم أحمد كوراي أوزغورون، وألبيرن إركوت، وخالد النبهان، وغزوان عموري، ونزار سعد الدين، ومحمد موري، وخالد نجم، واعترفوا جميعا بعد اعتقالهم بالعمل لصالح الموساد، وتعتقد الأجهزة الأمنية أن الجواسيس مرتبطون بـ9 خلايا تضم 56 شخصا.
عمليات عن بعد
وأوضحت "صباح" أن إسرائيل تعمل على تنفيذ عمليات عن بعد من تل أبيب عبر تشكيل فرق عديدة، وذلك لجمع معلومات شخصية، وتحديد المواقع وعناوين الإنترنت عبر متابعة تقنية، وتأسيس مواقع إخبارية إلكترونية عديدة بلغات عدة على رأسها اللغة العربية.
وأضافت الصحيفة أن تسعة مسؤولين مختلفين من الموساد يعملون على إدارة هذه الخلايا وتشكيل شبكة استخبارية كبيرة، للعمل بشكل فعال على المستوى الدولي، وفق المعلومات التي حصلت عليها الصحيفة حسب قولها.
وأوضحت الصحيفة أن عمليات الاتصال كانت تُجرى من خطوط تعود لبلدان، مثل إسبانيا وإنكلترا وألمانيا والسويد وماليزيا وإندونيسيا وبلجيكا بأسماء مزيفة وخطوط إنترنت تستخدم مرة واحدة فقط.
وبينت أن زعيمة إحدى الخلايا التي لم يتم التأكد من اسمها الحقيقي، واسمها المستخدم شيرين أليان، تواصلت مع الفلسطيني خالد نجم عبر خط ألماني، وكلفته بتأسيس مواقع إخبارية هي "najarland.com, almeshar.com, nasrin-news.com hresource.co.uk"، وتم إعداد أخبار خاصة عبر هذه المواقع وإرسال روابط فيها فيروسات أدت لعبورها هاتف الشخص المستهدف.
صحيفة "صباح" كشفت أيضاً حسب ما توصلت إليه أن عمليات تدريب وتعليم الجواسيس كانت تتم عن بعد عبر شركة سيبرإنتلجينس إنترناشونال برايفت للبرمجيات، ومديرها بريانشي باتل كولهاري، وهو من مواليد 8 أكتوبر/ تشرين الأول عام 1999، يعمل لصالح الموساد كخبير في الاستخبارات السيبرانية، وكان على تواصل دائم مع الجواسيس، وهو من كان يحدد ويشرح كيف يتم اختراق الهواتف وأي الروابط التي يجب الضغط عليها.
مهام أخرى
وفي ما يتعلق بالمهام الأخرى، قالت الصحيفة إن الموساد كلف الجواسيس من أصول عربية بجمع المعلومات عن لبنان وسورية، وتحديد نقاط عمليات المسيّرات التركية، ويتم اختيار الجواسيس عبر عمليات متابعة وهمية وتكليفهم بتصوير الجوامع والكنائس والمناطق الأثرية تمهيدا لتقييمهم وبعدها رفعهم لمستوى أعلى.
مراحل عملية التجسس
وبحسب الصحيفة، تتكون عملية التجسس من خمس مراحل، ومع وصول الجواسيس للمرحلة الخامسة، يُرسلون للخارج من أجل التدريب الاحترافي على التجسس، حيث تأكد جهاز الاستخبارات التركي من أن بعض الجواسيس في إسطنبول أُرسلوا لمتابعة لبنانيين وسوريين في منطقة حارة حريك بالعاصمة اللبنانية بيروت.
وأكملت أن هؤلاء كلفوا في لبنان بتحديد إحداثيات مبنى تابع لـ"حزب الله" اللبناني، وتحديد أسماء مسؤولي وهويات الحزب الذين يعملون في الطابق الثالث، وفعاليات دولية أخرى مماثلة.
الصحيفة قالت إن أحد قادة خلايا الموساد التسعة واسمه عبد الله قاسم المقيم في إسرائيل ولم يتم تحديد اسمه الحقيقي، طلب من زيد سعد الدين بعدما قدم نفسه كرجل أعمال أردني مقيم في السويد، تقديم دراسة عن مبنى استراتيجي مهم في حي قدسيا الدمشقي مع صور مفصلة، دون الكشف عن مصير العميل.
وأضافت أن الموساد كان يعمل على إخفاء تنقلات الجواسيس الأتراك عبر سفرات سياحية من 3 مراحل تبدأ من صربيا مرورا بدبي، وصولا إلى عاصمة تايلاند بانكوك حيث لا توجد تأشيرات لهذه الدول.
الموساد كان يعمل على إخفاء تنقلات الجواسيس الأتراك عبر سفرات سياحية من 3 مراحل
وزادت أنه في بانكوك يوجد مركز تدريب سري تابع للموساد وهناك تم تدريب أوكان البيرق، وهو مواطن تركي مطلوب فار حاليا، كيفية كتابة التقارير الإخبارية، وأعمال الترصد، والهروب من متابعة أجهزة المخابرات، وتحويل الصور لملفات، والمراقبة والتحليل ووضع أجهزة تعقب في السيارات والمتابعة التقنية.
وعن عمليات المتابعة وإلقاء القبض عليهم، قالت الصحيفة إن المتابعة كانت "خطوة بخطوة، وبعمليات متقدّمة، خاصة مع تدريب الجواسيس على طرق الهروب من المراقبة والمتابعة ونفذت عمليات أمنية عديدة في إسطنبول".
وأكدت الصحيفة أن الموساد كلف في إحدى عملياته محمد فللي وعبد الله فلاحة وهما من حلب، بالتخطيط لتفتيش مكتب هشام يونس يحيى قفيشة رئيس مجلس إدارة شركة تريند جيو، بإحدى مناطق إسطنبول، وسرقة هاتفه، وسرقة حاسوب ومستندات من أحد المنازل بمنطقة باشاك شهير.
كما كُلف فللي وفلاحة بمتابعة صحافي مصري بإسطنبول، وطبيب مصري أيضا بمنطقة الفاتح، وعامل مصري بمركز صرافة، ومتابعة جمعية الأيادي البيضاء ونشاطاتها، دون أن تكشف الصحيفة عن مصير فللي وفلاحة وإن كانا معتقلين أم لا.
واعتادت صحيفة صباح على تسريب عمليات إلقاء القبض على جواسيس يتبعون للاستخبارات الإسرائيلية والإيرانية والروسية، ومعروفة بقربها من دوائر القرار التركية، كما سبق أن انفردت ونشرت مفصلا حيثيات مقتل الصحافي جمال خاشقجي بإسطنبول.
وتأتي أخبار إلقاء القبض على جواسيس إسرائيليين، في وقت تتذبذب العلاقة بين أنقرة وتل أبيب مع تطبيع العلاقات مجددا خلال العامين الأخيرين.