كشف استطلاع دوري للمعهد الإسرائيلي للديمقراطية، حول ثقة الإسرائيليين بمؤسسات الدولة المختلفة وسلطاتها، التشريعية والتنفيذية والقضائية، نشر مساء أمس، أن جيش الاحتلال يحظى بأعلى نسبة ثقة مقارنة بباقي السلطات، إذ قال 78% من الإسرايلين إنهم يثقون بالجيش، أكثر من أي مؤسسة أخرى، وذلك على الرغم من تراجع هذه الثقة من 81% في الاستطلاع الماضي لنفس المعهد قبل عدة أشهر إلى 78%.
وترافق ذلك مع جدل حول مسألة الإبقاء على تنظيم الجيش الإسرائيلي باعتباره "جيش الشعب" أم التفكير بالانتقال لأسلوب الجيش المهني الذي لا يعتمد في تجنيد قواته على الخدمة العسكرية الإلزامية.
وعلى الرغم من احتفاظ الجيش بالصدارة، إلا أن معلقين إسرائيليين، مثل هاموس هرئيل في "هآرتس"، وناحوم برنيع في "يديعوت أحرنوت"، اعتبروا أن هذه النتائج واستمرار انخفاض نسبة الثقة بالجيش من عام إلى آخر ينبغي أن يدقا ناقوس خطر في إسرائيل وبالأساس لدى المؤسسة العسكرية، وعلى رأسها رئيس الأركان الحالي أفيف كوخافي، الذي سجل في عهده أكبر تراجع لثقة الإسرائيليين بالجيش، منذ 13 عاماً.
وقد لفت هرئيل مثلاً إلى أن جزءاً من أسباب تسجيل نسبة أعلى في الاستطلاع الأخير من النسبة الحالية نابع مما سماه "بالروح الوطنية" التي تداهم الإسرائيليين في ساعات الحرب، خاصة أن الاستطلاع السابق أجري بعد وقت قصير من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أيار/ مايو الماضي.
وبحسب هرئيل، فإن حقيقة تقدم ثقة الجيش بعشرين بالمائة مثلاً على مؤسسة رئاسة الدولة، وعلى الجهاز القضائي، لا يعني تجاهل حقيقة استمرار تراجع الثقة به من عام إلى آخر، خصوصاً أن هذا التراجع يرتبط أكثر بنظرة الإسرائيليين لنزاهة إدارة قيادة الجيش لقضايا تتعلق بظروف الجنود المعيشية ورواتبهم ومستحقاتهم بعد التقاعد بفعل الفرق الشاسع بين رواتب كبار الضباط والجنرالات مقابل الرواتب المتدنية جداً للجنود في الخدمة الإلزامية، التي لا تزال متدنية حتى بعد قرار رفعها في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بخمسين بالمائة، لتصل مثلاً إلى 2463 شيقل للجنود في الوحدات القتالية وليصل راتب من في السنة الثالثة الأخيرة من الخدمة الإلزامية في الوحدات القتالية إلى 3048 شيقل.
وقد جاء القرار يومها بعد الضجة التي ثارت بعد أن تبين أن قيادة الجيش ترصد ميزانية إضافية بنحو مليار شيقل لكبار الجنرالات ولضباط المتقاعدين. وبيّن استطلاع للمعهد الإسرائيلي للديموقراطية آنذاك أن الإسرائيليين وبنسب عالية يعتقدون أن إدارة قيادة الجيش الاقتصادية سيئة، إذ قال 31.8% فقط من المشاركين في الاستطلاع إن الإدارة المالية في الجيش جيدة مقابل 26.7% منهم قالوا إنها إدارة سيئة، ورأى 32.9% منهم أن هذه الإدارة بين بين ومتوسطة.
وجاءت هذه النتائج قريبة أيضاً في نظرة الإسرائيليين لتعامل الجيش مع الجنود وظروفهم، إذ قال 38% فقط منهم إن تعامل الجيش مع جنود الخدمة الإلزامية جيد وممتاز، مقابل 31.7% وصفوه بالسلبية، بينما رأى 37.8% أنه متوسط وفقط 25.2% وصفوه بالجيد.
في المقابل، قال ناحوم برنيع إن قيادة الجيش لا تعرف بشكل محدد سبب التراجع في شعبية وثقة الجمهور بالجيش على الرغم من أنه يحتل المرتبة الأولى بين باقي سلطات الدولة، لكن القلق يساور قيادة الجيش حول هذا التراجع. مع ذلك، ينسب برنيع ذلك إلى تقديرات في المؤسسة العسكرية بأن هذا التراجع مرتبط بتعامل الجيش مع جنود الخدمة العسكرية الإلزامية وظروف معيشة الجنود ونوعية الطعام المقدم لهم، وشبكة المواصلات والتنقل المتاحة للجنود والعلاج الطبي لهم.
ومقابل احتلال الصدارة في ثقة الإسرائيليين، فقد حازت مؤسسة الرئاسة مثلاً على ثقة 58% فقط، أما الحكومة والكنيست وسلطة القضاء فتراوحت الثقة بها بين 10% (الكنيست 25% والأحزاب السياسية 10%) ولغاية 41% للسلطة القضائية و33.5% فقط بالشرطة الإسرائيلية، وحصلت الحكومة على ثقة 27%.
في المقابل، يتضح من استطلاع المعهد الإسرائيلي للديمقراطية أن ثقة الإسرائيليين بقدرة الدولة على تحقيق الأمن سجلت هي الأخرى انخفاضاً كبيراً من 63.5% في عام 2019 إلى 56.5% في عام 2021، بحسب المعطيات التي أوردها موقع "معاريف" في هذا السياق.