قدمت أنقرة لواشنطن شروطاً من أجل العدول عن عملية عسكرية متوقعة ضد "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) شمالي سورية، في وقت تحاول فيه روسيا إجراء وساطة بين النظام و"قسد" لقطع الطريق على العملية التركية.
وقالت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إنّ الوفد الروسي الذي زار مطار القامشلي، أمس الإثنين، التقى قياديين من "قسد" وعرض عليهم ذات العرض السابق الذي يفضي إلى انسحاب "قسد" مسافة 30 كيلومتراً عن الحدود السورية التركية، ودخول النظام السوري إلى المواقع والمناطق التي تسيطر عليها المليشيا.
وكانت مصادر مقربة من "قسد" قد قالت، أمس الإثنين، لـ"العربي الجديد"، إنّ قائد القوات الروسية في سورية ألكسندر تشايكو وصل مع وفد إلى مطار مدينة القامشلي شمال شرقي سورية، قادماً من قاعدة حميميم، في حين ذكرت وسائل إعلام مقربة من النظام أنّ قدوم الوفد كان بهدف لقاء قائد "قسد" مظلوم عبدي.
وفي الشأن ذاته، قالت صحيفة الوطن المقرّبة من النظام السوري، إنّ قائد القوات الروسية أعاد طرح ذات الشروط للمرة الثانية لإيقاف العملية التركية وتضمنت الشروط انسحاب "قسد" مسافة 30 كيلومتراً من الحدود والسماح لقوات النظام السوري بالدخول إلى المناطق الشمالية الشرقية وانتشارها على طول الحدود.
وكان اللقاء السابق قد جمع الطرفين، في 25 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وجاء على خلفية التهديدات التركية المستمرة بشن عملية عسكرية برية ضد "قسد".
شروط تركية
إلى ذلك، نقلت قناة الجزيرة عن مصدر تركي رسمي، اليوم الثلاثاء، وضع أنقرة مهلة وشروطاً لواشنطن وموسكو للتراجع عن العملية العسكرية ضد "قسد"، مضيفاً أنّ أنقرة أعطت مهلة زمنية محددة للجانبين الأميركي والروسي لإخراج "قوات سورية الديمقراطية" من منبج وتل رفعت وعين العرب.
وذكر المصدر أنّ الجانب الأميركي اقترح إعادة هيكلة "قوات سورية الديمقراطية"، ومنح دور أكبر للمكون العربي في إدارة منبج وتل رفعت وعين العرب، لكن تركيا اشترطت إنهاء سيطرة "قسد" على المنشآت النفطية قبل النظر في المقترحات الأميركية.
وفي الملف ذاته أوضح المصدر أنّ "الجانب الروسي وضع شروطاً تتعلق بالملف الأوكراني مقابل تقديم تنازلات ميدانية وسياسية في سورية. وروسيا عرضت رفع الغطاء عن منطقة الشهباء في ريف حلب وعين العرب لتسهيل دخول القوات التركية إليهما".
العرض التركي لواشنطن حصل الأسبوع الماضي خلال زيارة المبعوث الأميركي السابق إلى سورية جيمس جيفري للعاصمة أنقرة
وقال مصدر مقرب من "الجيش الوطني السوري" المعارض المدعوم من أنقرة إنّ العرض التركي لواشنطن حصل، الأسبوع الماضي، خلال زيارة المبعوث الأميركي السابق إلى سورية جيمس جيفري للعاصمة أنقرة، حيث طالبت تركيا واشنطن بالوفاء بالتزاماتها وتعهداتها لتركيا في سورية.
وأوضح المصدر، لـ"العربي الجديد"، أنّ الاجتماعات مستمرة بين "الجيش الوطني" والجانب التركي، ضمن غرفة عمليات مشتركة، وإلى الآن لم يعرف ما هو الرد الأميركي والروسي، مشيراً إلى أنّ الهدوء الذي حصل الأسبوع الماضي جاء لمنح المفاوضات فرصة، وأنّ الجانب التركي مصرّ على تنفيذ شروطه.
وعن موضوع العرض الأميركي المتعلق بإعادة هيكلة "قسد"، أوضح المصدر أنّ الاتفاق الأميركي التركي حول منبج عام 2018، ينص على إعادة هيكلة "قسد" وتشكيل إدارة جديدة لها تبعد العناصر المرتبطين بحزب العمال الكردستاني، لكن واشنطن لم تنفذ الاتفاق وذلك يؤدي إلى التشكيك في جدية الطرح الأميركي.
وكان الجيش التركي قد صعّد من قصفه، في الأسبوعين الأخيرين من الشهر الماضي، بعد شن عملية عسكرية جوية تحت مسمى "المخلب-السيف" مستهدفاً عشرات المواقع والمناطق الخاضعة لسيطرة "قسد" في سورية، وأدى القصف إلى خسائر بشرية في صفوف المليشيات.
وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن، قد أعلن، أمس الإثنين، أنّ بلاده "لا تأخذ الإذن من أي دولة عندما يتعلق الأمر بأمنها"، في إشارة إلى تنفيذ العمليات العسكرية ضد "قسد" شمالي سورية، في حين طالب قائد "قسد" مظلوم عبدي واشنطن بعدم التخلّي عن حلفائها.