قرّرت المحكمة الدستورية العليا في تركيا، اليوم الخميس، إلغاء قرار تجميد حسابات حزب "الشعوب الديمقراطي" الكردي المالية بشكل مؤقت، ضمن إطار الدعوى المرفوعة لإغلاق الحزب. وسيمكّن هذا القرار الحزب من الحصول على دعم خزينة الدولة للأحزاب البرلمانية.
ونظرت المحكمة الدستورية العليا في طلب المحكمة الإدارية العليا التجميد النهائي لحسابات "الشعوب الديمقراطي"، حيث وافق 8 من أعضاء هيئة المحكمة على قرار فكّ الحظر المؤقت مقابل رفض 7 أعضاء.
وسيتمكن حزب "الشعوب الديمقراطي" الكردي بناء على هذا القرار من الحصول على المبلغ المخصص له لهذا العام الذي يشهد الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وهو 539 مليون ليرة تركية (حوالي 28 مليونا و500 ألف دولار أميركي).
وكانت المحكمة الدستورية العليا قد قررت في 5 يناير/كانون الثاني الماضي، تجميد الحسابات المالية لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي المعارض بشكل مؤقت، ضمن إطار دعوى إغلاق الحزب المرفوعة من قبل المحكمة الإدارية العليا، بطلب من المدعي العام للمحكمة الإدارية العليا بكر شاهين بسبب اتهامات لحزب الشعوب باستخدام هذه الأموال في تمويل حزب العمال الكردستاني الانفصالي المحظور في البلاد.
سيتمكن حزب "الشعوب الديمقراطي" من الحصول على المبلغ المخصص له لهذا العام الذي يشهد الانتخابات البرلمانية والرئاسية
وفي الوقت ذاته، اتخذت المحكمة الدستورية العليا قراراً آخر بمنح حزب الشعوب مهلة زمنية إضافية لتقديم المدافعة الشفوية في ما يتعلق بقضية الإغلاق مع اقتراب اكتمال فترة تقديم المدافعة، وهو في 14 مارس/آذار الحالي.
دعوى إغلاق "الشعوب"... ترحيل إلى ما بعد الانتخابات
ومنح الحزب الكردي مهلة حتى 11 إبريل/نيسان المقبل من أجل تقديم المدافعة الشفوية، وهذا ما سيؤدي إلى تأخير صدور القرار في دعوى إغلاق الحزب لما بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة المقررة في 14 مايو/أيار المقبل.
وكانت المحكمة الدستورية العليا قد رفضت طلباً للحزب الكردي بتأجيل إصدار قرار الإغلاق بحق الحزب لما بعد الانتخابات، ولكن نظراً لمنح المهلة الإضافية، بات من الصعب صدور القرار قبل الانتخابات التي قدّم موعدها أكثر من شهر.
ومع انتهاء تقديم الأدلة وتقديم المدافعة الشفوية ستتم كتابة تقرير المحكمة من قبل المقرر وسيتم توزيعه على أعضاء المحكمة، وبناء عليه سيعلن رئيس المحكمة زهدي أرسلان موعداً لبحث الدعوى واتخاذ الحكم النهائي. ومن المقرر أن يعلن أعضاء المحكمة الـ15 القرار سواء بالإغلاق أو عدمه بواقع موافقة 10 أعضاء على الأقل.
وكانت الدعوى القضائية بإغلاق الحزب قد قبلت من قبل المحكمة الدستورية العليا في 21 يونيو/حزيران 2021، وتبعتها مراحل عديدة. وتنحصر الاتهامات بحق الحزب الكردي بعلاقته مع حزب العمال الكردستاني الانفصالي المصنّف في تركيا على أنه تنظيم مسلح محظور ويقوم بأنشطة إرهابية.
ويعتبر حزب الشعوب الديمقراطي، الحزب الكردي الوحيد في البرلمان التركي، وحقق في الانتخابات البرلمانية التي جرت في عام 2018 نسبة 11.7 في المائة من الأصوات بمجموع 67 نائباً برلمانياً، ولكن مع الاستقالات وطرد الحزب بعض الأعضاء، وطرد البرلمان لآخرين، انخفض عدد النواب إلى 56 نائباً من إجمالي 600 نائب يشكلون البرلمان التركي، فيما يواجه عدد كبير من نواب الحزب ملفات لرفع الحصانة عنهم.
وتتألف المذكرة التي قبلت من قرابة 850 صفحة، بعد أن كانت في المرة الأولى تبلغ 609 صفحات، وطالبت المحكمة الإدارية بمنع 451 سياسيا من حزب الشعوب الديمقراطي من ممارسة العمل السياسي، وتجميد حسابات الحزب المصرفية.
وتأسس حزب الشعوب الديمقراطي في عام 2012، وخلف حزب السلام والديمقراطية الكردي الذي أغلق في عام 2014، وحزب المجتمعات الديمقراطية الكردي الذي أغلق في عام 2009، ويتوقع في حال صدور قرار الإغلاق أن تكون هناك ردود فعل كبيرة محلية ودولية.
جناح في حزب السعادة يرفض ترشيح كلجدار أوغلو
وفي إطار الشؤون التركية، رفض جناح داخل حزب السعادة الإسلامي المعارض، والذي ينضوي داخل الطاولة السداسية المعارضة، ترشيح زعيم المعارضة ورئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كلجدار أوغلو للانتخابات الرئاسة عن المعارضة.
الجناح داخل حزب السعادة يحمل اسم اتفاق "هيمانا"، وهو جناح داخل الحزب يرفض سياسات قيادة الحزب الحالية ورئيسها تمل قرموللا أوغلو، وأعلن في بيان صدر عنه اليوم عدم اعترافه بترشح كلجدار أوغلو.
وجاء في البيان: "لم يتبق في قيادة الحزب أي ثقة"، وانتقد مشاهد إعلان ترشيح كلجدار أوغلو أمام مقر حزب السعادة.
ولاقت هذه المشاهد انتقادات من قبل أنصار حزب السعادة وكتلة المحافظين في تركيا بسبب تاريخ حزب الشعب الجمهوري مع مؤسس حزب السعادة، القيادي الإسلامي الراحل نجم الدين أربكان.
من المنتظر مع تصاعد حدة الانتخابات أن تميل قاعدة حزب "السعادة" لصالح الرئيس رجب طيب أردوغان
وشدد البيان على أن "قرار قيادة الحزب حول تحالف الشعب يربط قيادة الحزب فقط، كما أن عددا كبيراً من منسوبي الحزب لا يقرون بصوابية القرارات المتخذة من قبل القيادة، ولا نعترف بقرار موافقة حزب السعادة على ترشيح زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كلجدار أوغلو للانتخابات الرئاسية".
ونقل اتفاق "هيمانا" أنه بصدد إعلان خريطة طريق في المرحلة المقبلة. ومن المنتظر مع تصاعد حدة الانتخابات أن تميل قاعدة الحزب لصالح الرئيس رجب طيب أردوغان، حيث كان الأخير يقود حوارات مع رئيس الهيئة الاستشارية أوغوزهان أصيل تورك، الذي توفي خلال جائحة كورونا.
وتعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا مصيرية وحاسمة للحزب الحاكم (العدالة والتنمية) منذ 21 عاماً، فيما ترى المعارضة فيها فرصة للفوز بعد تراكم المشاكل في وجه الحكومة بحسب قولها. وسبق أن وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هذه الانتخابات بأنها "مفترق طرق"، حيث يتنافس فيها التحالف الجمهوري الحاكم، الذي يضم حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، وحزب الوحدة الكبرى، فيما يضم تحالف الشعب المعارض أحزاب الطاولة السداسية.
وجدد الرئيس التركي في كلمة له بعد اجتماع الحكومة الاثنين الماضي، تأكيده إجراء الانتخابات في الموعد المحدد مسبقاً، وهو 14 مايو/ أيار المقبل، حيث أكد أنه سيصدر قراراً جمهورياً بإجراء الانتخابات، في العاشر من مارس الحالي، وينشر في اليوم التالي بالجريدة الرسمية، حيث يفترض إجراء الانتخابات في أول يوم أحد بعد مرور 60 يوماً من نشر القرار. وبعدها سيكون على اللجنة العليا للانتخابات العمل لإجراء الانتخابات، وسيكون بيدها قرار إمكانية إجرائها أو عدمها.