استمع إلى الملخص
- **مخاوف من العنف السياسي:** أثارت الحادثة مخاوف من تصاعد العنف السياسي خلال الحملة الانتخابية، مما يطرح تساؤلات حول كفاءة الحراسة الأمنية لترامب.
- **تأثير الحادثة على الانتخابات:** تأثير الحادثة على الانتخابات غير معروف بعد، لكن قد تساعد ترامب في استقطاب المزيد من المؤيدين.
بعد شهرين ونيّف من استهدافه برصاصة كادت أن تكون قاتلة، تعرّض الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، الأحد، "لمحاولة اغتيال" ثانية في ملعب الغولف الذي يملكه، والقريب من محل إقامته في وست بالم بيتش - ولاية فلوريدا، لكن هذه المرة تمكّن الحرس السري المرافق له من إحباط المحاولة قبل أن يقع المكروه. حسب الرواية الرسمية، وقع بصر أحد عناصر الحرس على رأس بندقية ممتدة عبر غصون الشجيرات الموجودة بموازاة السياج المحيط بالملعب. على الفور، أطلق النار في هذا الاتجاه، فكان أن فرّ المشتبه به بسيارة قبل أن يطلق النار، وفق الجهات الأمنية، تاركاً وراءه بندقية حربية من طراز "كيه 47" مزودة بمنظار، وبإمكانها تسديد إصابة مميتة ضمن المسافة التي كانت تفصل حاملها عن الرئيس ترامب والتي تراوح، حسب تقدير الحرس، بين 300 و500 ياردة (273 إلى 445 متراً). لكن رجال الأمن ألقوا القبض عليه، وباشر مكتب التحقيقات الفديرالي (إف بي أي)، تحقيقاته التي تواصلت حتى ساعة متأخرة من الليل، تبيّن منها أن الموقوف أبيض في أواخر الخمسينيات، وكان قد سبق له أن أعرب قبل سنة عن رغبته الشديدة في القتال مع أوكرانيا ضد الروس، فيما ذكرت معلومات أخرى أنه يميل سياسياً إلى الديمقراطيين ويكن "الكراهية" للرئيس ترامب.
وأثارت الحادثة مخاوف حقيقية مما قد تأتي به الأيام الخمسين المتبقية من الحملة الانتخابية، فالعنف السياسي ليس جديداً في تاريخ الرئاسة الأميركية وحملاتها الانتخابية، فقد جرى اغتيال أربعة رؤساء (أبراهام لنكولن، جيمس غارفيلد، وليم ماكينلي، وجون كينيدي)، كما تعرّض ثمانية رؤساء ونواب رؤساء ومرشحون للرئاسة لمحاولات اغتيال نجوا منها، لكن لم يسبق أن استُهدف مرشح واحد مرتين بفاصل شهرين في الحملة الانتخابية ذاتها. لكن هذه السردية غير المتماسكة تطرح علامات استفهام وأسئلة تثير الشكوك إذا بقيت بلا أجوبة شافية. فالمعروف أن الجهة المعنية بتأمين الحراسة لترامب كرئيس وأيضاً كمرشح عززت الفريق المخصص لحمايته بزيادة عدد عناصره وتزويده بقدرات استخباراتية إضافية، لضمان عدم تكرار محاولة اغتياله التي جرت في 13 يوليو/ تموز الفائت خلال مهرجان انتخابي. وفعلاً كانت تحيط به في ملعب الغولف، الأحد، قوة حراسة ملحوظة بحجمها، ربما لأن مساحة الملعب كبيرة. وهذا يطرح أول الأسئلة: كيف تمكن الموقوف بوجود قوة كهذه من التسلل إلى سياج الملعب وعلى مسافة قريبة من الرئيس ترامب؟ ثم لماذا لم تحصل عملية مسح أمني مسبقة لأطراف الملعب طالما أنه محاط بسياج مشجّر يمكن استخدامه كمخبأ في عملية اغتيال من هذا النوع، ولا سيما أن غياب مثل هذا المسح للمحيط القريب من الرئيس ترامب في 13 يوليو الماضي كاد أن يؤدي إلى هزّة أميركية؟ وهل لهذه الحادثة وملابساتها دوافع سياسية - انتخابية بصورة او بأخرى؟ ثم هل إن الرجل فعلها من باب الهوس بالعنف الذي تمنى أن يمارسه قتالياً في أوكرانيا؟
التحقيقات الجارية قد توضح هذه الملابسات. وقد لا تجيب عنها بأكثر من لغة رمادية. وفي الحالتين، تعكّرت مياه الانتخابات، وليس معروفاً الآن مدى تأثير ذلك على موازينها. لكن من المتابعات والردود المتواصلة، يبدو أن كابوس العنف بدأ يخيّم على الوضع، والمعلوم أن شبحه رافق هذه الانتخابات منذ ما قبل محاولتي الاغتيال. من البداية، حذرت جهات كثيرة من تكرار أزمة 2020 وربما بشكل أعنف. الرئيس ترامب نفسه عزز هذه التوقعات بتلويحه أكثر من مرة بأنه لن يسلّم بخسارته للانتخابات. وفي خطاب أخير، وعد بأن تكون هذه الانتخابات "الأخيرة"، وبما يعني ضمناً أنه لن يغادر البيت الأبيض بعد أربع سنوات إذا فاز بالرئاسة. طبعاً، معظم هذا الخطاب موجّه لشد عصب قاعدته، كما لاستقطاب ما تبقى من المترددين في أوساط من الفئات الناقمة على الطبقة السياسية. وما شهده ملعب الغولف اليوم، معطوفاً على ما جرى لترامب في 13 يوليو، قد يساعده في هذا المجال، إلا إذا تكشفت محاولة الأحد عن أمور أخرى.