تحول في محاكمة ترامب: الدفاع يختصرها بعد تفوق الادعاء

12 فبراير 2021
إدانة ترامب تحتاج إلى ثلثي أصوات مجلس الشيوخ (صامويل كوروم/ Getty)
+ الخط -

شهد اليوم الثالث من محاكمة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، داخل مجلس الشيوخ انتهاء المدعين الديمقراطيين من تقديم أكثر من عشر ساعات من المرافعات المشفوعة بالأدلة المرئية والمسموعة المسجلة قبل وأثناء الهجوم على مقر الكونغرس، ما يفسح المجال أمام دفاعه للرد على الاتهامات.

وركزت الأيام الثلاثة الأولى من محاكمة ترامب على خطابه الناري لمؤيديه في الأسابيع التي سبقت هجوم السادس من يناير/ كانون الثاني، عندما ادعى الملياردير الجمهوري أن هزيمته الانتخابية على يد الديمقراطي جو بايدن كانت نتيجة تزوير، وأن الحشود بحاجة إلى "القتال" و "وقف السرقة".

وبدت مرافعات المدعين داخل مجلس الشيوخ دامغة وشديدة التأثير بتفاصيلها كما بمسؤولية ترامب في التحريض على الهجوم، وذلك بشهادة العديد من خبراء القانون وحتى بعض الجمهورين في مجلس الشيوخ. وكان الادعاء قد كسب جولة نهار الاثنين الماضي حول دستورية المحاكمة، بعد انضمام ستة جمهوريين إلى صفّه، ما أعطاه جرعة زخم منذ البداية.

واليوم الجمعة، يحين دور فريق الدفاع لتقديم مطالعته التي كان من المفترض أن تأخذ القسم الأكبر من المدة المخصصة له، 16 ساعة، موزعة على يومين. لكن الصورة تغيرت ليلة الخميس بعد لقاء محامي ترامب مع ثلاثة من أكثر المؤيدين له في مجلس الشيوخ بين صفوف الجمهوريين.

 

وحسب المحامي ديفيد سكون، لن يستغرق رد الدفاع لتفنيد حيثيات الادعاء سوى ثلاث أو أربع ساعات، تليه جولة الأسئلة والأجوبة لمدة أربع ساعات أو أقل؛ لتعقبها محاججة ختامية مقتضبة لكلا الطرفين. وبذلك صار من المتوقع أن تنتهي المحاكمة إلى التصويت في وقت ما غداً السبت بدلاً من الأسبوع المقبل. 

الاختصار جاء في أعقاب معلومات عن عدم ارتياح ترامب لأداء محاميه يوم الاثنين، وربما تنفيذاً لتوجيهات السيناتورات الثلاثة ودعوتهم لاتباع استراتيجية تقليل الخسائر بعد الأداء الركيك للدفاع في مقابل العرض الوقائعي – الاتهامي المتماسك للادعاء. ويعود نجاح هذا الأخير إلى استعانته الموثقة بالأدلة وفق تراتبها الزمني وبما يربط بين الحدث ومقدماته المرتبطة بأسلوب ترامب وخرجاته التي استهدفت تجييش أنصاره لاقتحام مبنى الكابيتول الشهر الماضي منذ خطابه في 2017 عندما أشار إلى وجود "أشخاص جيدين جداً على كلا الجانبين"، في إشارة إلى جماعة "العرق الأبيض المتفوق" خلال المواجهة الدموية التي شهدتها مدينة شارلوتسفيل بولاية فرجينيا.

تبعت ذلك إشاراته وتحريضاته لهذه المجموعات العنصرية ودعوتها "للاستعداد وانتظار اللحظة المناسبة" ومطالبتها بمهمات انتخابية – سياسية مثل "تحرير" ولاية ميشيغن قبيل الانتخابات وهجوم عناصر مسلحة منها على كونغرس الولاية، بالإضافة إلى تخطيط هذه الفئة لاختطاف حاكمتها، غريتشن ويتمر. 

وتابع الادعاء هذه السردية مع تقديم وقائع مصورة جديدة، من خلال التذكير بتغريدات وخطابات الرئيس السابق والتي كان آخرها خطابه يوم 6 يناير/ كانون الثاني الذي كان بمثابة عود الكبريت الذي فجّر الهجوم على الكونغرس. وتعززت هذه التهمة من خلال شهادات مصورة قدمها بعض الذين شاركوا في الاجتياح والتي تقاطعت عند الاعتراف بأنهم جاؤوا إلى "التظاهرة – الهجمة" بناء على طلب الرئيس ترامب. وبذلك تمكن الادعاء من تقديم صورة متكاملة لمشهد الاجتياح وخلفياته، بما يعزز الاعتقاد بأن العملية كانت مخططاً لها "عن قصد وتصميم" وبتشجيع من الرئيس ترامب. 

تقديم أدلة الادعاء بهذه الصورة ضيّق فسحة الحركة أمام الدفاع المتوقع أن تتمحور ردوده حول نقاط قليلة جرى تخفيف وزنها مسبقاً. الرد بعدم دستورية محاكمة رئيس سابق سقط بالتصويت في مجلس الشيوخ، فضلاً عن نقضه من جانب معظم المرجعيات الدستورية.

كذلك من المتوقع أن يتذرع الدفاع بأن ترامب استخدم في خطابه عبارة "سلمية" في دعوته للتوجه إلى الكونغرس، علماً بأنه تلفّظ بها مرة واحدة مقابل تشديده مرات عدة على "وجوب القتال وبقوة". وهي ذريعة يقول الادعاء إنها سقطت هي الأخرى عندما امتنع ترامب طوال ساعات اقتحام الكونغرس ورغم المناشدات، عن توجيه نداء إلى المهاجمين لمغادرة المبنى.

وقد يثير الدفاع نقطة أن خطاب ترامب هذا يندرج ضمن حرية التعبير التي يكفلها الدستور طالما أنه لا يدعو صراحة إلى العنف. ومع أنها نقطة وجيهة من الناحية القانونية، إلا أن السياق الذي حكم الخطاب كما فصل بذلك المدعون  يرجح في أحسن الأحوال الشكوك في مقاصده.

 

وبالرغم من أداء المدعين الديمقراطيين الموفق، إلا أنه لا يوجد سوى أمل ضئيل بأن تتم إدانة ترامب، بما أن ذلك يحتاج إلى موافقة ثلثي أعضاء المجلس، وهو ما يعني تأييد 17 عضواً جمهورياً على الأقل. لكن الديمقراطيين قد كسبوا الحكم على ما يبدو في محكمة الرأي العام. بالإضافة إلى الاعتقاد بأنه لو كان التصويت بصورة سرية لكان وقف أكثر من هذا العدد مع الديمقراطيين. العلنية وحسابات الانتخابات، "والجُبن" كما يرى البعض، تحول دون ذلك حتى الآن.

وبهذا المعنى، فإن المحاكمة الجارية هي للحزب الجمهوري أكثر مما هي للرئيس السابق، وبنتائجها يتقرر ما إذا كان بإمكانه "التحرر" من ترامب أو الارتهان له، مع احتمال انفراطه بدرجة أو بأخرى، في الحالتين. وبدايات الافتراق بدأت تتشكل، إذ أعلنت مجموعة من 120 شخصية حزبية عن عزمها على البدء بتأسيس حزب جديد. ترامب سيكون في كل الأحوال نقطة تحوّل في السياسة الأميركية.

المساهمون