تحيا الأيديولوجيا... يسقط المواطنون

05 يوليو 2021
تعطل المعارك السياسية مكافحة الوباء (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

خلال الأيام القليلة الماضية، مات رضيع في تونس بسبب إصابته بفيروس كورونا، ومات عشرات الأطفال أيضاً للسبب نفسه، مع تجاوز الإصابات يومياً الخمسة آلاف، فيما يرحل عنا يومياً حوالي مائة تونسي وتونسية، ليس بسبب الوباء وحده ولا بسبب قلة الإمكانيات وحدها، ولكن أيضاً وخصوصاً بسبب المعارك السياسية التي لا تنتهي والتي عطّلت الدولة وقادت إلى خيارات خاطئة كانت كلفتها حياة الناس الذين انتخبوا هذه النخبة/النكبة، لأن علماء هذه البلاد وأطباءها يجمعون على أنه كان بإمكانهم إنقاذ هذه الأرواح لو اتُخذت القرارات السليمة في الوقت المناسب.
ولكن الصمم والعمى السياسيين لا يسمحان لصاحبهما بتمييز الصوت والقرار الصحيح. ولو كانوا على غير ذلك، لأنصتوا إلى مواقف هذا الشباب المتألق في البكالوريا هذا العام، والذي يريد بأغلبه أن يغادر البلاد لاستكمال دراسته في الخارج، ولكن ذلك لا يعني السياسيين، وهي مواضيع ثانوية طالما أنها لا تمس سمعة الحزب.

في تونس يُدار كل شيء ويُصنّف بالأيديولوجيا، إذا لم تكن معي فأنت ضدي بالضرورة، وكل ما تقوله وتقترحه خاطئ ولو كان فيه حياة التونسيين ونماؤهم وسعادتهم. تتلوّن المواقف بالاصطفاف ولا تعبأ بجدواها وتداعياتها على حياة المواطنين، ويتمترس الجميع خلف هذا العناد الذي سيقود إلى الخراب وسيهدم آمال شباب يريد أن يعيش في بلد يحلم ببنائه، كما يفكر هو، وليس كما تفكر هذه النخبة البائسة التي لم تنجح في شيء غير شعارات ركيكة ترددها في كل محفل، وشعارها "تحيا الأيديولوجيا يسقط المواطنون".

وسط هذه العتمة والبؤس، أطلت علينا أُنس جابر تؤنسنا (اسمها مشتق من تونس/تؤنس) وتضيء بعضاً من يومنا وتجدد فينا أملاً بالسعادة والفوز والتفوق. فيوم الجمعة الماضي، حققت جابر إنجازاً غير مسبوق في أعرق مسابقات التنس الدولية، بطولة ويمبلدون، ثالث البطولات الأربع الكبرى، ببلوغها الدور الثالث للمرة الأولى في البطولة الإنكليزية، وقبلها بأسابيع أصبحت أول لاعبة عربية تحقق لقباً ضمن دورات رابطة المحترفات بتتويجها في دورة برمنغهام الإنكليزية. تجمّع التونسيون حولها يحملون معها هذه الآمال بعدما فقدوها في زعمائهم، فلم يعد السياسي قدوة منذ عقود في العالم العربي، ولكن خيبة الأمل لا حدّ لها في هؤلاء، وكلما وضعنا أملنا في أحدهم كانت الحقيقة مرّة، أنه لا يصلح أبداً.

المساهمون